إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث أم رومان: بينما أنا مع عائشة جالستان

          3388- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ) البِيْكنديُّ قال: (أَخْبَرَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ) محمَّدٌ، وجدُّه غزوان الكوفيُّ قال: (حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ) _بضمِّ الحاء وفتح الصَّاد المهملتين مُصغَّرًا_ ابن عبد الرَّحمن (عَنْ شَقِيقٍ) أبي وائلٍ هو ابن سلمة، وفي الفرع وأصله: ”عن سفيان“ (عَنْ مَسْرُوقٍ) هو ابن الأجدع أنَّه (قَالَ: سَأَلْتُ أُمَّ رُومَانَ) _بضمِّ الرَّاء_ بنت عامرٍ (وَهْيَ أُمُّ عَائِشَةَ) أمِّ المؤمنين ☻ ، وقد قيل: إنَّ مسروقًا لم يسمع من أمِّ رومان لتقدُّم وفاتها، فيكون حديثه منقطعًا، وقال أبو نُعَيمٍ: بقيتْ بعد النَّبيِّ صلعم دهرًا طويلًا. وحينئذٍ فالحديث متَّصلٌ وهو الرَّاجح. وقول عليِّ بن زيد بن جُدْعان الرَّاوي: «إِنَّ وفاة أمِّ رومان سنة ستٍّ» ضعيفٌ لا يُحتَجُّ به، وقول الخطيب: «الصَّواب أن يُقرأ: «سُئِلت أمُّ رومان» مبنيًّا للمفعول» مردودٌ بقول مسروقٍ في «المغازي» [خ¦4143]: حدَّثتني أمُّ رومان (عَمَّا) ولأبي ذرٍّ عن الكُشْميهَنيِّ: ”لمَّا“ (قِيلَ فِيهَا) أي(1): في عائشة (مَا قِيلَ) من الإفك (قَالَتْ: بَيْنَمَا) بالميم (أَنَا مَعَ عَائِشَةَ جَالِسَتَانِ إِذْ وَلَجَتْ) أي: دخلت (عَلَيْنَا امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ) لم تُسَمَّ (وَهْيَ تَقُولُ: فَعَلَ اللهُ بِفُلَانٍ) مسطح بن أثاثة (وَفَعَلَ. قَالَتْ) أمُّ رومان: (فَقُلْتُ) للأنصاريَّة: (لِمَ) تقولين: فعل الله بفلانٍ وفعل؟ (قَالَتْ: إِنَّهُ نَمَى ذِكْرَ الحَدِيثِ) أي: حديث الإفك، و«نَمَى»: بتخفيف الميم في الفرع، ونسبه في «المطالع» لأبي ذرٍّ، وقال الحربيُّ وغيره: مشدَّدٌ(2)، وأكثر المحدِّثين يخفِّفونه، يُقال: نَمَيتُ الحديث أَنْميه، إذا بلَّغته على وجه الإصلاح وطلب الخير، فإذا بلَّغته على وجه الإفساد والنَّميمة؛ قلت: نَمَّيته _بالتشديد_ (فَقَالَتْ عَائِشَةُ: أَيُّ حَدِيثٍ) نَمَاه؟ قالت أمُّ رومان: (فَأَخْبَرَتْهَا) بقول أهل الإفك (قَالَتْ: فَسَمِعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَرَسُولُ اللهِ صلعم ؟! قَالَتْ) أمُّ رومان: (نَعَمْ) سمعاه (فَخَرَّتْ) عائشة (مَغْشِيًّا عَلَيْهَا، فَمَا أَفَاقَتْ إِلَّا وَعَلَيْهَا حُمَّى بِنَافِضٍ) أي: ملتبسةً بارتعادٍ (فَجَاءَ النَّبِيُّ صلعم فَقَالَ: مَا لِهَذِهِ؟) يعني: عائشة، قالت أمُّ رومان: (قُلْتُ: حُمَّى أَخَذَتْهَا مِنْ أَجْلِ حَدِيثٍ تُحُدِّثَ) بضمِّ الفوقيَّة والحاء المهملة مبنيًّا للمفعول (بِهِ) عنها (فَقَعَدَتْ) عائشة (فَقَالَتْ: وَاللهِ لَئِنْ حَلَفْتُ) لكم إنِّي لم أفعل ما قيل (لَا تُصَدِّقُونِي) ولأبي ذرٍّ: ”لا تصدِّقونني“ (وَلَئِنِ اعْتَذَرْتُ لَا تَعْذِرُونِي) ولأبي ذرٍّ: ”لا تعذرونني“ (فَمَثَلِي وَمَثَلُكُمْ) أي: صفتي وصفتكم (كَمَثَلِ يَعْقُوبَ‼ وَبَنِيهِ) حيث صبر صبرًا جميلًا، وقال: ({وَاللّهُ (3) الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ}[يوسف:18]) أي: على احتمال ما تصفونه (فَانْصَرَفَ النَّبِيُّ صلعم ، فَأَنْزَلَ اللهُ) ╡ (مَا أَنْزَلَ) في براءتها (فَأَخْبَرَهَا) النَّبيُّ صلعم بذلك (فَقَالَتْ: بِحَمْدِ اللهِ، لَا بِحَمْدِ أَحَدٍ) قال بعض أصحاب عبد الله بن المبارك له(4): أنا أستعظم هذا القول. فقال: ولَّت الحمد أهله، ذكره في «المصابيح»، ولعلَّها تمسَّكت بظاهر قوله ╕ لها(5): «احمدي الله» كما في الرِّواية الأخرى [خ¦2661] ففهمت منه أنَّه أمرها بإفراد الله بالحمد.


[1] «أي»: ليس في (د).
[2] في (د): «مشدَّدًا».
[3] في (ج) و(ل): «فالله».
[4] «له»: ليس في (د).
[5] «لها»: ليس في (د).