التلقيح لفهم قارئ الصحيح

حديث: أشعرت أنه قد أذن لي في الخروج.

          4093- قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه حَمَّاد بن أسامة.
          قوله: (اُخْرُجْ أَخْرِجْ مَنْ(1) عِنْدَكَ): الأولى بهمزة وصلٍ، وضمِّ الراء، فعل أمرٍ من خرج، والثانية بالفتح، وكسر الراء، أمرٌ(2) من الرُّباعيِّ، والله أعلم. /
          قوله: (إِنَّمَا هُمَا ابْنَتَايَ)؛ يعني: عائشة وأسماء، وهذا ظاهرٌ، وقد جاءه بعد وفاته بنت أخرى، وهي أمُّ كلثوم، أمُّها حبيبة بنت خارجة، ولدتها بعد وفاته، والله أعلم.
          قوله: (فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ الصُّحْبَةَُ): يجوز في (الصحبة) النَّصْب والرَّفع، وإعرابهما ظاهرٌ، وكذا (الصُّحْبَةَُ) الثانية.
          قوله: (عِنْدِي نَاقَتَانِ...) إلى أن قال: (فَأَعْطَى النَّبِيَّ صلعم إِحْدَاهُمَا وَهيَ الْجَدْعَاءُ): تَقَدَّم أنَّه اشتراهما بثمان مئة من نَعم بني قشير [خ¦2138]، وتَقَدَّم أنَّ النوق _الجدعاء والعضباء والقصواء_ هل هن ثلاث، أو اثنتان، أو واحدة؟ خلاف [خ¦2871]، والله أعلم، وقد ذكر ابن سيِّد الناس في أواخر «سيرته»: (وكانت له ناقة هاجَرَ عليها تسمَّى: القصواء، والجدعاء، والعضباء)، انتهى، فصريحه أنَّ الأسامي الثلاثة لمسمًّى واحد، وكذا قال إبراهيم التيميُّ وغيرُه، ولم يكن بالعضباء عَضْبٌ ولا جَدْعٌ، وإنمَّا سُمِّيَت بذلك، وقيل: كان بأذنها عَضْبٌ، وعبارة بعضهم: (ومن الإبل القصواء _قيل: وهي التي هاجر عليها_ والعضباء والجدعاء ولم يكن بها عَضْب ولا جَدْع، وإنَّما سُمِّيَت بذلك، وقيل: كان بأذنها عَضْب، وهل العضباء والجدعاء واحدة، أو اثنتان؟ فيه خلافٌ)، فعبارته صريحةٌ أنَّ القصواء واحدة، وإنَّما اختلف في العضباء والجدعاء؛ هل هما اثنتان أو واحدة؟ وعبارةُ آخرَ: (والعضباء، والقصواء، والجدعاء، ويقال: هنَّ واحدة)، انتهى.
          وعبارات الناس مختلفة فيما وقعت عليه، وفي «مسلم» في (النذور): (وأصابوا العضباء...) إلى آخر الحديث، ففيه أنَّ العضباء ناقةٌ أخرى، وأنَّها غير التي هاجر عليها، وهي الجدعاء؛ لأنَّ العضباء غُنِمت من رجل من بني عُقيل، وصارت للنَّبيِّ صلعم، والله أعلم، وتَقَدَّم قوله: (بِالثَّمَنِ): ما الحكمة في أنَّه لم يأخذها إلَّا بالثمن فيما تَقَدَّم [خ¦2138].
          قوله: (وَهوَ بِثَوْرٍ): هو بالثاء المُثلَّثة، جبل بمكَّة، وهو الذي اختبأ فيه النَّبيُّ صلعم وأبو بكر ☺.
          قوله: (فَكَانَ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ غُلَامًا لِعَبْدِ اللهِ بْنِ الطُّفَيْلِ ابْنِ سَخْبَرَةَ أَخُو عَائِشَةَ لأُمِّهَا): قال الدِّمياطيُّ في (عامر بن فهيرة): (فأسلم وهو مملوك، فاشتراه أبو بكرٍ من الطفيل، فأعتقه، وكان أسود اللَّون)، انتهى.
          ونبه الدِّمياطيُّ على مكان آخر في الرواية، وهو في قوله: (لعبد الله بن الطفيل ابن سَخْبَرة أخو عائشة لأمِّها)، فقال بعد (الطفيل) ما لفظه: (ابن عبد الله بن الحارث بن سَخْبَرة، له في «سنن ابن ماجه» _يعني: للطفيل_ حديث واحد في «النهي عن أن يقال: ما شاء الله، وشاء محمَّد»، كان عبد الله ابن الحارث بن سَخْبَرة قدم هو وزوجتُه أمُّ رومان زينبُ مكَّة، فحالف أبا بكرٍ قبل الإسلام، وتُوفِّي عن أمِّ رومان، وقد ولدت له الطُّفيل، فخلف عليها أبو بكر، فولدت له عبد الرحمن، وعائشة؛ فهما أخوا الطفيل، فعلى هذا صوابه أن يقال: الطفيل: هو أخو عائشة لأمِّها، لا ابنه عبد الله كما قال البُخاريُّ؛ فليُتنبَّه له)، انتهى، وهو مكان حسن أيضًا، وكم له من مكان مثله!
          قوله: (أَخُو): كذا في أصلنا، وفي نسخة الدِّمياطيِّ: (أخي)، وهذه لا كلام فيها، و(أخو) التي في أصلنا: خبر مبتدأ محذوف؛ تقديره: وهو أخو، والله أعلم.
          قوله: (وَكَانَتْ لِأَبِي بَكْرٍ مِنْحَةٌ): تَقَدَّم ما (المنحة) [خ¦2567].
          قوله: (فَيَدَّلِجُ إِلَيْهِمَا): تَقَدَّم الكلام على (الإدلاج) فيما مضى [خ¦25/151-2774].
          قوله: (ثُمَّ يَسْرَحُ): هو بفتح أوَّله، وسكون ثانيه، ومعناه معروفٌ.
          قوله: (فَلَا يَفْطُنُ): هو بضمِّ الطاء، وكذا في أصلنا.
          قوله: (يُعْقِبَانِهِ): تَقَدَّم أنَّ معناه: يُردفانه [خ¦3905].
          قوله: (فَقُتِلَ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ يَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ): (قُتِل): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و(عامرُ): مرفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل، ثُمَّ اعلم أنَّ الذي قَتَل عامرَ بن فُهيرة هو عامرُ بن الطفيل، كذا في «سيرة ابن سيِّد الناس»، ونَقَلَ أيضًا عن ابن سعد: (أنَّ الذي قتله جَبَّارُ بن سُلمى)، وفي «الاستيعاب» لابن عبد البَرِّ في ترجمة جبَّار بن سُلمى: (أنَّه هو الذي قتل عامر بن فُهيرة يوم بئر معونة، ثُمَّ أسلم بعد ذلك، ذكره إبراهيم(3) بن سعد عن محمَّد بن إسحاق)، انتهى، وفي «الاستيعاب» أيضًا في ترجمة عامر بن فُهيرة: (أنَّ الذي قتله عامرُ بن الطفيل)؛ فتناقض، وحصل في قاتله قولان؛ هل هو جبَّار بن سُلمى، وقد أسلم، أو عامر بن الطفيل، وقد تَقَدَّم أنَّه هلك على كفره؛ خلافًا للمستغفريِّ [خ¦4091]، والله أعلم.
          قوله: (وَعَنْ أَبِي أُسَامَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه حَمَّاد بن أسامة، وهذا معطوف على السند الذي قبله، وليس تعليقًا، ويوضِّحه أنَّ المِزِّيَّ قال في «تطريفه»: (من طريق حَمَّاد بن أسامة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة...)، فذكر الذي قبله، ثُمَّ قال: (وزاد فيه _يعني: وزاد فيه حَمَّاد بن أسامة، عن هشام، عن أبيه_ قال: لمَّا قُتِل الذين ببئر معونة، وأُسِر عمرو بن أميَّة؛ قال له عامر بن الطفيل... وساقه)، انتهى، فهذا يوضِّح لك أنَّه ليس تعليقًا، والله أعلم، انتهى، وهذا مرسلٌ؛ لأنَّ عروة تابعيٌّ ذكر قصَّةً لم يدركها، انتهى.
          قوله: (حَتَّى إِنِّي لأَنْظُرُ): (إنِّي)؛ بكسر الهمزة.
          فائدةٌ: في «سيرة ابن سيِّد الناس» ما لفظه: (ومن طريق يونس ابن بُكير، عن ابن إسحاق، عن هشام بن عروة، عن أبيه قال: لمَّا قدم عامر بن الطفيل على رسول الله صلعم؛ قال له: مَن الرجلُ الذي لمَّا قُتِل رأيتَه رفع بين السماء والأرض، حتَّى رأيتَ السماء دونه، ثُمَّ وُضِع؟ فقال له: [هو] «عامر بن فُهيرة»، وروى ابن المبارك، عن يونس، عن ابن شهاب، قال: «زعم عروة بن الزُّبَير أنَّ عامر بن فُهيرة قُتِل يومئذٍ، فلم يُوجد جسدُه حين دفنوا، يرون أنَّ الملائكة دفنته ☼»، والله أعلم بالصواب)، انتهى.
          قوله: (ثُمَّ وُضِعَ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، وهذا ظاهرٌ.
          قوله: (عُرْوَةُ بْنُ أَسْمَاءَ بْنِ الصَّلْتِ): هو حليف لبني عمرو بن عوف؛ ذكره محمَّد بن عمر الواقديُّ في (أصحاب بئر معونة) ☺.
          قوله: (فَسُمِّيَ عُرْوَةَُ بِهِ): (سُمِّيَ): مبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعله، و(عروة): يجوز فيه النَّصْب على أنَّه مفعولٌ ثانٍ، ويجوز رفعه، و(عروة) ما المراد به شخصًا معيَّنًا فيما ظهر لي، وإنَّما المراد أنَّه سُمِّيَ باسمه بعد ذلك، وكذا (مُنْذِرٌ)؛ يعني: بعد وفاته سَمَّى الناس منذرًا، والله أعلم، ثُمَّ إنَّي رأيت بعضهم قال: (قيل: معناه: أنَّ الزُّبَير بن العوَّام سمَّى ابنه عروة باسم عروة، وسمَّى ابنه المنذر باسم المنذر ابن عمرو، والصواب على هذا التقدير: أن يقال: وسُمِّي به «منذرٌ»؛ بالرَّفع، والذي ثبت في النسخ: «منذرًا»؛ بالنَّصْب، ويمكن أن يوجَّه على مذهب الكوفيِّين بإقامة الجارِّ إقامة الفاعل، ثُمَّ إنَّي رأيت في «الصحيحين»: أنَّه ◙ أُتيَ بمولود لأبي أُسيد، فقال: «ما اسمُه؟» فقال: فلان، فقال ◙: «لا، ولكن اسمه المنذر»، قال النَّوويُّ في «شرح مسلم»: «قالوا: سببُ تسميته ◙ بالمنذر: أنَّ ابن عمِّ أبيه المنذر بن عمرو، وكان قد استُشهد ببئر معونة، فتفاءل به؛ ليكون خلفًا منه»)، انتهى، وما قاله في «شرح مسلم» صحيحٌ، والله أعلم.
          قوله: (وَمُنْذِرُ بْنُ عَمْرٍو): قال الدِّمياطيُّ: (وهو أحد نقيبَي بني ساعدة، والآخر: سعد بن عُبادة، وكان على الميسرة يوم أُحُد، وأميرَ القوم يوم بئر معونة)، انتهى، هو المنذر بن عمرو بن خنيس بن حارثة بن لُـَوذان بن عبد ودِّ بن ثعلبة بن الخزرج بن ساعدة بن كعب بن الخزرج الأنصاريُّ الساعديُّ، وهو المعروف بالمُعنِق للموت، وبعضهم يقول: أعنق ليموت، صحابيٌّ شهيرٌ، شهد العقبة، وبدرًا، وأُحُدًا، وكان أحدَ النقباء ليلة العقبة، وكان يكتب في الجاهليَّة بالعربيِّ، وآخى رسولُ الله صلعم بينه وبين طُليب بن عمير في قول الواقديِّ، وقال ابن إسحاق: (آخى بينه وبين أبي ذرٍّ)، وأبو ذرٍّ يومئذٍ غائب عن المدينة، لم يشهد بدرًا، ولا أُحُدًا، ولا الخندق، وإنَّما قدم بعد ذلك، وقد قَطعتْ بدر المؤاخاةَ، والله أعلم، وقد تَقَدَّم معنى قوله: (وسُمِّي به منذرًا)، والله أعلم. /


[1] كذا في (أ) و(ق)، وفي «اليونينيَّة»: (فقال: أَخرِج مَن)، وفي هامشها: (اُخرُج، رواية أبي ذرٍّ والأصيلي وابن عساكر وأبي الوقت).
[2] في (أ): (بالفتح أمر وكسر الراء)، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.
[3] في (أ): (محمد)، والمثبت من مصدره، وهو الموافق لما أسنده الدارقطني في «المؤتلف والمختلف» ░1/399▒ عن محمد بن سليمان: حدثنا أحمد بن محمد بن أيوب: حدثنا إبراهيم بن سعد عن ابن إسحاق.