التلقيح لفهم قارئ الصحيح

حديث: بعث النبي سريةً عينًا وأمر عليهم عاصم بن ثابت

          4086- قوله: (عَنْ مَعْمَرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بميمين مفتوحتين، بينهما عين مهملة، وأنَّه ابن راشد، وتَقَدَّم (الزُّهريُّ): أنَّه محمَّد بن مسلم ابن شهابٍ، وكذا تَقَدَّم (عَمْرُو بْنُ أَبِي سُفْيَانَ الثَّقَفِيُّ)، وأنَّ الصحيح أنَّه (عَمرو) بفتح العين، وزيادة واو، ووالده (أَسِيد): بفتح الهمزة، وكسر السين، في (الجهاد) [خ¦3045]، و(أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرحمن بن صخر على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.
          قوله: (سَرِيَّةً عَيْنًا): تَقَدَّم أنَّ (السريَّة): قطعة من الجيش يبلغ أقصاها أربع مئة، تُبعث إلى العدوِّ، وجمعها: السرايا، سُمُّوا بذلك؛ لأنَّهم يكونون خلاصة العَسكر وخيارهم، من الشيء السريِّ، وقيل: سُمُّوا بذلك؛ لأنَّهم ينفذون سِرًّا وخُفية، وليس بالوجه؛ لأنَّ لام السرِّ راءٌ، وهذه ياء؛ قاله ابن الأثير، وتَقَدَّم ما قاله يعقوب، وكذا ما قاله الخليل فيها [خ¦36]، و(عينًا): والعين: الذي يتجسس الأخبار.
          وكذا تَقَدَّم الكلام على قوله: (وَهوَ جَدُّ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ) وإنَّما هو خاله؛ لأنَّ عاصم ابن عمر بن الخَطَّاب أمُّه جَميلة بنت ثابت، أخت عاصم بن ثابت [خ¦3045]، وكذا ذكر هذا التغليط ابن قُرقُول، ولفظه: (جدَّ عاصم بن عمر بن الخَطَّاب: كذا وقع، وهو وهم، وإنَّما هو خال عاصم لا جدُّه، وإنَّما جدُّه ثابت أبوه، وأمُّ عاصم بن عمر بن الخَطَّاب أمُّ جميل ابنة ثابت؛ كذا قال مصعب الزُّبَيريُّ ومحمد بن سعد، قال: لو كان مخفوضًا؛ لصحَّ في الأمِّ على أن يكون بدلًا من «ثابت»، لكنَّه منصوب بدلًا من «عاصم»)، انتهى، وقوله: (أُمُّ جميل): كذا في نسختي، وصوابه: (جميلة)؛ بحذف (أمّ)، وزيادة التاء في آخرها، وهي صحابيَّةٌ معروفةٌ، والله أعلم.
          وكذا تَقَدَّم (لَـِحْيَانُ): أنَّه بكسر اللام وفتحها؛ قبيلة من هُذيل بن مُدركة بن إلياس بن مُضَر، قال شيخنا: (وعند الدمياطيِّ(1) أنَّهم بقايا من جُرهم)، انتهى، وتَقَدَّم أيضًا (لَجَؤُوا): أنَّه بهمزة في آخره [خ¦3045]، وكذا (الفَدْفَدُ) ضبطًا، وما هو [خ¦2995]، قال في «المطالع»: (الفلاة من الأرض لا شيء فيها، وقيل: الغليظة من الأرض ذات الحصى، وقيل: الجَلد من الأرض في ارتفاع)، والقولُ الثالث هنا أظهر، وكذا قوله: (أَمَّا أَنَا): أنَّه بفتح الهمزة، وتشديد الميم، وكذا (الذِّمَّةُ): الأمان، وقيل: العهد، وكذا تَقَدَّم ضبط (خُبَيْبٍ)، وقد تَقَدَّم نسبه وما فيه، و(زَيْدٌ): هو ابن الدَّثِنة، وأنَّه بفتح الدال المهملة، وكسر الثاء المُثلَّثة وتُسكَّن، ثُمَّ نون، وتَقَدَّم أنَّ (الرجل الثالث) عبدُ الله بن طارق الظفريُّ، وقيل: ابن طارق بن عَمرو بن مالك البلويُّ، بدريٌّ، قُتِل يوم الرجيع كما هنا، وجعلهما ابن سعد اثنين، وأنَّهما أخوان، والله أعلم [خ¦3045].
          قوله: (أَوْتَارَ قِسِيِّهِمْ): هو بتشديد الياء؛ جمع قوس، والقوس يذكَّر ويؤنَّث، ويجمع أيضًا على أقواسٍ وقِيَاسٍ.
          قوله: (فَقَالَ الرَّجُلُ الثَّالِثُ): تَقَدَّم أعلاه وقبله [خ¦3989] أنَّه عبد الله بن طارق.
          قوله: (فَاشْتَرَى خُبَيْبًا بَنُو الْحَارِثِ بْنِ عَامِرِ بْنِ نَوْفَلٍ): وفي رواية ابن إسحاق التي تَقَدَّمت المرسلة: أنَّه ابتاع خُبيبًا حُجَيْرُ بن أبي إهاب التميميُّ حليفُ بني نوفل لعقبة بن الحارث بن عامر ليقتله، فاجمع بين القولين، و(حُجَيْر): بضمِّ الحاء المهملة، وفتح الجيم، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ راء؛ تميميٌّ، حليف بني نوفل، أسلم بعد ذلك، وله صحبة، روت عنه مولاته مارية حديثًا.
          تنبيهٌ هو فائدةٌ: إن قيل: من باع خُبيبًا؟ فالجواب: أنَّ في «سيرة ابن إسحاق» في شعر حسان: [من الطويل]
شَرَاهُ زُهَيْرُ بنُ الأَغَرِّ وَجَامِعٌ                     وَكَانَا جَمِيْعًا يَرْكَبَانِ المَحَارِمَا
          قال ابن هشام: (زهيرٌ وجامعٌ الهُذَلِيَّان اللذان باعا خُبيبًا)، انتهى. /
          قوله: (وَكَانَ خُبَيْبٌ هُوَ قَتَلَ الْحَارِثَ يَوْمَ بَدْرٍ): تَقَدَّم أنَّ هذا هو خُبيب بن عديٍّ [خ¦3045]، ولكنَّ هذه الرواية التي هنا سالمةٌ من الوهم، فإنَّه لم ينسب خُبيبًا، وقد ذكرتُ أنَّ ذلك ليس عندهم بمعروفٍ؛ أنَّ خبيب بن عديٍّ هو قتل الحارث بن عامر يوم بدر، وإنَّما الذي قتل الحارث بن عامر خُبيب ابن إساف بن عنبة بن عمرو بن خَدِيج بن عامر بن جُشَم بن الحارث بن الخزرج، وقد ذكر ابن سيِّد الناس في «سيرته» في المشاهير مِن قتلى بدر: (أنَّ قاتل الحارث بن عامر عليُّ بن أبي طالب)، انتهى، وخُبيب بن عديٍّ لم يشهد بدرًا عند أحد من أرباب المغازي، وقد نبَّه على ذلك ابن سيِّد الناس في بعث الرَّجيع في «سيرته».
          قوله: (فاسْتَعَارَ(2) مُوسًى مِنْ بَعْضِ بَنَاتِ الْحَارِثِ): سيأتي في هذا الحديث أنَّها التي رأته يأكل قِطفًا، قال ابن عبد البَرِّ في «استيعابه»: (مارية _أو ماوية_ مولاة حُجَيْر بن أبي إهاب التميميِّ حليف بني نوفل هي التي حُبِس خُبيب في بيتها)، ثُمَّ ذكر عن أبي جعفر العُقيليِّ بإسناد أبي جعفرٍ ما معناه: أنَّه حُبِس خُبيب في بيتها، وفي يده قطف عنب مثل رأس الرجل يأكل منه، ذكرها أبو عمر في الصَّحابة، والظَّاهر أنَّ هذه غير التي في «الصحيح»؛ لأنَّ التي في «الصحيح»: (من بعض بنات الحارث)، وما قاله أبو عُمر: إنَّها رأته كغيرها، ويمكن تأويل ما في «البُخاريِّ» على بُعد، وقد تَقَدَّم ذلك في (الجهاد) في (باب هل يستأسر الرجل)، وقد تَقَدَّم أنَّ المِزِّيَّ سمَّى بنت الحارث زينبَ عن «كتاب خلف»، وذكرت هذه المسألة مطوَّلة؛ فانظرها من (الجهاد) [خ¦3045]، وقريبًا أيضًا [خ¦3989].
          قوله: (مُوسًى): (موسى): مُنَوَّن، ويجوز عدم تنوينه.
          قوله: (لِيَسْتَحِدَّ بِهَا): الاستحداد: حلق العانة بالحديد، والموسى يُذكَّر ويُؤنَّث.
          قوله: (عَنْ صَبِيٍّ لِي فَدَرَجَ إِلَيْهِ): هذا الصبي تَقَدَّم أنَّه أبو الحسين بن الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف، ومن ولده عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي الحسين المحدِّث، ذكره السُّهيليُّ والدِّمياطيُّ، ولفظ السُّهيليِّ: (فقيل: هذا أبو حُسين بن الحارث بن عامر(3) بن نوفل بن عبد مناف، قاله الزُّبَير، وهو جدُّ عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين الذي يروي عنه مالك في «الموطأ») انتهى، ولا أعلم له ترجمة، وقد تَقَدَّم هذا [خ¦3045].
          قوله: (ذَلِكِ): هو بكسر الكاف؛ لأنَّه خطابٌ لمؤنَّث، وهذا ظاهرٌ.
          قوله: (لَقَدْ رَأَيْتُهُ يَأْكُلُ فِي(4) قِطْفِ عِنَبٍ): تَقَدَّم الكلام على الرائية أعلاه، وفي (الجهاد) أيضًا [خ¦3045].
          قوله: (ثَمَرَةٌ): هي بفتح الثاء المُثلَّثة، وهذا ظاهرٌ جدًّا.
          قوله: (فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ سَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ عِنْدَ الْقَتْلِ): تنبيهٌ: ذكر أبو عُمر بن عبد البَرِّ في ترجمة زيد ابن حارثة ☻ في «الاستيعاب»: (أنَّه صلَّاهما)، وقصَّة زيد بمكَّة قبل هذه بزمن طويل، قال مغلطاي في «سيرته الصغرى» في الرَّجيع: ذُكِر ما هنا عن خُبيب، ثُمَّ عقَّبه بقوله: (وقيل: أسامة بن زيد حين أراد المُكْرِي الغدرَ به؛ كذا ذكره بعضهم، وكأنَّ الصواب: زيد، والله أعلم)، انتهى، وقد تَقَدَّم [خ¦3045].
          قوله: (اللَّهُمَّ أَحْصِهِمْ): هو بقطع الهمزة تَقَدَّم [خ¦3045]، وتَقَدَّم الكلام في (الذَّاتِ) أنَّه يأتي الكلام عليها في (التوحيد) [خ¦7401]، وتَقَدَّم الكلام [على] (الشِّلْوِ) ضبطًا ومعنًى، وعلى (المُمَزَّعِ)، وتَقَدَّم الكلام على (عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ) أبي سَـِرْوعة _بكسر السين وفتحها_ ونسبِه [خ¦3989].
          تنبيهٌ: في «سيرة ابن إسحاق»: (وحدَّثني يحيى بن عبَّاد بن عبد الله بن الزُّبَير، عن أبيه عبَّاد، عن عقبة بن الحارث قال: سمعته يقول: «والله ما أنا قتلت خُبيبًا، لَأنا أصغر من ذلك، ولكنَّ أبا ميسرة أخا بني عبد الدار أخذ الحربة، فجعلها في يدي، ثُمَّ أخذ بيدي والحربة، ثُمَّ طعنه بها حتَّى قتله»)، انتهى، والجمع معروف.
          قوله في عاصم: (وَكَانَ قَتَلَ عَظِيمًا مِنْ عُظَمَائِهِمْ): تَقَدَّم أنَّه عقبة بن أبي مُعَيْط، وقتله بالصفراء بأمر النَّبيِّ صلعم، وقيل: بل قتل عقبةَ عليُّ بن أبي طالب، والخلاف في قاتل عقبة معروفٌ [خ¦3045].
          قوله: (مِثْلَ الظُّلَّةِ): تَقَدَّم أنَّها بضمِّ الظاء المعجمة، وتشديد اللام؛ السحابة [خ¦3045].
          وقوله: (مِنَ الدَّبْرِ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الدال المهملة، وإسكان الموحَّدة، ثُمَّ راء، قال الدِّمياطيُّ: («الدَّبْر»: جماعة النحل لا واحد له من لفظه، قال الأصمعيُّ: ويجمع على دُبور، ويقال للزنابير أيضًا: دَبْر)، انتهى، وقال بعضهم: «الدَّبْر»: ذكر النحل، وقال غيره: جماعة النحل، وقيل: جماعة الزنابير، وقال السُّهيليُّ: («الدَّبْر» هنا: الزنابير، وأمَّا «الدِّبر»؛ فصغار الجراد، ومنه: ما له دِبْر؛ قاله أبو حنيفة، قال: وقد يقال للنحل أيضًا: «دَبْر» بالفتح، وواحدتها: «دَبْرة»)، انتهى، وقد تَقَدَّم الكلام عليه في (الجهاد) [خ¦3045] وقريبًا [خ¦3989].


[1] في (أ): (الرشاطي)، والمثبت من مصدره، وكذا هو في نسخة بخطِّ البرهان من «التوضيح»، وهو موافق لما في «مصابيح الجامع» ░6/471▒، و«إرشاد الساري» ░5/164▒.
[2] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و(ق): (استعار).
[3] في (أ) تبعًا لمصدره: (عدي)، وهو خطأ.
[4] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و(ق): (مِنْ).