التلقيح لفهم قارئ الصحيح

حديث: أن النبي بعث خاله أخ لأم سليم في سبعين راكبًا

          4091- قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو التَّبوذكيُّ الحافظ، وتَقَدَّم الكلام على هذه النسبة، و(هَمَّامٌ): تَقَدَّم أنَّه همَّام بن يحيى العَوْذيُّ؛ بفتح العين، وإسكان الواو، وبالذال المعجمة، والعَوْذ: بطن من الأزد، الحافظ المشهور، تَقَدَّم مترجمًا [خ¦219].
          قوله: (بَعَثَ خَالَهُ _أَخٌ لِأُمِّ سُلَيْمٍ_ فِي سَبْعِينَ رَاكِبًا): فقوله: (أخٌ): هو خبر مبتدأ محذوف؛ أي: هو أخٌ، كذا هو مجوَّد في أصلنا بالتنوين، ولو كان مُدَلَّسًا؛ لاحتمل أن يكون كُتب على نيَّة الوقف، والأقدمون يكتبون المنصوب المُنَوَّن بغير ألف، ولكنه مُنَوَّنٌ في أصلنا، والضمير في (خاله) يعود على أنس، واسمه حَرَام بن مِلحان؛ بالراء، وهو من بني عديِّ بن النجَّار، قتل يوم بئر معونة، والله أعلم.
          قوله: (وَكَانَ رَئِيسَ الْمُشْرِكِينَ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ): (رئيسَ)؛ بالنَّصْب: خبر (كان) مقدَّم، و(عامرُ)؛ بالرَّفع: هو الاسم، ويجوز من حيث العربيَّة العكسُ، وكذا رأيته في نسخةٍ صحيحةٍ قد عمل على (رئيس) ضمَّة، وكذا على (عامر) ضمَّةٌ أخرى، وصُحِّح على كل واحدٍ منهما، وإعرابُه على هذا الضبط أن يكون (خَيَّرَ): هو الخبر، و(رئيسُ): الاسم لـ(كان)، و(عامرُ): بَدَلٌ منه، وهذا أيضًا إعرابٌ صحيح، و(الطُّفَيل)؛ بضمِّ الطاء المهملة، وفتح الفاء: وهو عامر بن الطفيل بن مالك العامريُّ، سيِّد بني عامر في الجاهليَّة، روى عنه أبو أمامة، كذا ذكره المستغفريُّ في «الصَّحابة»، وأجمع أهل النقل على أنَّ عامرًا مات كافرًا، وقد أخذته غدَّةٌ كغدَّة البَكر كما هنا، نبَّه على ذلك الذَّهبيُّ، والانتقاد على المستغفريِّ في ذلك ظاهرٌ معروفٌ لا توقُّف فيه، والله أعلم. /
          قوله: (خَيَّرَ بَيْنَ ثَلَاثِ خِصَالٍ): (خَيَّر)؛ بفتح الخاء المعجمة، وتشديد المثنَّاة تحت، مبنيٌّ للفاعل، وفي الهامش نسخةٌ مكتوب عليها: (خزانة) مبنيٌّ للمفعول، وبناؤه للفاعل صُوِّب، وقد صُحِّح عليه في أصلنا، قال ابن قُرقُول: («خَيَّر»؛ بفتح الخاء لا غير، ومن ضمَّ الخاء؛ فقد أخطأ، وقلبَ المعنى)، انتهى، ولا شكَّ في صحَّة ما قاله ابن قُرقُول.
          قوله: (فَطُعِنَ عَامِرٌ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و(عامرٌ): مرفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل، ومعناه: أرسل الله عليه الطاعون؛ كما في رواية ابن إسحاق: (بعث الله على عامر بن الطفيل الطاعون في عنقه)، انتهى، وكان ذلك في سنة تسع؛ لأنَّ فيها وفد، فلمَّا خرج من عنده ◙، وكان ببعض الطريق؛ أرسل الله عليه الطاعون.
          قوله: (فِي بَيْتِ أُمِّ فُلَانٍ): هي امرأة سلوليَّة، ولا أعرف اسمها، وسلول: هو ابن صعصعة، وهم بنو مرَّة بن صعصعة، وسلول أمُّهم، وهي بنت ذُهل بن شيبان، وكان عامر بن الطفيل من بني عامر بن صعصعة؛ فلذلك اختصَّها؛ لقرب النسب بينهما حتَّى مات في بيتها، والله أعلم، قاله السهيليُّ، وقال أبو ذرٍّ في حواشيه على «السيرة الهاشميَّة»: (تأسَّف _يعني: عامرًا_ على موته في بيت امرأة من بني سلول؛ لأنَّ بني سلول قَبيلٌ موصوف عندهم باللؤم في أصولهم؛ لأنَّ مكانهم من قومهم مشهورٌ، وإنَّما هو شيءٌ غلب عليهم، وكذلك محاربٌ وباهلة»)، انتهى.
          قوله: (فَقَالَ: غُدَّةًٌ كَغُدَّةِ الْبَكْرِ): (الغُدَّة)؛ بضمِّ الغين المعجمة، وتشديد الدال المهملة: شبه الذُّبحة تجرح في الحلق، و(الغدَّة): تنبت بين الجلد واللَّحم في البعير، و(البَكْر)؛ بفتح الموحَّدة، وإسكان الكاف: هو الفتيُّ من الإبل، وأمَّا إعراب (غدةٌ)؛ فهو مرفوعٌ مُنَوَّن على الابتداء أو الفاعل، وقد ذكر السهيليُّ عن سيبويه قول عامر هذا بلفظ: (أغُدَّةً كغُدَّة البَكْر، في باب ما ينتصبُ على إضمار الفعل المتروك؛ كأنَّه قال: أَأُغَدُّ غُدَّةً؟).
          قوله: (فَانْطَلَقَ حَرَامٌ أَخُو أُمِّ سُلَيْمٍ): تَقَدَّم أنَّه بالراء؛ لأنَّه أنصاريٌّ، و(أم سُلَيم)؛ بضمِّ السين، وفتح اللام، تَقَدَّمت والاختلاف في اسمها ♦ [خ¦130].
          قوله: (وهُوَ رَجُلٌ أَعْرَجُ): كذا في أصلنا، وفي نسخةٍ في الهامش: (هو ورجل أعرج)، قال شيخنا: («وهو رجل أعرج»، كذا هنا، وفي بعض النسخ: «هو ورجل أعرج»، وهو الصواب)، انتهى، وقد كتب بعض فضلاء الحنفيَّة على ما ذكرته في الهامش: (هذه النسخة هي الصحيحة؛ لأنَّ حَرَام بن مِلحان لم يكن أعرج)، انتهى.
          وقد يدلُّ لما قاله شيخنا وما كتب في الهامش: أنَّه لمَّا ذكر ابن الجوزيِّ العُرجان في «تلقيحه»؛ لم يذكر فيهم حَرَام بن مِلحان، ويدلُّ أيضًا لما قاله شيخنا وفي الهامش دلالة بينة قوية قولُه بعدَه: (فقُتلوا كلُّهم غير الأعرج كان في رأس جبل)، وقال بعض حُفَّاظ العصر: (الأعرج: كعب ابن زيد، وهو من بني أميَّة بن زيد)، وقد قدَّمتُ اسم مَن لم يقتل منهم، وهما اثنان: عمرو بن أميَّة الضمريُّ كان في سَرْحهم، والمنذر بن عمرو، ثُمَّ قتل المنذر [خ¦2801]، وقد ارتثَّ من بين القتلى كعب ابن زيد، فعاش حتَّى قتل يوم الخندق شهيدًا، والله أعلم.
          قوله: (وَرَجُلٌ مِنْ بَنِي فُلَانٍ): قال بعض حُفَّاظ العصر: (والرجل الآخر لم يُسَمَّ، وكأنَّه عمرو ابن أميَّة الضَّمْريُّ)، انتهى.
          قوله: (مِنْ بَنِي فُلَانٍ): لا أعرف مِن بني مَن هو، والله أعلم، فإن كان عمرًا كما تَقَدَّم أعلاه؛ فإنَّه من بني ضَمْرة.
          قوله: (فَإِنْ آمَنُونِي): هو بمدِّ الهمزة، وفتح الميم.
          قوله: (أُبَلِّغْ): هو بالجزم جواب الاستفهام، وهو (أَتُؤَمِّنُونِي(1) ؟) ويجوز الرَّفع، والأوَّل أولى.
          قوله: (وَأَومَؤُوا): هو بهمزة في آخره.
          قوله: (إِلَى رَجُلٍ، فَأَتَاهُ مِنْ خَلْفِهِ): هذا الرجل لا أعرف اسمه، وقال ابن شيخنا البلقينيِّ: (إنَّه عامر بن الطفيل)، انتهى، وفيه نظرٌ، وسأذكر قريبًا أنَّ الذي قتله أسلم.
          قوله: (قَالَ هَمَّامٌ): هو المذكور في السند، همام بن يحيى العَوْذِيُّ، تَقَدَّم قريبًا.
          قوله: (أَنْفَذَهُ): هو بالفاء، والذال المعجمة، وهذا ظاهرٌ.
          قوله: (فَلُحِقَ الرَّجُلُ): (لُحِق): بضمِّ اللَّام، وكسر الحاء المهملة، مبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعله، و(الرجلُ): مرفوعٌ نائبٌ مناب الفاعِل.
          قوله: (فَقُتِلُوا كُلُّهُمْ): (قُتلوا): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و(كلُّهم): مرفوع، ورفعه ظاهرٌ.
          قوله: (غَيْرَ الأَعْرَجِ): تَقَدَّم ما ذُكر فيه أعلاه، وأنَّ (الأعرج) لا أعرف اسمه، وتَقَدَّم ما قاله فيه بعضُ حُفَّاظ العصر.
          قوله: (عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَبَنِي لَحْيَانَ وَعُصَيَّةَ): تَقَدَّم ما في ذكر (لحيان) مع هؤلاء بظاهرها؛ فانظره [خ¦2801] [خ¦4090].


[1] كذا في (أ) و(ق)، وفي «اليونينيَّة»: (أتُؤْمِنُوني).