عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

ذكر ما يستفاد منه
  
              

          ذِكْرُ مَا يُسْتَفَادُ مِنْهُ:
          فيه: إباحة الكيِّ في الحيوان، وقال قومٌ مِنَ الشَّافِعِيَّة: الكيُّ مستحَبٌّ في نَعم الزكاة، والجزية، وجائزٌ في غيرها، والمستحبُّ أن يَسم الغنم في آذانها، [والإبل، والبقر في أصول أفخاذها، وفِي رِوَايَةٍ لأَحْمَد وابْن ماجه: يَسم غنمًا في آذانها]، ووسمُ الآدميِّ حرام، وغير الآدمي في الوجه منهيٌّ عنه، وفائدته تمييز الحيوان بعضه مِن بعض، وليردَّه مَن أخذه، ومَن التقطه يعرِّفه، وإذا تصدَّق به لا يعود إليه، ويُستحَّب أن يكتب في ماشية الزكاة: زكاة أو صدقة، ونقل ابن الصبَّاغ وغيره إجماع الصحابة على ذلك، وَقالَ بَعْضُهُمْ: وفِي حَدِيثِ الباب حجَّة على مَن كره الوسم مِنَ الحَنَفيَّة بالميسم لدخوله في عموم النهي عن المُثلة، وقد ثبت ذلك مِن فعل النَّبِيِّ صلعم ، فدلَّ على أنَّهُ مخصوصٌ مِنَ العموم المذكور للحاجة، كالختان في الآدميِّ.
          قُلْت: ذكر أصحابنا في كتبهم: لا بأسَ بكَيِّ البهائم للعلامة؛ لأنَّ فيه منفعةً، وكذا لا بأسَ بِكَيِّ الصبيان إذا كان لداءٍ أصابهم؛ لأنَّ ذا مداواةٌ، وقَالَ الْمُهَلَّبُ وغيره في هَذَا الْحَدِيث: إنَّ للإمام أن يتَّخذ مَيْسَمًا، وليس للناس أن يتخذوا نظيره، وهو كالخاتم.
          وفيه: اعتناء الإمام بأموال الصدقة وتولِّيها بنفسه.
          وفيه: جواز إيلام الحيوان للحاجة.
          وفيه: قصد أهل الفضل والصلاح لتحنيك المولود لأجل البركة.
          وفيه: مباشرة أعمال المهنة، وترك الاستطابة فيها للرغبة في زيادة الأجر، ونفي الكبر.