عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب استعمال إبل الصدقة وألبانها لأبناء السبيل
  
              

          ░68▒ (ص) باب اسْتِعْمَالِ إِبِلِ الصَّدَقَةِ وَأَلْبَانِهَا لأَبْنَاءِ السَّبِيلِ.
          (ش) أَي: هَذَا بَابٌ فِي بَيَانِ استعمال إبلِ الصدقة واستعمالِ ألبانها، وَالْمُرَاد مِنَ استعمال ألبانها شربها؛ وكلا الاستعمالين لأبناء السبيل، قَالَ ابن بَطَّالٍ: غرض البُخَاريِّ في هَذَا الْبَاب إثباتُ وضع الصدقة في صنفٍ واحدٍ مِنَ الأصناف الثمانية، خلافًا للشافعيِّ الَّذِي لا يجوِّز القسمة إلَّا على الثمانية، والحجَّة قاطعة؛ لأنَّه صلعم أفرد أبناء السبيل بالانتفاع بإبلِ الصدقة وألبانها دون غيرهم، وقَالَ الكَرْمَانِيُّ: ليس حجَّةً قاطعةً ولا غير قاطعة؛ إذ الصدقة لم تكن منحصرةً عليها بالانتفاع؛ إذ الرقبة تكون لغيرهم، ولا الانتفاع بتلك المدَّة ونحوها.
          قُلْت: لا وجه لدفع كلام ابن بَطَّالٍ؛ لأنَّه صلعم لمَّا أفرد هؤلاء العُرَنِيِّين بالانتفاع بإبل الصدقة وشرب ألبانها؛ فقد أفرد صنفًا واحدًا مِنَ الثمانية، فدلَّ على جواز الاقتصار على صنفٍ واحدٍ، وَقالَ بَعْضُهُمْ عقيب كلام ابن بَطَّالٍ: وفيما قاله نظرٌ لاحتمال أن يكون ما أباح لهم مِنَ الانتفاع إلَّا بما هو قدر حصَّتهم.
          قُلْت: سبحان اللَّه، هذا نظرٌ عجيبٌ، هل كانت ههنا قسمة بين هؤلاء وغيرهم مِنَ الأصناف الثمانية حَتَّى أباح لهم ما يخصُّهم؟!