عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب أخذ صدقة التمر عند صرام النخل
  
              

          ░57▒ (ص) باب أَخْذِ صَدَقَةِ التَّمْر عِنْدَ صِرَامِ النَّخْلِ، وَهَلْ يُتْرَكُ الصَّبِيُّ فَيَمَسُّ تَمْرَ الصَّدَقَةِ؟
          (ش) أَي: هَذَا بَابٌ فِي بَيَانِ أخذ الصدقة مِنَ التَّمْر عند (صِرَام النَّخْل) بكسر الصاد الْمُهْمَلة، وهو الجِذاذ والقِطاف وَزنًا ومعنًى، وصِرَام النَّخْل: أوانُ إدراكِه، و(أصرم) حان صرامُه، والصُّرامة: ما صُرِمَ مِنَ النَّخل، ونَخلٌ صَريْم: مَصْرُومٌ، ذكره ابن سِيدَه، وفي «المغيث»: قد يكون الصِّرام النَّخْل؛ لأنَّه يُصرَم؛ أي: يُجتَنى ثمرُه، والصِّرام: التَّمْر بعينه أَيْضًا؛ لأنَّه يُصرَم، فسمِّي بالمصدر، وقال الإِسْمَاعِيليُّ: قوله: «عند صِرام النَّخْل» يريد بعد أن يصير تَمْرًا؛ لأنَّه يُصرَمُ النَّخْلُ وهو رُطَبٌ، فيَتْمر في الْمِرْبَد، ولكنَّ ذاك لا يتطاول، فحسُنَ أن يُنسَبَ إليه.
          قوله: (وَهَلْ يُتْرَكُ الصَّبِيُّ؟) ترجمةٌ أخرى، وللترجمة الأولى تَعَلُّقٌ بِقَوْلِهِ تعالى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ}[الأنعام:141].
          واختلفوا في قوله: {حَقَّهُ}[الأنعام:141] فعَنِ ابْنِ عَبَّاس: هي الواجبة، وعَنِ ابْنِ عُمَرَ: هو شيءٌ سوى الزكاة، وبِهِ قَالَ عَطَاء وغيره، وللترجمة الثانية تعلُّق بالترك، ولكنَّه ذكره بِلَفْظ الاستفهام؛ لاحتمال أن يكون النَّهي خاصًّا بمَن لا يحلُّ له تناولُ الصدقة.
          فَإِنْ قُلْتَ: الصبيُّ لا يُتوجَّه إليه الخطاب؟ قُلْت: وليُّه يخاطب بتأديبه وتعليمه.
          قوله: (فَيَمَسَّ) بالنَّصب؛ لأنَّه جوابُ الاستفهام.