عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب الصدقة على موالي أزواج النبي
  
              

          ░61▒ (ص) باب الصَّدَقَةِ عَلَى مَوَالِي أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلعم .
          (ش) أَي: هَذَا بَابٌ فِي بَيَانِ حكم الصدقة على موالي أزواج النَّبِيِّ صلعم ؛ [أي: على عتائقهنَّ، قيل: لم يترجم لأزواج النَّبِيِّ صلعم ، ولا لموالي النَّبِيِّ صلعم ]؛ لأنَّه لم يثبت عِنْدَهُ فيه شيء.
          قُلْت: روى الأئِمَّة الأَرْبَعَة _وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذيُّ_ وابنُ حِبَّان وغيره عن أَبِي رَافِع مَرْفُوعًا: «إنَّا لا تحلُّ لنا الصدقة، وإنَّ مولى القوم مِن أنفسهم»، وإليه ذهب أَبُو حَنِيفَةَ وأَحْمَد وابْن الْمَاجِشُونَ المَالِكيُّ، وهو الصَّحِيح عند الشَّافِعِيَّة، وقال غيرُهم: يجوزُ لهم لأنَّهم ليسوا منهم حقيقةً، فإذا كان الأمر كذلك؛ ما كان ينبغي الاعتذار عن البُخَاريِّ في تركه التَّرْجَمَة لأزواج النَّبِيِّ صلعم ولا لمواليه بقوله: (لأنَّه لم يثبت عِنْدَهُ فيه شيءٌ) لأنَّ البُخَاريَّ لم يلتزم أن يذكر كلَّ صَحِيحٍ [عِنْدَهُ أو عند غيره، وقيل: إِنَّما أورد البُخَاريُّ هذه التَّرْجَمَة ليُحقِّق أنَّ الأزواج لا يدخُلْنَ] ولا تحرمُ عليهنَّ الصدقة، وكذا قَالَ ابن بَطَّالٍ: إنَّ الأزواج لا يدخُلْنَ في ذلك باتِّفاق الفقهاء، فإذا لم يدخُلْنَ هنَّ فمواليهنَّ أحرى بعدم الدخول.
          قُلْت: روى الخلَّال مِنْ طَرِيقِ ابْن / أَبِي مُلَيْكَةَ عن عَائِشَة ♦ قالت: (إنَّا آلَ مُحَمَّد لا تحلُّ لنا الصدقة)، ذكره ابْن قُدَامَةَ، وقال: هذا يدلُّ عَلَى تَحْرِيمِهَا، وكذا رَوَاهُ ابن أبي شَيْبَةَ في «مصنَّفه»: حَدَّثَنَا وَكِيع عن شَريك عن ابْن أَبِي مُلَيْكَةَ: أنَّ خالدَ بن سَعِيد بْن العاص أرسل إلى عَائِشَة شَيْئًا مِنَ الصَّدَقَةِ، فردَّته فقالت: إنَّا آلَ مُحَمَّد لا تحلُّ لنا الصدقة.