عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

حديث: أما بعد فإني أتيت النبي قلت أبايعك على الإسلام
  
              

          58- (ص) حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ قَالَ: سَمِعْتُ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ ☺ يَقُولُ يَوْمَ مَاتَ المُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، قَامَ فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَالَ: عَلَيْكُمْ بِاتِّقَاءِ اللهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَالوَقَارِ وَالسَّكِينَةِ، حَتَّى يَأْتِيَكُمْ أَمِيرٌ، فَإِنَّمَا يَأْتِيكُمُ الآنَ، ثُمَّ قَالَ: اسْتَعْفُوا لأَمِيرِكُمْ؛ فَإِنَّهُ كَانَ يُحِبُّ العَفْوَ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ؛ فَإِنِّي أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلعم قُلْتُ: أُبَايِعُكَ عَلَى الإِسْلَامِ، فَشَرَطَ عَلَيَّ: «وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ»، فَبَايَعْتُهُ عَلَى هَذَا، وَرَبِّ هَذَا المَسْجِدِ؛ إِنِّي لَنَاصِحٌ لَكُمْ، ثُمَّ اسْتَغْفَرَ وَنَزَلَ.
          (ش) هذا الحديثُ يدلُّ على بعضِ التَّرْجَمَةِ المستلزِم للبعضِ الآخَر؛ إذِ النُّصحُ لأخيهِ المُسلِم؛ لكونِهِ مُسلمًا إنَّما هو فرعُ الإيمانِ بالله ورسولِهِ.
          بيانُ رجالِهِ: وهم أربعةٌ:
          الأوَّل: (أَبْو النُّعْمَانِ) مُحَمَّد بن الفَضْل، السدوسِيُّ البَصْرِيُّ، المعروفُ بعارِمٍ؛ بالمهملتَين، وهو لقبٌ رَديء؛ لأنَّ (العارِمَ) الشِّرِّيرُ المُفْسِدُ، يُقال: عَرمَ يَعرمُ عَرَامَةً؛ بالفتح، وصَبِيٌّ عَارِم؛ أي: شِرِّيرٌ بَيِّنُ العُرَامِ؛ بالضمِّ، وكانَ ☼بَعيدًا منه، لكن لَزِمَهُ هذا اللَّقَب، فاشْتُهِرَ بِهِ، سَمِعَ ابن المباركِ وخَلائِقَ، روى عنه البُخَاريُّ وغيرُهُ مِنَ الأعلام، قال أبو حاتمٍ: إذا حدَّثَكَ عارِمٌ؛ فاخْتُم عليه، وقال عبد الرحمن: سمعتُ أَبِي يَقول: اختلَطَ أبو النُّعمان في آخِرِ عُمرِهِ وزال عَقْلُهُ، فمَن سَمِعَ منه قبلَ الاختلاطِ؛ فسمَاعُهُ صَحيحٌ، وكتب عنه قَبل الاختلاطِ سنة أربعَ عشرةَ ومئتين، وروى عنه مُسلمٌ بواسِطَةٍ، والأربعَةُ كذلك، ماتَ سَنَةَ أربعٍ وعشرين ومئتين بالبَصْرَةِ.
          الثاني: (أَبُو عَوانَةَ) بالفَتْحِ، واسْمُهُ الوضَّاحُ اليَشْكُرِيُّ، وقد تَقدَّمَ.
          الثالثُ: (زِيَادُ بْنُ عِلَاقَةَ) بكسر العين المُهْمَلة وبالقاف، ابن مالكٍ، الثَّعلَبِيُّ؛ بالثاء المُثَلَّثة، الكوفِيُّ، أبو مالكٍ، سمع جَريرًا وعمَّهُ قُطْبَةَ بن مالكٍ وغيرَهما مِنَ الصحابة وغيرِهُم، وعنه جماعاتٌ مِنَ التابعينَ؛ منهم الأعمش، وكان يُخضِّب بالسَّواد، قال يَحيى بن مَعينٍ: ثِقَةٌ، ماتَ سنَةَ خمسٍ وعشرين ومئةٍ.
          الرابع: (جَريرٌ) ☺ .