مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب قول النبي: «الفتنة من قبل المشرق»

          ░16▒ باب قول النبي صلعم: ((الفتنة من قبل المشرق))
          فيه حديث الزهري، عن سالم، عن أبيه، عن رسول الله أنه قام إلى جنب المنبر الحديث.
          وحديث ليث، عن نافع، عن ابن عمر أنه سمع رسول الله وهو مستقبل المشرق الحديث.
          وحديث ابن عون، عن نافع، عن ابن عمر قال: ذكر رسول الله فقال: اللهم ما ذكره لنا في شأمنا، الحديث.
          وحديث سعيد بن جبير قال: خرج علينا ابن عمر، فرجونا أن يحدثنا حديثاً حسناً إلى آخره.
          ذهب الداودي إلى أنه قرناً على الحقيقة، وذكر الهروي نحوه أن قرنيه ناحيتا رأسه، وقيل: معنى قرنه: أهل حزبه وإرادته. وقال الحربي: هذا مثل، أي: حينئذ يتحرك الشيطان. ويتسلط. وقيل: القرن: القوة، أي: يطلع حين قوة الشيطان.
          وفي ((الصحاح)): قرن الشمس أعلاها، وقيل: أراد به قوماً أحداثاً بعد أن لم يكونوا. وقال الخطابي: القرن: الأصل فيه أن يضرب به المثل فيما لا يحمد من الأمور؛ كقوله ◙ في الفتنة: ((وطلوعها من ناحية المشرق ومنه يطلع قرن الشيطان)) وقال في الشمس: إنها تطلع من قرني الشيطان، والقرن: الأمة من الناس يحدثون بعد فناء آخرين.
          قال الشاعر:
إذا ما مضى القرن الذي أنت منهم                     وخلفت في قرن فأنت غريب
          وقال غيره: كان أهل المشرق يومئذ أهل كفر فأخبر ◙: أن الفتنة تكون من تلك الناحية؛ وكذلك كانت الفتنة الكبرى التي كانت مفتاح فساد ذات البين، وهي قتل عثمان، وكانت سبب وقعة الجمل وصفين، ثم ظهور الخوارج في أرض نجد والعراق وما وراءها من المشرق، ومعلوم أن البدع إنما ابتدأت من المشرق، وإن كان الذين اقتتلوا بالجمل وصفين كثير منهم أهل الشام والحجاز، فإن الفتنة وقعت في ناحية المشرق، وكان ذلك سبباً إلى افتراق كلمة المسلمين، وفساد شأن كثير منهم إلى يوم القيامة، وكان سيدنا رسول الله صلعم يحذر من ذلك ويعلم به قبل وقوعه، وذلك من دلالات نبوته.
          قوله: (ثكلتك أمك) هو بكسر الكاف؛ أي: عوقبتك، والفتنة هنا الكفر، قال الخطابي: نجد: ناحية المشرق، ومن كان بالمدينة / كان نجده بادية العراق ونواحيها، وهي مشرق أهلها، وأصل النجد ما ارتفع من الأرض بخلاف الغور فإنه ما انخفض منها، وتهامة كلها من الغور ومنها مكة، قال: والفتن تبدو من المشرق، ومن ناحيتها يخرج يأجوج ومأجوج والدجال في أكثر ما يروى من الأخبار وقال الداودي: نجد من ناحية العراق. وقال كعب: بها الداء العضال وهو الهلاك في الدين، رواه ابن القاسم عن مالك، روى عنه مطرف أنه أبو زيد وأصحابه، وهذا ينزه عن مالك والله أعلم هل قاله وبها تسعة أعشار السحر ذكره كله ابن التين.