مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب التعرب في الفتنة

          ░14▒ باب التعرب في الفتنة
          فيه حديث سلمة بن الأكوع دخل علي الحجاج الحديث.
          وعن يزيد بن أبي عبيد قال: لما قتل عثمان بن عفان خرج سلمة بن الأكوع إلى الربذة، وتزوج هناك امرأة وولدت له أولاداً، فلم يزل بها حتى أقبل قبل أن يموت بليال، فنزل المدينة.
          وحديث أبي سعيد الخدري أنه قال: قال رسول الله صلعم: ((يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم)) الحديث.
          التعرب: معناه أن يرجع أعرابيًّا بعد الهجرة فمعنى تعربت: تشبهت بالعرب، يقال: تعرب بعد هجرته أي: صار عربيًّا، وكانوا يستعيذون بالله أن يعودوا كالأعراب بعد هجرتهم؛ لأن الأعراب لم يتعبدوا بالهجرة التي يحرم بها على المهاجر الرجوع إلى وطنه، كما فرض على أهل مكة البقاء مع رسول الله ونصرته، ولذلك قال الحجاج: يا ابن الأكوع، ارتددت على عقبيك تعربت؟ أي: رجعت في الهجرة التي فعلتها لوجه الله بخروجك من المدينة، فأخبره أنه ◙ أذن له في سكن البادية، فلم يكن خروجه من المدينة فراراً منها، ولا رجوعاً عن الهجرة، وهذا لا يحل لأحد فعله، ولذلك دعا ◙ لأصحابه أن لا يموتوا في غير المدينة التي هاجروا إليها لله تعالى فقال: (([اللهم] أمض لأصحابي هجرتهم)) الحديث، فتوجع حين مات سعد بن خولة بمكة في الأرض التي هاجر منها.
          وذكر (خ) أنه شهد بدراً ثم انصرف إلى مكة ومات بها وهو من المهاجرين، ولولا ما ذكر لكان يريد قتله.
          وذكر ابن سعد عن الهيثم بن عدي: أن سلمة بن الأكوع مات في آخر خلافة معاوية، وكذا ذكره البلاذري، وفي كتاب أبي نعيم والعسكري وغيرهما أنه مات سنة أربع وستين.
          قوله: (يوشك..) هو من أعلام نبوته؛ لأنه أخبر عما يكون في آخر الزمان.
          وفيه: أن اعتزال الناس عند الفتن والهرب عنهم أفضل من مخالطتهم وأسلم للدين.
          ومعنى (يوشك) بكسر الشين: يسرع، والعرب تقول: يوشك بفتح الشين وهي لغة رديئة ذكره في ((الصحاح)).