مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب: إذا التقى المسلمان بسيفيهما

          ░10▒ باب إذا التقى المسلمان بسيفيهما
          ثنا عبد الله بن عبد الوهاب الحجبي، إلى آخره.
          يشبه أن يكون الرجل الذي لم يسمه حماد هو هشام بن حسان أبو عبد الله القردوسي. كما قال الإسماعيلي في ((صحيحه)) ثنا الحسن، ثنا محمد بن عبيد بن حسان، ثنا حماد بن زيد، ثنا هشام، عن الحسن، فذكره توضحه رواية (ن) عن علي بن محمد، عن خلف بن تميم، عن زائدة، عن هشام، عن الحسن.. الحديث.
          ورواه (خ) في الإيمان عن عبد الرحمن بن المبارك، ثنا حماد بن زيد، ثنا أيوب ويونس، عن الحسن، عن أبي بكرة، فيجوز أن يكون أحدهما وأن يكون ما ذكره (خ) بعد.
          والتعليق عن مؤمل أخرجه الإسماعيلي عن أبي يعلى؛ ثنا أبو موسى، ثنا مؤمل بن إسماعيل فذكره،
          وقول (خ): (ورواه معمر، عن أيوب) أخرجه الإسماعيلي، عن ابن ياسين، ثنا زهير بن محمد والرماوي قالا / : ثنا عبد الرزاق، أنا معمر، عن أيوب، عن الحسن.
          قوله: (وقال غندر..) إلى آخره. قال الإسماعيلي: أنا بحديث غندر أبو يعلى، ثنا أبو بكر هو ابن أبي شيبة ثنا غندر، ولفظه عند ابن ماجه: ((إذا التقى المسلمان حمل أحدهما على أخيه السلاح فهما على جرف جهنم، فإذا قتل أحدهما صاحبه دخلا جميعاً)).
          قوله: (ولم يرفعه سفيان، عن منصور) قال الإسماعيلي: أوقفه عنه الفاريابي ويعلى بن زيد. ورفعه عنه مؤمل، أنبا القاسم وأحمد بن محمد بن عبد الكريم، عن منصور، عن ربعي، عن أبي بكرة، عن رسول الله أنه قال: ((إذا التقى المسلمان بسيفيهما)) الحديث. وفي الباب غير حديث أبي بكرة.
          ففي (ت) من حديث الحذاء، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة يرفعه: ((من أشار إلى أخيه بحديدة لعنته الملائكة)) وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه، مستغرب من حديث الحذاء.
          ولهذا الحديث قعد من قعد من الصحابة عن الدخول في الفتنة ولزموا بيوتهم، وفسر أهل العلم هذا الحديث فقالوا: إنه ليس على الحتم بأنهما في النار، وإنما معناه أنهما يستحقانها إلا أن يشاء الله أن يغفر لهما؛ لأنه ◙ سماهم مسلمين، وإن قتل أحدهما صاحبه.
          ومذهب جماعة أهل السنة أن الله تعالى في وعيده لعصاة المؤمنين بالخيار بين العفو والعقوبة. وقد سلف في كتاب الإيمان.
          وقيل: معنى الحديث التحذير من الوقوع في الفتن التي لا يعلم حقيقة الظالم فيها من المظلوم، فكان الصحابة في ذلك بين متأول يرى نفسه على حق، وآخر يرى أنه أحق منه في تأويله، وآخر كاف عن الدخول فيها.
          قوله: (كان حريصا على قتل صاحبه) جعله مأثوماً بالحرص، وهذا احتج به القاضي ابن الطيب؛ لأنه يقول: من عزم على المعصية ووطن عليها مأثوم في اعتقاده وعزمه. والفقهاء على خلافه لا يرون عليه شيئاً، وتأولوا هذا الحديث على أن الإثم متعلق فيه بالفعل؛ لأنه قال: ((إذا التقى المسلمان بسيفيهما)) فتعلق بالفعل والمقاتلة، وهو الذي وقع عليه اسم الحرص هنا.
          واحتج الفقهاء بقوله ◙: ((من هم بسيئة فلم يعملها لم تكتب عليه)) وانفصل عن ذلك على أنه لم يوطن نفسه على فعلها، وأني من ذلك بتفكيره من غير استقرار. وهذا محمول عنا بقوله: ((وما حدثت به أنفسها))، وأما ما نواه ووطن نفسه عليه فهو مؤاخذ به بدليل هذا الحديث، وبقوله: ((إنما الأعمال بالنيات))، والنية عمل، وبقوله تعالى: {وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ} الآية [البقرة:284]، وقوله: {وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ} وقوله: {وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} [البقرة:235] وقوله في قوم صالح: {وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} [النمل:50] وأهلكهم بذلك.
          قوله: (فكلاهما في النار) كلا عند البصريين في تأكيد الاثنين نظير كل في المجموع، وهو اسم مفرد غير مثنى.
          وخالف فيه الفراء فقال: إنه مثنى، وهو مأخوذ من كل، وخففت اللام وزيد الألف للتثنية، وضعفه البصريون؛ لأنه لو كان مثنى لوجب أن تنقلب ألفه في النصب والجر مع الاسم الظاهر في قولك: رأيت كلا الرجلين. ولأن معنى (كلا) مخالف لمعنى (كل)؛ لأن (كلا) للإحاطة وكلا يدل على شيء مخصوص.
          قال والدي ⌂:
          (باب ظهور الفتن).
          قوله: (عياش) بفتح المهملة وشدة التحتانية وبالمعجمة الرقام البصري، و(سعيد) هو ابن المسيب، الخطابي: يتقارب الزمان حتى تكون السنة كالشهر وهو كالجمعة وهي كاليوم وهو كالساعة وذلك من استلذاذ العيش كأنه والله أعلم يريد خروج المهدي وبسط العدل والأمن في الأرض وكذلك أيام الشرور قصار.
          أقول هذا لا يناسب أخواته من ظهور الفتن وكثرة الهرج.
          و(ايم) أصله أيما أي أيُّ شيء الهرج، و(حميد) بالضم ابن عبد الرحمن، قال الطحاوي: يعني تتقارب أحوال أهله في طلب العلم وتركه والرضا بالجهل وذلك لأن الناس لا يتساوون في العلم وفوق كل ذي علم عليم وإنما يتساوون إذا كانوا جهالاً.
          قوله: (الشح) مثلثة البخل والحرص.
          فإن قلت: ذلك ثابت في جميع الأزمنة؟ قلت: / المراد غلبته وكثرته بحيث يراه جميع الناس.
          فإن قلت: تقدم في نزول عيسى في كتاب الأنبياء أنه يفيض المال حتى لا يقبله أحد في كتاب الزكاة لا تقوم الساعة حتى يطوف أحدكم بصدقته لا يجد من يقبلها؟ قلت: كلاهما من أشراط الساعة لكن كل منهما في زمان غير زمان الآخر.
          قوله: (عبيد الله) مصغراً قال الغساني في بعض النسخ: ثنا مسدد ثنا عبيد الله بزيادة مسدد وهو وهم.
          قوله: (أبو موسى) هو عبد الله بن قيس الأشعري، و(عبد الله) أي: ابن مسعود، و(عمر بن حفص) بالمهملتين، و(مثله) أي: مثل ما ذكره آنفاً وهو أن بين يدي الساعة أياماً، و(الهرج بلسان الحبش القتل) هو إدراج من أبي موسى.
          قوله: (محمد) قال الكلاباذي: محمد بن بشار، ومحمد بن المثنى ومحمد بن الوليد رووا عن غندر في الجامع، و(واصل) هو ابن حيان بالمهملة وشدة التحتانية الكوفي، قال أبو وائل: أحسب عند الله رفع الحديث إلى النبي صلعم.
          قوله: (أبو عوانة) بفتح المهملة وخفة الواو وبالنون وضاح بتشديد المعجمة.
          قوله: (شرار الناس) وإنما كانوا شراراً لأن إيمانهم حينئذ لا ينفعهم وكذا أعمالهم فلا خير فيهم ومن لا خير فيه فهو من الشرار أو هذا إخبار عن الواقع يعني: لا تقوم الساعة إلا على الشرار.
          قوله: (الزبير) مصغر الزبر بالزاي والموحدة والراء (ابن عدي) بفتح المهملة الأولى وكسر الثانية الهمداني الكوفي مات قاضياً بالري سنة إحدى وثلاثين ومائة ولم يتقدم ذكره، و(الحجاج) هو ابن يوسف الثقفي الحاكم بالعراق، و(ما يلقون) أي: الناس من ظلمه وكثرة تعديه.
          قوله: (أشر) هذا دليل من قال باستعمال الأخير والأشر.
          فإن قلت: زمان نزول عيسى ◙ لا يكون أشر إذ تمتلئ الأرض حينئذ عدلاً؟ قلت: المراد منه الذي وجد بعده وعيسى ◙ وجد قبله أو الذي هو من جنس الأسراء وفي الجملة معلوم بالضرورة الدينية أن زمان النبي المعصوم غير داخل فيه ولا مراد منه.
          قوله: (أخي) أي: عبد الحميد ابن أبي أويس، و(محمد بن عبد الله) ابن أبي عتيق بفتح المهملة الصديقي، و(هند الفراسية) بكسر الفاء وخفة الراء وبالمهملة، و(فزعا) بكسر الزاي خائفاً، و(الخزائن) إشارة إلى الخيرات، و(الفتن) إلى الشرور، و(عارية) بالجر ومعناه: كاسيات من نعمة الله تعالى عاريات من شكرها وقيل معناه: تلبس ثوباً رقيقاً يصف لون بدنها مر في كتاب العلم بلطائف، قيل فيه أن الفتن مقرونة بالخزائن، قال تعالى: {إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى. أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى} [العلق:6-7] ومن جملة فتنته الإسراف ولهذا قال: رب كاسية.
          قوله: (ليس منا) أي: ممن اتبع سنتنا وسلك طريقتنا لا أنه ليس من ديننا.
          فإن قلت: فما قولك في الطائفتين إحداهما باغية؟ قلت: الباغية ليست متبعة سنة النبي صلعم بالبغي.
          قوله: (محمد بن العلاء) بالمد، و(بريد) مصغر البرد بالموحدة والراء، و(أبو بردة) بضم الموحدة وإسكان الراء.
          قوله: (محمد) هو الذهلي بضم المعجمة وتسكين الهاء، و(لا يشير) بلفظ النفي والنهي، و(ينزع في يده) أي: من يده وبين الحروف مقارضة أو معناه ينزع القوس مثلاً وفي بعضها ينزع بالزاي المفتوحة وبالمعجمة يطعن أو يغرى.
          قوله: (عمرو بن دينار) ويكنى: بأبي محمد، و(سمعت) بلفظ الخطاب، و(النصال) جمع النصل وهو حديدة السهم، و(أبدى) أظهر، و(النبل) بفتح النون السهام، و(أن يصيب) أي: كراهة الإصابة أو لا مقدرة نحو: {يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ} [النساء:176] مر في المساجد في كتاب الصلاة.
          قوله: (كفر) وذلك إذا كان من جهة أنه مسلم أو كان مستحلًّا له أو إطلاق الكفر للتغليظ والمراد منه المعصية وذلك في غير أصحاب قتال البغاة ونحوهم إذ ليس حينئذ لا كفر ولا معصية مر في كتاب الإيمان.
          قوله: (حجاج) بفتح المهملة وشدة الجيم الأولى، ابن منهال بكسر الميم وإسكان النون، و(واقد) بكسر القاف وبالمهملة ابن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، و(يضرب) بالجزم جواباً للأمر وبالرفع استئنافاً أو حالاً.
          قال مغلطاي المصري: من جزم / أوله على الكفر ومن رفع لا يجعله متعلقاً بما قبله بل حالاً أو مستأنفاً.
          قوله: (قرة) بضم القاف وشدة الراء ابن خالد السدوسي، و(أبو بكرة) هو نفيع مصغر ضد الضر الثقفي، و(الرجل الآخر) هو حميد بن عبد الرحمن بن عوف صرح به في كتاب الحج في باب الخطبة أيام منى والأعراض جمع العرض الحسب وموضع المدح والذم من الإنسان، و(الأبشار) جمع البشر وهي ظاهر الجلد.
          فإن قلت: لم يذكر أي شهر في هذه الرواية فكيف شبهه به فيما قال في شهركم هذا؟ قلت: كان السؤال لتقرير ذلك في أذهانهم وحرمة الشهر كانت متقررة عندهم.
          فإن قلت: فكذا حرمة البلد؟ قلت: هذه الخطبة كانت بمنى فربما قصد به دفع وهم من يتوهم أنها خارجة عن الحرم أو دفع من يتوهم أن البلدة لم تبق حراماً لقتال رسول الله صلعم يوم الفتح فيها أو اختصره الراوي اعتماداً على سائر الروايات مع أنه لا يلزم ذكره في صحة التشبيه(1).
          قوله: (رب مبلغ) بكسر اللام وكذا (يبلغه) والضمير الراجع إلى الحديث المذكور مفعول أول له، و(من هو أوعى له) مفعول ثان له واللفظان من التبليغ ومن الإبلاغ.
          قوله: (وكان كذلك) أي: وقع التبليغ كثيراً من الحافظ إلى الأحفظ وهو كلام محمد بن سيرين إدراجاً صرح (خ) بذلك في كتاب العلم قال: قال محمد: صدق رسول الله صلعم كان ذلك.
          قوله: (ابن الحضرمي) بفتح المهملة وسكون المعجمة وفتح الراء عبد الله، قال المهلب: هو رجل امتنع من الطاعة فأخرج إليه جارية ضد الواقفة ابن قدامة بضم القاف وخفة المهملة السعدي جيشاً فظفر به في ناحية من العراق كان أبو بكرة الثقفي الصحابي يسكنها فأمر جارية بصلبه فصلب ثم ألقى النار في الجذع الذي صلب فيه ثم أمر جارية حشمة أن يشرفوا على أبي بكرة هل هو على الاستسلام وانقياده أم لا فقال له حشمة هذا أبو بكرة يراك وما صنعت بابن الحضرمي وما أنكر عليك بكلام ولا سلاح فلما سمع أبو بكرة ذلك وهو في غرفة له قال لو دخلوا علي ما بهشت بقصبة فكيف أن أقاتلهم لأني ما أرى الفتنة في الإسلام ولا التحريك فيها مع إحدى الطائفتين.
          و(بهشت) بلفظ المتكلم من البهش بالموحدة والهاء والمعجمة ونحوها قال ابن عبد البر: أرسل معاوية ابن الحضرمي إلى البصرة ليأخذها له من زياد بالزاي وبالتحتانية، وكان أميراً بها لعلي ☺ فكتب زياد إلى علي فبعث علي جارية فأحرق على ابن الحضرمي الدار التي يسكنها.
          قوله: (أحمد بن إشكاب) بكسر الهمزة وسكون المعجمة وبالموحدة بعد الألف الصفار الكوفي، و(محمد بن فضيل) مصغر فضل بالمعجمة الضبي، و(علي بن مدرك) بفاعل الإدراك النخعي، و(أبو زرعة) بضم الزاي وسكون الراء وبالمهملة هرم بفتح الهاء ابن عمرو بن جرير بفتح الجيم ابن عبد الله البجلي ومر الحديث في كتاب العلم.
          قوله: (محمد بن عبيد الله) مصغراً ابن محمد مولى عثمان بن عفان الأموي، و(قال إبراهيم) هو مقول محمد بن عبيد الله، و(من تشرف لها تستشرفه) أي: من انتصب لها انتصبت له أي: من خاطر بنفسه فيها أهلكته والمراد بالفتنة جميع الفتن وقيل هي الاختلاف الذي يكون بين أهل الإسلام بسبب افتراقهم على الإمام ولا يكون المحق فيها معلوماً بخلاف زمان علي ومعاوية.
          قوله: (خير) فيه إشارة إلى أن شرها يكون بحسب التعلق بها، و(تشرف) بلفظ الماضي من الشرف وفي بعضها بالمضارع من الإشراف.
          قوله: (رجل لم يسمه) قالوا هو هشام بن حسان القردوسي بضم القاف والمهملة وسكون الراء بينهما وبالواو والمهملة، و(أبو بكرة) بفتح الموحدة نفيع مصغر ضد الضر الثقفي، و(ابن عم رسول الله صلعم) هو علي ☺، و(تواجه) أي: ضرب كل واحد منهما وجه الآخر أي: ذاته، و(أهل النار) أي: مستحق لها وقد يعفو الله عنه.
          فإن قلت: علي ☺ ومعاوية كلاهما كان مجتهداً غاية ما في الباب أن معاوية كان مخطئاً في اجتهاده وله أجر واحد وكان لعلي أجران؟ قلت: المراد بما في الحديث المتواجهان بلا دليل من الاجتهاد ونحوه.
          فإن قلت: مساعدة الإمام الحق / ودفع البغاة واجب فلم منع أبو بكرة منها؟ قلت: لعل الأمر لم يكن بعد ظاهراً عليه.
          اعلم أن المتواجهين إما أن يكونا مخطئين في الاجتهاد والتأويل أو أحدهما مصيب والآخر مخطئ ولا ثالث لهما إذ محال أن يكونا مخطئين إذ الحق عند الله واحد أو لا يعلم شيء منها ففي الأول يجب الإصلاح بينهما إن كان مرجوًّا وإلا فالاعتزال ولزوم البيوت وكسر السيوف وفي الثاني تجب مساعدة المصيب وحكم الثالث كالأول وهاهنا قسم آخر وهو أنهما لا يكونان متأولين بل ظالمين صريحاً متواجهين عصبة وتغلباً فهو أيضاً كالأول ثم إن الدماء التي جرت بين الصحابة ليست بداخلة في هذا الوعيد إذ كانوا مجتهدين فيها وكان اعتقاد كل طائفة أنها على الحق وخصمهم على خلافه ووجب عليه قتاله ليرجع إلى الله وإلى أمر الله لكن عليٌّ كان مصيباً في اجتهاده وخصومه كانوا على الخطأ ومع ذلك كانوا مأجورين فيه أجراً واحداً ♥ أجمعين، وأما من امتنع أو منع فذلك لأن اجتهاده لم يؤد إلى ظهور الحق عنده وكان الأمر مشكلاً عنده فرأى التوقف فيه خيراً مر الحديث في كتاب الإيمان.
          قوله: (أراد) فإن قلت: مريد المعصية إذا لم يعلمها كيف يكون من أهلها؟ قلت إذا جزم بعملها وأصر عليه يصير به عاصياً، ((ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم)).
          قوله: (يونس ابن عبيد) مصغراً البصري، و(الأحنف) بالمهملة والنون ابن قيس التميمي وفي هذا الطريق ثبت الواسطة بين الحسن وأبي بكرة، و(مؤمل) بفاعل التأميل ابن هشام، و(معلى) بلفظ مفعول التعلية بالمهملة ابن زياد بكسر الزاي وخفة التحتانية القردوسي بضم القاف، و(بكار) بفتح الموحدة وتشديد الكاف ابن عبد العزيز أبي بكرة، و(ربعي) بكسر الراء وإسكان الموحدة وكسر المهملة وشدة التحتانية ابن حراش بكسر المهملة وخفة الراء وبالمعجمة الأعور الغطفاني.
          الزركشي:
          (ردم يأجوج) الردم السد.
          (نهلك) بكسر اللام.
          (إذا كثر الخبث) قيل: يعني أولاد الزنا.
          (تقارب الزمان) المراد به: في الشر والفساد حتى لا يبقى من يقول: الله الله.
          (ويلقى الشح) قال الحميدي: لم تضبط الرواة هذا الحرف، ويحتمل أن يكون يلقى بتشديد القاف بمعنى يتلقى ويتعلم ويتواصى به ويدعى إليه من قوله تعالى: {وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ} [القصص:80] أي: ما يعلمها وينبه عليها.
          ولو قيل: ((يلقى)) مخفف القاف لكان [أبعد]؛ لأنه لو ألقي لترك ولم يكن موجوداً وكان يكون مدرجاً والحديث مبني على المدة.
          ولو قيل: ((يلفى)) بالفاء بمعنى يوجد لم يستقم؛ [لأن] الشح ما زال موجوداً.
          (أيم هو) بهمزة مفتوحة وياء مضمومة مشددة وميم مفتوحة يريد: ما هو، وأصله أيما هو، أي: أيُّ شيء هو؟ فخفف الياء وحذف ألف ما، كما قيل: أيش في موضع أي شيء.
          (قال أبو موسى: والهرج القتل بلسان الحبشة) قال القاضي: هذا وهم من بعض الرواة فإنها عربية صحيحة.
          (أشر منه) جاء به على الأصل فإنه أفعل تفضيل، ويروى: ((شر))، وقد سئل الحسن عنه، فقيل: ما بال زمان عمر بن عبد العزيز بعد زمان الحجاج؟ فقال: لا بد للناس من تنفيس(2).
          (عارية) بالرفع والجر، وسبق توجيهه في الإيمان.
          (من حمل علينا السلاح) أي: من قاتل [المسلمين] فليس منهم؛ أي: على طريقتهم وسيرتهم. لا ترجعوا بعدي كفاراً سبق في العلم.
          (فيقع) ضبط بالرفع والنصب.
          (عن عبد الرحمن بن أبي بكرة ورجل آخر) هو حميد بن عبد الرحمن الحميري، سماه أبو عامر بن قرة عن ابن سيرين، رواه (م).
          (والبلدة) اسم مكة.
          (وأبشاركم) جمع: بشرة، هي ظاهر الجلد.
          (فلما كان يوم حرق ابن الحضرمي حين حرقه) كذا وقع، والوجه: إحراق وأحرقه.
          (جارية) بجيم.
          (لو دخلوا علي ما بهشت) بفتح الباء والهاء؛ أي: ما مددت يدي إليها ولا تناولتها لأدافع بها، وقيل معناه ما قاتلت بها لأدافع بها ولا دافعت، يقال: بهش القوم بعضهم بعضاً إذا تواقفوا للقتال.
          (معاذاً) بفتح الميم، يعني: الملجأ.
          (من يتشرف لها تستشرفه) أي: من تطلع إليها وتعرض لها واتته فوقع فيها، انتهى كلام الزركشي.
          أقول:
          قوله: (ثنا مسدد ثنا عبيد الله بن موسى) في نسخة أبي ذر مسدد وإسقاطه صواب لأن مسدداً لم يروِ عن عبيد الله بن موسى وعبيد الله بن موسى من شيوخ (خ) نص عليه المزي في ((تهذيب الكمال)).
          قوله: (إلا الذي بعده شر منه) المراد به في الدين لا في غيره.
          وسئل الحسن عنه فقيل ما بال زمان عمر بن عبد العزيز بعد زمان الحجاج فقال لا بد للناس من تنفيس يعني: أن الله ينفس عباده وقتًا ما ويكشف البلاء عنهم حيناً.
          أقول: ويمكن أن يقال أن زمن الحجاج ليست بالأصالة؛ لأنه إنما كانت نيابة عن عبد الملك والمراد زمان ولاية ولي أمر فلا يورد بالحجاج اللعن ولا بزمانه ولو قيل ما قال زمان عبد الملك لكان له وجه فإن الحجاج سنة من سناته وما كان يفعل / الأمور القبيحة إلا بأمره وإشارته فيقال في جوابه لا بد للناس من تنفيس.
          قوله: وعن رجل آخر هو أفضل في نفس هو حميد بن عبد الرحمن الحميري البصري التابعي الفقيه روى عن ابن عباس وأبي هريرة وغيرهما أخرج له (خ)، و(م) في خمسة أحاديث:
          أولها: في أول الكتاب في القدر عن عبد الله بن يزيد، وثانيها وثالثها في الوصايا عن عمرو بن سعيد عن محمد بن رزين، ورابعها: قبيل الحدود من حديث قرة بن خالد عن محمد بن سيرين هذا هو الصحيح خلافاً لما قاله الحاكم، وخامس وهو حديث: أفضل الصيام كما سيأتي.
          والحميدي صاحب الجمع وعبد الغني وغيرهما فإنهم قالوا لم يخرج له (خ) شيئاً ولم يخرج له (م) في ((صحيحه)) غير أبي هريرة غير حديث أفضل الصيام بعد رمضان الحديث فقط، وأما حميد بن عبد الرحمن بن عوف الزهري القرشي المدني أخو أبي سلمة بن عبد الرحمن وأمه أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط أخت عثمان بن عفان لأمه، فقد روى عن ابن عباس وأبي هريرة أيضاً وعن أبويه.
          قوله: (حين حرقه جارية كان معاوية قد وجه به إلى البصرة) ينفي قتل عثمان ويستنفر أهلها على قتال علي وكان جارية رجلاً شجاعاً مقداماً فصيحاً، وكان من أصحاب علي ☺ في حروبه فحاصر عبد الله بن الحضرمي في واد شبل ثم حرق عليه.
          قوله: (ما بهشت بقصبة) يقال بهش إليه إذا تناوله وأسرع إليه قال الدمياطي أي: ما مددت يدي إليها ولا تناولتها لأدافع بها، وقيل معناه ما قاتلت.
          قوله: (إذا التقى المسلمان بسيفيهما فكلاهما من أهل النار) هذا إذا كان قتالهما على الدنيا، كذا أخرجه البزار في ((مسنده)).


[1] في هامش المخطوط: ((أقول: هذا فيه نظر، فإنه ◙ وإنما أحلت ساعة من نهار فهو حرام بحرمة الله)).
[2] في هامش المخطوط: ((أقول السؤال غير وارد لأن المراد زمان خليفة بعد خليفة وولي أمر بعد آخر والحجاج لم يلق خليفة وإنما كان من جملة أمراء واحد من بني أمية وهو عبد الملك فالسؤال مندفع غير وارد فاعلمه)).