مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب قول النبي: «هلاك أمتي على يدي أغيلمة سفهاء»

          ░3▒ باب قوله ◙: ((هلاك أمتي على يدى أغيلمة سفهاء من قريش))
          ذكر (خ) حديث يحيى بن سعيد بن عمرو.. إلى آخره.
          هذا الحديث أخرجه (م) أيضاً، ولفظه: ((يهلك أمتي هذا الحي))، واعترض ابن بطال بأنه لم يذكر في الحديث سفهاء كما ترجم له، ثم أجاب بأنه كثيراً ما يفعل مثل هذا، وذلك أن يأتي في حديث لا يرضي إسناده لفظة تبين معنى الحديث فيترجم بها؛ ليدل على المراد بالحديث، وعلى أنه قد روي عن العلماء ثم لا يسعه أن يذكر في حشو الباب إلا أصح ما / روي فيه اشتراطه الصحة في كتابه، وقد روي ذلك عن علي بن معبد: ثنا أشعث بن سعيد، عن سماك، عن أبي هريرة رفعه: ((إن فساد أمتي على رءوس غلمة سفهاء من قريش)) فبان في هذا الحديث: أن الغلمة سفهاء، وأن الموجب لهلاك الناس بهم أنهم رؤساء وأمراء متغلبون.
          قلت: بل في الباب صحيح على شرطه بذكر هذه اللفظة. أخرجه الإسماعيلي في ((صحيحه)): ثنا الحسن بن سفيان، ثنا إبراهيم بن يعقوب، ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، ثنا عمرو بن يحيى بن سعيد: سمعت جدي سعيد بن العاصي: سمعت أبا هريرة: قال رسول الله صلعم يقول: ((هلاك هذه الأمة على يدي أغيلمة سفهاء من قريش)) فقال مروان.. الحديث.
          وفي هذا الحديث أيضاً حجة لجماعة الأمة في ترك القيام على أئمة الجور، ووجوب طاعتهم والسمع والطاعة لهم، ألا ترى أنه ◙ قد أعلم أبا هريرة بأسمائهم وأسماء آبائهم، ولم يأمره بالخروج عليهم ولا محاربتهم، وإن كان قد أخبر أن هلاك أمته على أيديهم، إذ الخروج عليهم أشد في الهلاك وأقوى في الاستئصال فاختار لأمته ◙ أيسر الأمرين وأخف الهلاكين، أن قد جرى قدر الله وعلمه أن أئمة الجور أكثر من أئمة العدل، وأنهم يتغلبون على الأمة، وهذا الحديث من أقوى ما يرد به على الخوارج.
          فإن قلت: ما أراد الشارع إهلاكهم في الدين أو في الدنيا بالقتل.
          قيل: أرادهما معاً. وقد جاء ذلك بينا في حديث علي بن معبد، عن إسماعيل بن عياش، عن يحيى بن عبيد الله، عن أبيه قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلعم: ((أعوذ بالله من إمارة الصبيان)). فقال أصحابه: وما إمارة الصبيان؟ فقال: ((إن أطعتموهم هلكتم وإن عصيتموهم أهلكوكم، فهلاككم في طاعتهم هلاك الدين، وهلاككم في عصيانهم هلاك الأنفس)) وهلكة بفتح الهاء واللام: هلاكهم.