مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب قول النبي: «من حمل علينا السلاح فليس منا»

          ░7▒ باب قول النبي صلعم: ((من حمل علينا السلاح فليس منا))
          ساقه من حديث ابن عمر وأبي موسى ثم ساق من حديث محمد هو ابن سلام إلى أبي هريرة مرفوعاً: ((لا يشير أحدكم على أخيه بالسلاح..)) الحديث.
          وحديث جابر: مر رجل بسهام في المسجد.. الحديث.
          وحديث أبي موسى مرفوعاً: ((إذا مر أحدكم في مسجدنا)).. الحديث.
          معنى: (فليس منا) أي: ليس من شريعتنا، فليس متبعاً لنا ولا سالكاً سبيلنا؛ كقوله ◙: ((ليس منا من شق الجيوب)) ونظائره؛ لأن من حق المسلم على المسلم أن ينصره ولا يخذله ولا يسلمه، وأن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً، فمن خرج عليهم بالسيف بتأويل فاسد رآه فقد خالف ما سنه الشارع من نصرة المؤمنين وتعاون بعضهم لبعض، وقيل: يعني إذا كان مستحلا، ويحتمل أن يريد أنه ليس بكامل الإيمان، والفقهاء مجمعون على أن الخوارج من جملة المؤمنين لإجماعهم كلهم على أن الإيمان لا يزيله غير الشرك بالله ورسله والجحد لذلك، وأن المعاصي غير الكفر لا يكفر مرتكبها.
          وفي ((مستدرك الحاكم)) من حديث ابن عمر قال: قال رسول الله لعبد الله بن مسعود: ((أتدري ما حكم الله فيمن بغى من هذه الأمة؟)) قال ابن مسعود: الله ورسوله أعلم، قال: ((فإن حكم الله فيهم أن لا يتبع مدبرهم ولا يقتل أسيرهم ولا يذفف على جريحهم)) وعِلتُه كوثر بن حكيم وهو ضعيف.
          وذكره ابن بطال عن كتاب ((الكف عن أهل القبلة)) بسنده عن ابن عمر مرفوعاً به، ثم قال: وبهذا عمل علي ابن أبي طالب ورضيت الأمة أجمع بفعله هذا فيهم.
          ونهيه عن الإشادة بالسلاح، وأمره بأن يمسك نصالها من باب الأدب وقطع الذرائع ألا يثير أحد به خوف ما يؤول منه ويخشى من نزغ الشيطان.
          قوله: (فيقع في حفرة من النار) أي: إن أنفذ الله عليه وعيده، وهو مذهب أهل السنة.
          قوله: (ينزع هو) بالعين المهملة، وذكره ابن بطال بالمعجمة، فقال: ومن رواه به، فقال صاحب ((العين)): نزغ بين القوم نزغاً: حمل بعضهم على بعض بفساد ذات بينهم، ومنه نزغ الشيطان وقال صاحب ((الأفعال)): نزغ بيد أو رمح: بمعنى: طعن، ثم قال: ومن رواه بالمهملة فهو قريب من هذا المعنى.
          قال صاحب ((العين)): نزعت الشيء من الشيء نزعاً: قلعته منه، ونزع بالسهم: رمى به، وعليه جرى ابن التين فقال: قوله: ((لعل الشيطان ينزع في يده)) أي: يقلعه من يده فيصيب به. وقيل: يشد يده فيصيبه، والخدش أقل الجراح.
          قوله: (فليقبض بكفه أن يصيب أحداً من المسلمين) هو مثل قوله تعالى: {يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ} [النساء:176] قال الكسائي: المعنى: لئلا تضلوا، ومثله الحديث: ((لا يدعون أحدكم على ولده أن يوافق من الله تعالى إجابة)) أي: لئلا يوافق، وهذا القول عند البصريين خطأ، لا يجيزون إضمار لا، والمعنى عندهم: كراهة أن تضلوا، ثم حذف، مثل: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف:82].