مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب ميراث السائبة

          ░20▒ باب ميراث السائبة
          فيه حديث أبي قيس واسمه عبد الرحمن بن مروان الحديث.
          ثم ذكر حديث عائشة في قصة بريرة.
          اختلف في ميراث السائبة، فقال الكوفيون والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور: ولاؤه لمعتقه، ونقله ابن حبيب عن ابن نافع وابن الماجشون، واحتجوا بحديث الباب: ولهذا أدخله (خ) في تبويبه، الولاء لمن أعتق فالمعتق داخل في عموم الحديث وغير خارج منه.
          وقالت طائفة: ميراثه للمسلمين، روي ذلك عن عمر بن الخطاب، وروي عن عمر بن عبد العزيز وربيعة وأبي الزناد، وهو قول مالك، قالوا: ميراثه للمسلمين، وعقله عليهم.
          وكأنه أعتقه عنهم، وقال الزهري: موالي العتيق سائبة، فإن مات ولم يوال أحداً فولاؤه للمسلمين، واحتج الكوفيون فقالوا: لو قال لعبده أنت سائبة، لا ملك لي عليك، أو أنت حر سائبة، أن هذا كله لا يزيل عنه الولاء؛ لأن ((الولاء لحمة كلحمة النسب لا يباع ولا يوهب))، فالهبة لذلك باطلة، وبهذا قال ابن نافع وخالف مالكاً فيه.
          واختلف في عتق السائبة في ثلاثة مواضع في كراهيته ولمن ولاؤه، وهل يعتق بقوله: أنت سائبة؟ أو حتى يريد بذلك العتق.
          قال ابن القاسم في ((العتبية)) من رواية أصبغ: أكرهه؛ لأنه كهبة الولاء. وقال أصبغ وسحنون: لا يعجبنا كراهته، وهو جائز كما يعتق عن غيره من غير كراهة، وقال ابن نافع: لا سائبة اليوم في الإسلام، وهو يوافق ما في ((الأصل)) عن ابن مسعود، وقد قيل في قوله تعالى: {مَا جَعَلَ اللّهُ مِن بَحِيرَةٍ وَلاَ سَآئِبَةٍ} [المائدة:103] هو أن يقول لعبده: أنت سائبة. لم يكن عليه ولاء، وأول من سيب السوائب عمرو بن لحي.