مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب ابني عم أحدهما أخ للأم والآخر زوج

          ░15▒ باب في ابني عم: أحدهما أخ لأم، والآخر زوج
          قال علي: للزوج النصف.. إلى آخره.
          فيه حديث ابن عباس السالف: ((ألحقوا الفرائض بأهلها، فما تركت)) الحديث.
          وذكر قبله حديث أبي هريرة: ((أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم)) الحديث.
          أثر علي أخرجه يزيد بن هارون، عن حماد بن سلمة، عن أوس بن ثابت، عن حكيم بن عقال، قال: أتي شريح في امرأة تركت ابني عمها: أحدهما زوجها، والآخر أخوها لأمها، فأعطى الزوج النصف، وأعطى الأخ من الأم ما بقي، فبلغ ذلك علي بن أبي طالب فقال: ادع لي العبد الأبظر، فدعي شريح فقال: ما قضيت أبكتاب الله أو بسنة رسوله؟ فقال: بكتاب الله. قال: أين؟ قال: {وَأُوْلُو الْأَرْحَامِ} الآية [الأنفال:75]، قال علي: فهل قال للزوج النصف ولهذا ما بقي؟ ثم أعطى الزوج النصف والأخ من الأم السدس، ثم قسم بينهما ما بقي.
          وهذه المسألة اختلف فيها، فقال كقول علي زيد بن ثابت، وهو قول المدنيين والثوري والأربعة وإسحاق، وفيه قول ثان: أن جميع المال للذي جمع القرابتين، قاله عمر وابن مسعود قالا في ابني عم، أحدهما أخ لأم: الأخ للأم أحق له السدس فرضاً، وباقي المال تعصيباً، وهو قول الحسن البصري وشريح وعطاء والنخعي وابن سيرين، وإليه ذهب أبو ثور وأهل الظاهر.
          قوله: (فلأدعي له) إعرابها كما نبه عليه ابن بطال: فلأدع له؛ لأنها لام الأمر، الأغلب من أمرها إذا اتصل بها واو أو فاء الإسكان، ويجوز كسرها، وهو الأصل في لام الأمر أن تكون مكسورة؛ كقوله تعالى: {وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج:29] قرئ بكسر اللام وإسكانها وثبات الألف بعد العين في موضع الجزم والوقف يجوز تشبيهاً بالواو والياء أو أحدهما، كما قال:
ألم يأتيك والأخبار تنمى
          وقال في الألف:
إذا العجوز غضبت فطلق                     ولا ترضاها ولا تملق
          وكان القياس: لا ترضها، ومعنى قوله: ((فلأدع له))، أي: فادعوني له حتى أقوم بكله وضياعه.
          وذكره ابن التين: ((فلأدعي له))، وكذا وقع في ابن بطال.
          ثم قال أعني ابن التين: وصوابه: فلأدع بحذف الألف وحذفها علامة الجزم؛ لأنه مجزوم بلام الأمر؛ لأن كل فعل في آخره واو أو ياء أو ألف، فجزمه بحذف آخره، هذا هو المشهور من اللغتين ومن العرب من يجري المعتل مجرى الصحيح فيسكنه في موضع الجزم، ويرفعه في موضع الرفع.
          وعن رواية لابن كثير: ‹{إِنَّهُ مَن يَتَّقي وَيِصْبِرْ} [يوسف:90] بإثبات الياء وإسكان الراء. قيل: وهو جار على هذا، وأن الضمة مقدرة في الياء من يتقي، فحذفت / للجزم وتقرأ اللام من فلأدع بالإسكان والكسر.
          والكل: العيال والثقل، قال تعالى: {وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ} [النحل:76] والكل أيضاً اليتيم.
          والضياع بالفتح أيضاً وهو مصدر ضاع الشيء يضيع ضيعة وضياعاً؛ أي: هلك فهو على تقدير محذوف؛ أي: ذا ضياع، والضياع بالكسر جمع ضيعة وهو العقار.