مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب ميراث البنات

          ░6▒ باب ميراث البنات
          فيه حديث سعد السالف: لا يرثني إلا ابنتي، وفي آخره: قال سفيان: وسعد بن خولة رجل من بني عامر بن لؤي.
          وحديث الأسود بن يزيد الحديث.
          أجمع العلماء على أن ميراث البنت الواحدة النصف؛ لقوله تعالى: {وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ} [النساء:11] وأجمعوا أيضاً على أن للأخت النصف، لقوله: {فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} [النساء:12].
          فإن قلت: نص الله على الأختين أن لهما الثلثين، لقوله تعالى: {فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ} [النساء:12]. ولم ينص على الاثنتين إنما ذكر أكثر من اثنتين.
          قيل: لما أعطى الله للابنة النصف وللأخت النصف، ونص على الأختين أن لهما الثلثين، فاستغنى بذكر الأختين عن ذكر الابنتين؛ لأنه لما كانت الواحدة كالبنت، كانت البنتان كالأختين بل البنتان أحرى بذلك لقربهما من الميت فقدمن على الأخوات في مواضع شتى، فاستحال أن تكون الأختان أكثر ميراثاً من البنتين.
          وأما قول سعد: (إنه لا يرثني إلا ابنتي)، كأنه أراد أن يعطي من ماله ما فضل عن ميراث ابنته، فأعلمه ◙: أنه لا يجوز لمعط أن يعطي من ماله بعد موته أكثر من ثلثه، كان له من يحيط بماله أم لا، وهذه حجة لزيد بن ثابت في قوله: بيت المال عصبة من لا عصبة له، وهو قول مالك والشافعي، وهو خلاف مذهب أهل الرأي.
          وأما قوله ◙: ((إنك إن تذر ورثتك أغنياء)) بعد قول سعد: (لا يرثني إلا ابنة) إلى آخره، فحوى قوله أن سعداً لا يموت حتى يكون له ورثة جماعة، وأنه لا يموت من علته تلك، فكان كما دل عليه فحوى خطابه، ولم يمت سعد إلا عن بنين عد[ة]؛ كلهم ولد بعد ذلك المرض، وهذا من أعلام نبوته.