مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب آنية الفضة

          ░28▒ باب آنية الفضة
          فيه حديث حذيفة أيضاً فقال: ثنا محمد بن المثنى... إلى آخره.
          وحديث أم سلمة أنه ◙ قال: ((الذي يشرب في آنية الفضة)) الحديث.
          وحديث البراء: أمرنا رسول الله بسبع، وقد سلف.
          وحديث أم سلمة: أخرجه (ن) من حديث نافع عن صفية، عن عائشة، وأخرجه (ق) من حديث نافع، عن امرأة ابن عمر، عن عائشة.
          و(خ): أخرجه عن إسماعيل، عن مالك، عن نافع، عن زيد بن عبد الله بن عمر، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، عن أم سلمة. والصواب في هذا كله حديث أبي هريرة.
          وفي الدارقطني من حديث ابن عمر مرفوعاً بزيادة: أو في إناء فيه شيء من ذلك، وفيه من لا يعرف.
          وسلف أن الإجماع على حرمة استعمال أواني الفضة.
          واختلف في الآنية المفضضة، فروي عن عائشة أنها نهت أن نضبب الآنية أو نحلقها بفضة، وكان ابن عمر لا يشرب في إناء حلقه فضة أو ضبة وهو قول عطاء وسالم وعروة بن الزبير، وبه قال مالك والليث.
          وقال القاضي في ((معونته)): يجوز الإناء المضبب إذا كان يسيراً، وقال الخطابي عن الشافعي: أكره الشرب في الإناء المفضض بالفضة لئلا يكون شارباً على الفضة فأباح علم الحرير بخلاف يسير الفضة، قال: ويجوز أن يفرق بينهما؛ بأن الحرير أبيح للإناث ولبعض الذكور عند الضرورة كمن به حكة وعندما أتاه العدو ورخص في قليله إذا كان علماً في ثوب، والشرب في الفضة إنما حرم من أجل السرف وهو محرم على الرجال والنساء جميعاً فجعل قليله ككثيره.
          ورخصت في ذلك طائفة: روي عن عمران بن حصين وأنس بن مالك: أنهما أجازا الشرب في الإناء المفضض، وأجازه من التابعين طاوس والحكم والنخعي والحسن البصري، وقال أبو حنيفة وأصحابه: لا بأس أن يشرب الرجل بالقدح المفضض إذا لم يجعل فاه على الفضة، [وهو] كالشرب بيده وفيها الخاتم.
          وقال أحمد: لا بأس به إذا لم يجعل فاه على الفضة وهو مثل العلم في الثوب، وبه قال إسحاق، قال ابن المنذر: ثبت أنه ◙ نهى عن آنية الفضة والمفضض ليس بإناء فضة، وكذلك المضبب، فالذي يحرم فيه الشرب ما نهي عنه، ولا يعصي من شرب فيما لم ينه عنه.
          وقال أبو عبيدة نحوه، وفعل ابن عمر إنما هو محمول على التورع لا على التحريم، كما روي عنه أنه كان ينضح الماء في عينيه لغسل الجنابة، وليس ذلك / بواجب عليه.
          وروى أبو نعيم قال: ثنا شريك، عن حميد قال: رأيت عند أنس قدح رسول الله فيه فضة أو سبك بفضة.
          قال الطحاوي: ولا يخلو ذلك أن يكون قد كان في زمن رسول الله صلعم أو أحدثه أنس بعده، فأي ذلك كان قد ثبت عن أنس إباحته؛ لأنه كان يسقي الناس فيه تبركاً برسول الله.
          قلت: المحفوظ عن أنس أنه فاعله كما ستعلمه.
          قال الخطابي: وهو حجة على الشافعي.
          قلت: لا فهي يسيرة للحاجة وهو يبيحها.
          قال أبو عبيد: والجرجرة: صوت وقوع الماء في الجوف، وإنما يكون ذلك عند الشرب، ومنه قيل للبعير: إذا جاع هو يجرجر، وجرجر النحل إذا هدر في شقشقته فكان المعنى يصوت في بطنه نار جهنم، فيكون إعراب نار على هذا بالرفع، ويجوز أن يكون المعنى يتجرع في شربه نار جهنم، فيكون إعراب نار بالنصب مثل قوله: {إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا} [النساء:10].
          وقال الداودي: معنى يجرجر: ينحدر أي: يتجرع نار جهنم.
          قوله: (يجرجر في بطنه نار جهنم) محمول عند أهل السنة على أن الله تعالى في الخيار لمن أراد أن ينفذ عليه الوعيد.
          قوله: (نهانا عن الحرير والديباج) [ذكر الديباج] بعد الحرير من باب: ذكر الخاص بعد العام، وهو معرب.
          والجنازة: بكسر الجيم وفتحها واحد الجنائز، وقال ابن الأعرابي: بالكسر السرير، وبالفتح الميت والمعروف عكسه.
          والتشميت بالمعجمة والمهملة.
          قال ابن مزين: لا يجوز أن يشمته واحد من جماعة بخلاف رد السلام(1).
          وقال أبو عبيد: هو كرد السلام ويجزئ. ومعناه إذا قال له: يرحمك الله، قيل معناه بالمعجمة: سأل الله أن يجمع شمله، وقيل معناه: كالمهملة أي: دعوت له بالهدى والاستقامة على سمت الطريق.
          والعرب تضع الشين مع السين كقولهم: حجاش وحجاس، وقيل: هو من الشماتة، وذلك إذا قلت له: يرحمك الله فقد أدخلت على الشيطان ما يشمته فيسر بذلك العاطس ويشمت الشيطان، وقال ثعلب: المهملة المختار؛ لأنه مأخوذ من السمت وهو القصة والمحجة، وقال أبو عبيد: الشين في كلامهم أعلا وأفضل.
          وصفة التشميت يرحمك الله، ويرد: يهديكم الله ويصلح بالكم ويغفر الله لكم.
          وقوله: (وعن المياثر) قال الداودي: هي من الأرجوان الأحمر، وقيل: جلود السباع وقد سلف، والقسي: الثياب التي يؤتى بها من مصر من قس بلدة بتنيس خربت الآن وهي بفتح القاف، وأصحاب الحديث يكسرون والوجه الفتح.
          قال الهروي عن شمر: هو القزي أبدلت الزاي سيناً.
          وقال أبو عبيد: هي منسوبة إلى بلاد يقال لها: القس، رأيتها. ولم نعرفها، وقال ابن فارس: هي ثياب يؤتى بها من اليمن.
          والإستبرق: ضرب من الديباج غليظ، قيل: وفيه ذهب، وأصله فارسي معرب أصله استبره، والمعروف أن الإستبرق غليظ الديباج. وقال الداودي: هو رقيقه.


[1] في هامش المخطوط: ((أقول: فإن قلت ما الحكمة أن جواب السلام واجب والتشميت سنة وكلاهما جوابان؟ قلت: جواب السلام رد على المسلم عملاً بقوله تعالى {وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ} فهو واجب بالنص بخلاف التشميت فإنه ليس فيه نص، وإنما فيه..... قول العاطس الحمد لله تعلق فإنه حمد الله لنفسه بخلاف المسلم فإنه يقول السلام عليك للمسلم عليه فيه حق ونصيب فيتعين إجابته بأحسن مما قال أو يردها قال كما في القرآن الشريف فحصل الفرق بينهما فليتأمل)).