مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب ما جاء في أن الخمر ما خامر العقل من الشراب

          ░5▒ باب ما جاء أن الخمر ما خامر العقل من الشراب
          فيه حديثان:
          1- ثنا أحمد بن أبي رجاء بسنده، عن ابن عمر قال: خطب عمر على منبر رسول الله صلعم الحديث وصدر هذا الحديث إلى قوله: ما خامر العقل، سلف في أواخر تفسير سورة المائدة، ويحيى هذا هو ابن سعيد القطان الحافظ. وأبو حيان التيمي هو يحيى بن سعيد بن حيان.
          2- حديث الشعبي عن ابن عمر، عن عمر قال: الخمر يصنع من خمسة: والمراد بقوله: قلت: يابا عمر. هو أبو حيان التيمي، وعمرو هو الشعبي، وممن رخص في الطلاء الذي ذهب ثلثاه: أبو عبيدة بن الجراح ومعاذ وعمر، وأمر بذلك عماراً ومن قبله من المسلمين، وأبو أمامة، وجرير بن عبد الله، وأبو الدرداء، وخالد بن الوليد، وعلي، وأنس، وإبراهيم النخعي، والحسن، وسعيد بن المسيب، ومسروق، وشريح، وأبو عبيدة بن عبد الله، وعبد الرحمن / بن بشر الأنصاري، وعمر بن عبد العزيز، وطاوس، وعكرمة.
          ذكره ابن أبي شيبة، وذكر أن البراء بن عازب كان يشربه على النصف، وكذا أبو جحيفة وجرير بن عبد الله، وأنس، وابن أبزى، ومحمد بن الحنفية، وإبراهيم وقيس ابن أبي حازم وسعيد بن جبير ويحيى والشعبي وعبيدة.
          وأجازه أبو حنيفة وصاحباه محتجين أنه لا يشرب الخمر أحد من الصحابة والتابعين ما يسكر؛ لأنهم مجمعون أن قليل الخمر وكثيرها حرام. قال ابن عبد البر: وممن كره النصف ابن المسيب والحسن وعكرمة.
          قال المهلب: ومن الدليل القاطع لهم إجماعنا وإياهم على تحريم قليل الخمر من العنب، ولا يخلو تحريمها أن تكون لمعنى أم لا؟ الثاني ممتنع؛ لامتناع العبث فتعين الأول، والمعنى فيهما واحد كما سلف؛ لأن النصيب من الخمر تأخذ بنصيب من الإسكار.
          إيضاحه: لو أن سفينة رمي فيها عشرة أقفزة فلم تغرق، فرمي فيها قفيز زائد فغرقت لم يكن غرقها بالقفيز ولا بثقله وحده بل بالكل وهذا عقلي واضح، ولا شك أن القليل يدعو إلى الكثير كما أن البيع وقت النداء يخشى منه فوت الجمعة.
          فكذا كل ما يقع عليه اسم خمر فحكمه واحد في التحريم مع أن القدر الذي يحدث عنه السكر غير معلوم، فلا يجوز أن يتعلق به التحريم كما سلف، وقد ألزم الشافعي الكوفيين إلزاماً صحيحاً قال: ما تقولون فيمن شرب القدر الذي لا يسكره؟ قالوا: مباح(1). قال: إن خرج فهبت عليه الريح فسكر مما شربه؟ فقالوا: حرام. فقال لهم: هل رأيتم شيئاً يدخل الجوف وهو حلال ثم يصير محرماً؟
          قوله: قلت (وددت...) إلى آخره يريد حتى يتهيأ لنا وقد اختلف في الجد اختلاف كثير: فروي عن عبيدة أنه قال: حفظت عن عمر في الجد سبعين قضية كلها يخالف بعضها بعضاً.
          وعن عمر أنه جمع الصحابة، ليجتمعوا في الجد على قول فسقطت حية من السقف فتفرقوا، فقال عمر: أبى الله إلا أن تختلفوا في الجد وقال علي: من أراد أن يفتح جراثيم جهنم فليقض في الجد، يريد أصولها والجرثومة: الأصل.
          وقال أبو بكر وابن الزبير وابن عباس وعائشة وأبو موسى: هو يحجب الإخوة ما لم تنقصه المقاسمة فإذا نقصته أعطي الثلث وقسموا للأخوة ما بقي. وبه قال مالك وأبو يوسف والشافعي.
          وروي عن علي: هو أخ معهم ما لم تنقص المقاسمة من السدس. وروي عنه: أنه أخ معهم وإن فاته السبع.
          وأما الكلالة فهو من لا ولد له ولا والد، قاله أبو بكر وعمر وعلي وزيد وابن مسعود والمدنيون والبصريون والكوفيون، وروي عن ابن عباس: هو من لا ولد له.
          واختلف في الكلالة؛ فقال البصريون: هو اسم للميت، وهو قول ابن عباس، وقال المدنيون: هو اسم للورثة لا ولد فيهم ولا والد، وقيل: هو اسم الفريضة التي لا يرث فيها ولد ولا والد. وسلف في آخر سورة النساء.
          وأما أبواب الربا فكثيرة غير محصورة.
          قوله: (فشيء يصنع بالسند من الرز) وفي أخرى: ((من الأرز)). قال الجوهري: الأرز حب، وفيه ست لغات: أرز وأرز باتباع الضمة الضمة والزاي مشددة فيهما، وأرز وأرز مثل رسل ورسل، ورز ورز وهي لغة لعبد القيس، وفيه لغة سابعة: أرز بفتح الهمزة مع تخفيف الزاي كعضد والله أعلم.
          قال والدي ⌂:
          (كتاب الأشربة)
          قوله (حرمها) بالمجهول والتخفيف وهو متعد إلى مفعولين لأنه ضد أعطيت أي: لا يشربها في الجنة كما قال تعالى: {وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ} [محمد:15].
          فإن قلت: المعصية لا توجب حرمان الجنة قلت: يدخلها ولا يشرب من نهرها فإنها من فاخر شراب أهلها. فإن قلت فيها كل ما تشتهي الأنفس قلت: قيل أنه ينسى شهوتها وقيل: لا يشتهيها وإن ذكرها، وفيه دليل على أن التوبة تكفر المعاصي.
          قوله: (أبو اليمان) بفتح التحتانية وتخفيف الميم اسمه الحكم بالمفتوحتين، و(إيلياء) بكسر الهمزة واللام وإسكان التحتانية الأولى وبالمد ويقال بالقصر بيت المقدس.
          فإن قلت: تقدم في قصة المعراج في كتاب المناقب وسيجيء قريباً: أنه / ثلاثة أقداح قدح من عسل وقدحين، قلت: هذا في إيلياء وذلك عند رفعه إلى سدرة المنتهى، و(الفطرة) الإسلام والاستقامة واختار اللبن لما أراد الله تعالى توفيق هذه الأمة للخير واللطف بها وجعل اللبن علامة لكونه سهلاً طيباً طاهراً سائغاً للشاربين سليم العافية.
          وفيه استحباب حمد الله تعالى عند تجدد النعمة وحصول ما كان يتوقع حصوله واندفاع ما كان يخاف وقوعه، و(غوت) أي: ضلت وانهمكت في الشر.
          قوله: (ابن الهاد) هو يزيد بالزاي ابن عبد الله بن أسامة ابن الهاد الليثي المدني، و(الزبيدي) مصغر الزبد بالزاي والموحدة والمهملة محمد بن الوليد، و(عثمان بن عمر) البصري، و(هشام) أي: الدستوائي، و(لا يحدثكم) فإن قلت: لم قال لا يحدثكم غيري قلت: أما لأنه كان آخر من بقي من الصحابة ثمة أو لأنه عرف أنه لم يسمع من رسول الله صلعم غيره.
          و(الأشراط) العلامات، و(تشرب الخمر) أي ظاهراً علانية، و(تقل الرجال) لكثرة الحروب ولقتال الرجال فيها، ومن لطائف الحديث في كتاب العلم في باب رفع العلم.
          قوله: (ابن وهب) هو: عبد الله البصري، و(لا يزني) أي: المؤمن أو الزاني أو الرجل قال المالكي فيه دلالة على جواز حذف الفاعل.
          فإن قلت: المؤمن بسبب المعصية لا يخرج عن الإيمان. قلت: المراد نفي كمال الإيمان؛ أي: لا يكون كاملاً في الإيمان حالة كونه في الزنا أو هو من باب التغليظ والتشديد نحو {وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [آل عمران:97] وقال ابن عباس: ينزع منه نور الإيمان.
          الخطابي: أي من فعل ذلك مستحلاً له.
          قوله: (عبد الملك) المخزومي المدني، و(أبو بكر) هو أبو عبد الملك، و(النهبة) بفتح النون المصدر وبالضم المال المنهوب، و(الشرف) المكان العالي يعني لإباحة الرجل مال الناس قهراً وظلماً مكابرة وعلواً وعياناً، وهم ينظرون إليه ويتضرعون ولا يقدرون على دفعه، ومر تحقيق الحديث وبيان أنواع النهب في كتاب المظالم.
          قوله: (الحسن بن صباح) بتشديد الموحدة وبالمهملتين، البزار بالزاي ثم الراء الواسطي، و(محمد بن سابق) ضد اللاحق روى عنه (خ) في آخر كتاب الوصايا بدون الواسطة، لكن على سبيل الترديد فقال: ثنا محمد بن سابق أو الفضل بن يعقوب عنه، و(مالك هو ابن مغول) بكسر الميم وسكون المعجمة وفتح الواو وباللام، البجلي بالمفتوحتين، و(بالمدينة) أي: في المدينة.
          فإن قلت: كيف دل على الترجمة؟ قلت: حيث أن المطلق لا يحمل إلا على المأخوذ من العنب.
          قوله: (أبو شهاب) هو كنية عبد ربه بإضافة العبد إلى الرب(2) (ابن نافع) الحناط بالمهملتين والنون المدايني، و(ثابت) ضد الزائل البناني بضم الموحدة وخفة النون الأولى، و(البسر) هو المرتبة الرابعة لثمرة النخل أولها طلع ثم حلال ثم بلح ثم بسر ثم رطب.
          فإن قلت: الخمر مائع والبسر جامد فكيف يكون هو إياه؟. قلت: هو مجاز عن الشراب الذي يؤخذ منه عكس (أراني أعصر خمراً) أو ثمة إضمار أي: عامة أصل خمرنا أو مادتها.
          فإن قلت: تقدم أنه قال: ما بالمدينة منها شيء فكيف قال عامة خمرنا؟ قلت: المراد بقوله منها خمر العنب إذ هو المتبادر إلى الذهن عند الإطلاق أو المطلق محمول عليها.
          فإن قلت: ثمة نفي عاماً وههنا قال إلا قليلاً قلت: الراويان مختلفان فكل أخبر عن ظنه أو أراد بالشيء شيئاً كثيراً إذ القليل في حكم العدم.
          قوله: (أبو حيان) بالمهملة وشدة التحتانية وبالنون، يحيى بن سعيد التيمي بفتح الفوقانية وإسكان التحتانية الكوفي، و(عامر) أي: الشعبي. قوله: (نزل) فإن قلت: القياس أن يقال فقد نزل قلت: جاز حذف الفاء ومر مراراً كما في كتاب الحج قال: فأما الذين جمعوا بين الحج والعمرة طافوا / طوافاً واحداً.
          و(خامر) أي: كتم وغطى، وهذا تعريف بحسب اللغة، وأما بحسب العرف فهو ما يخامر العقل من عصير العنب خاصة. قوله: (أبو عبيدة) تصغير ضد الحرة، هو عامر بن الجراح أحد العشرة المبشرة، و(أبو طلحة) زيد الأنصاري زوج أم أنس، و(أبي) بضم الهمزة وفتح الموحدة وشدة التحتانية، ابن كعب اقرأ الصحابة، و(الفضيخ) بفتح الفاء وبالمعجمتين من الفضخ وهو الشدخ والكسر شراب يتخذ من البسر ويصب عليه الماء ويترك حتى يغلي فيه، وقيل: هو شراب يؤخذ من البسر والتمر كليهما، وظاهر لفظ الصحيح يساعد القول الأخير.
          و(الزهو) بفتح الزاي وضمها البسر الملون الذي ظهر فيه الحمرة أو الصفرة، وفي الحديث العمل بخبر الواحد، واختلف العلماء فقال أكثرهم: تسمية عصير العنب خمراً حقيقة وفي سائر الأنبذة مجاز وقال جماعة: هو حقيقة في الكل وللأصوليين خلاف في جواز إثبات اللغة بالقياس.
          قوله: (معتمر) أخو الحاج أبو منصور بن سليمان التيمي، و(عمومتي) بدل عن الضمير أو منصوب على الاختصاص، وفيه أن الصغير يخدم الكبار، و(أكفأها) من الإكفاء والكفأ ثلاثياً ومزيدا بمعنى القلب.
          قوله: (أبو بكر) هو ابن أنس بن مالك قال في حضور أبيه: وكانت خمرهم. فإن قلت: المذكور هو الشراب فلم أنث؟ قلت: باعتبار أنه خمر أو باعتبار الخبر وأما لفظ وحدثني فإنه من كلام سليمان وهو من باب الرواية عن المجهول.
          قوله: (محمد المقدمي) بفتح المهملة المشددة، و(يوسف البراء) بفتح الموحدة وشدة الراء وبالمد، أبو معشر بفتح الميم والمعجمة وسكون المهملة بينهما البصري، و(سعيد بن عبيد الله) الثقفي، و(بكر بن عبد الله) المزني بالنون. قوله: (البتع) بكسر الموحدة وإسكان الفوقانية وبالمهملة، شراب يتخذ من العسل، و(معن) بفتح الميم وسكون المهملة وبالنون، ابن عيسى القزاز بالقاف وشدة الزاي الأولى، و(الفقاع) بضم الفاء وتشديد القاف وبالمهملة، المشروب المشهور، و(ابن الدراوردي) بفتح المهملة وبالراء وفتح الواو وتسكين الراء وبالمهملة، عبد العزيز بن محمد.
          قوله: (أسكر) أي: جنسه، وهذا من جوامع الكلم. قوله: (الدباء) بضم المهملة وشدة الموحدة وبالمد، و(المزفت) من الزفت وهو شيء كالقير، و(الحنتم) بفتح المهملة والفوقانية وسكون النون بينهما الجرة الخضراء، و(النقير) بفتح النون الخشب المنقور وخصت هذه الظروف بالنهي لأنها ظروف متينة، فإذا انتبذ صاحبها فيها كان على حذر منها لأن الشراب فيها قد يصير مسكرا وهو لا يشعر بها، ومرت مباحثه في آخر كتاب الإيمان.
          قوله: (أحمد بن أبي رجاء) ضد الخوف الهروي، و(يحيى) أي: ابن القطان، و(أبو حيان) بفتح المهملة وشدة التحتانية وبالنون، يحيى التيمي ولفظ: (وهي من خمسة) لا يقتضي الحصر ولا ينفي الخمرية عن نبيذ الذرة والأرز وغيرهما.
          الخطابي: إنما عد عمر ☺ هذه الأنواع الخمسة لاشتهار أسمائها في زمانه ولم تكن كلها توجد بالمدينة الوجود العام فإن الحنطة كانت بها عزيزة والعسل مثلها أو أعز فعد عمر ما عرف منها وجعل ما في معناها مما يتخذ من الأرز وغيره. خمراً بمثابتها إن كان مما يخامر العقل ويسكر كإسكارها، وفيما قال أن الخمر ما خامر العقل دليل على جواز إحداث الاسم بالقياس وأخذه من طريق الاشتقاق.
          وزعم قوم أن العرب لا تعرف النبيذ المتخذ من / التمر خمراً. فأجيب: أن الصحابة الذين سموا الفضيخ خمراً فصحاء فلو لم يصح هذا الاسم لها لم يطلقوه عليها. قال: وأشار النبي صلعم إلى الشراب الذي هو جنس المشروب الموصوف بالإسكار فدخل فيه كثيره وقليله بأي اسم سمي وبأي صفة يوجد، وفيه بطلان قول من زعم: أن الإشارة بالمسكر إنما وقعت إلى الشربة الأخيرة أو إلى الخمر الذي يظهر السكر على شارب عند شربه؛ لأن الإسكار لا يختص بجزء من الشراب دون جزء وإنما يوجد السكر في آخره على سبيل التعاون كالشبع بالمأكول ثم الشراب الذي يسكر كثيره إذا كان في الإناء لا يخلو من أن يكون حلالاً أو حراماً، فإن كان حلالاً لم يجز أن يحرم منه شيء وإن كان حراماً لم يجز أن يشرب منه قليل.
          فإن قيل: هو حلال في نفسه، ولكن الله تعالى نهى أن يشرب منه ما يزيل العقل. أجيب: فينبغي أن تكون تلك الشربة معلومة يعرفها كل شارب إذ لا يجوز أن يحرم الله شيئاً، ولا يجعل لهم السبيل إلى معرفته. ومعلوم أن الطباع مختلفة فقد يسكر واحد بالمقدار الذي لا يسكر به صاحبه فلم يضبط والتعبد لا يقع إلا بالأمر المعلوم المضبوط، وإلا لم تقع الحجة به.
          قوله: (وثلاث) أي: قضايا أو أحكام أو مسائل، و(يعهد) أيك يبين لنا، و(مسألة الجد) أي: في أنه يحجب الأخ أو ينحجب به أو يقاسمه، و(الكلالة) أي: من لا والد له ولا ولد له، وقيل: بنو العم الأباعد، وقيل: الوارث الذي يولد ولا والد. وأما (الربا) فاختلفوا فيه كثيراً حتى قال بعضهم: لا ربا إلا في النسيئة، وقد روي حديثاً في ذلك ومر تحقيقه في البيع.
          قوله: (يا با عمرو) هو كنية عامر الشعبي، و(السند) بكسر المهملة وإسكان النون وبالمهملة بلاد بقرب الهند، و(الأرز) وفي بعضها الرز، و(شيء) مبتدأ وخبره محذوف، و(لم يكن) أي: معروفاً أو موجوداً في المدينة.
          قوله: (حجاج) بفتح المهملة وشدة الجيم الأولى (ابن منهال) بكسر الميم وتسكين النون، و(حفص) بالمهملتين، و(عبد الله بن أبي السفر) ضد الحضر الهمداني.
          الزركشي:
          (نهبة) بضم النون اسم للانتهاب، وهو أخذ الجماعة الشيء على غير اعتدال إلا بما اتفق إليه.
          (ذات شرف) بالشين المعجمة؛ أي: قدر كبير، وقيل: يتشرف لها الناس، وروي بالمهملة، وهو بمعنى القدر الكبير.
          (لقد حرم الخمر وما بالمدينة شيء) يريد خمر العنب، وكانت الأعناب بها قليلة.
          (إنما كان خمرهم الفضيخ) بفاء وضاد وخاء معجمتين، وهو المتخذ من البسر، ومقصوده: أن الحكم في التحريم لم يتعلق بعين الخمر المعروفة عندهم، بل كان ما أسكر فهو حرام.
          وقول عمر: (من خمسة) إنما عد هذه الخمسة من الخمور لاشتهار أسمائها في زمان عمر، وقوله: (الخمر ما خامر العقل) دليل على جواز إحداث الاسم بالقياس وأخذه من طريق الاشتقاق.
          (فأهرقها) بتحريك الهاء ويجوز التسكين أيضاً.
          (البتع) بكسر الباء بلا خلاف وإسكان التاء في المشهور، وحكى بعض أهل اللغة فتحها، وهو شراب العسل، كذا جاء مفسراً في الحديث.
          (الحنتم والنقير) سبق تفسيرهما في الإيمان، والعجب من ذكر (خ) لهما هنا من كلام أبي هريرة، وقد رواه هناك مرفوعاً من حديث ابن عباس في حديث وفد عبد القيس انتهى كلام الزركشي.
          أقول: قوله: (الشرب) يروى بضم والفتح وهما بمعنى والفتح أقل اللغتين وبها قرأ أبو عمرو ‹وشرب الهيم والأشربة جمع شراب.
          قوله: (من شرب الخمر في الدنيا) أي: هو من باب التعليق في / البيان أراد أنه لم يدخل الجنة لأن الخمر من شراب أهل الجنة، فإذا لم يشربها في الآخرة لم يكن قد دخل الجنة.
          قوله: (الفطرة) هي الابتداء والاختراع، والفطرة منه الجالسة كالجلسة والركبة والمعنى أنه على الجبلة والطبع التهيؤ لقبول الخبر والدين، وغوت غوى يغوي غياً وغواية فهو غاو؛ أي: ضل، والغي البطلان والانهماك في الباطل في الباطل، و(غوت أمتك) أي: ضلت.
          قوله: (أن يظهر الجهل ويقل العلم) فإن قلت: الظاهر أن يقال: الخفاء في مقابلة الظهور أو الكثرة في مقابلة القلة. قلت والله أعلم: الظهور قد يكون بمعنى الكثرة ألا تراهم يقولون تظاهر فلان بالمعاصي؛ أي: أكثر من فعلها، فإن الكثرة لازم الظهور فإنه ربما إذا فعلها قليلاً قد يخفى على الناس.


[1] في هامش المخطوط: ((أقول)):
[2] في هامش المخطوط: في نسخة: ((إليه)).