مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب شرب اللبن

          ░12▒ باب شرب اللبن
          وقول الله تعالى: {مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ} [النحل:66].
          فيه ثمانية أحاديث تفرقت:
          1- حديث أبي هريرة أتي رسول الله صلعم ليلة أسري به وسلف أول الكتاب وفي التفسير وأخرجه (م) (ن).
          وشيخه فيه عبدان وهو: عبد الله بن عثمان.
          2- حديث في فطره يوم عرفة بعرفة وسلف في الحج والصوم، وشيخه فيه الحميدي وهو عبد الله بن الزبير.
          3- حديث الأعمش، عن أبي صالح وأبي سفيان، عن جابر بن عبد الله قال: جاء أبو حميد بقدح... الحديث ثم ساقه من حديث الأعمش أيضاً: قال: سمعت أبا صالح يذكر... إلى آخره.
          وأبو صالح ذكوان أخرجا له وأبو سفيان طلحة بن نافع انفرد به (م).
          وأبو حميد هو الساعدي عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن مالك بن خالد بن ثعلبة بن حارثة بن عمرو بن الخزرج بن ساعدة، ابن عم سهل بن سعد(1) بن مالك بن خالد بن ثعلبة.
          والنقيع بالنون: حماه الشارع عمر لنعم الفيء وخيل المجاهدين فلا يرعاه غيرها، وهو موضع قريب من المدينة، كان ينتقع فيه الماء؛ أي يجتمع، والماء الناقع، المجتمع وقال ابن التين: روي بالباء كبقيع الغرقد، وهي رواية أبي الحسن، والنون موضع تعمل فيه الآنية.
          وقال القرطبي: بالنون أكثر الرواة عليه، وهو: وادي العقيق على عشرين فرسخاً من المدينة، وزعم الخطابي: أنه القاع.
          وقال بعضهم: أصله كل موضع يستنقع فيه الماء. ورواه أبو بحر سفيان بن العاصي بباء موحدة قال الخليل: هو أرض فيها شجر.
          قوله: (ألا خمرته) أي: سترته ومنه خمار المرأة.
          قوله: (يعرضوا عليه عوداً) هو بضم الراء، قاله الأصمعي، ورواه أبو عبيد بكسر الراء والوجه الأول.
          قال الخطابي: ورواه الأصيلي بالتخفيف يعرض، وأعرض بكسر الراء في قول عامة الناس إلا الأصمعي قال بالضم في هذا خاصة.
          وقال الجوهري: عرض العود على الإناء والسيف على فخذه يعرضه ويعرضه أيضاً، ومعنى الحديث: إن لم يعط فلا أقل من أن يعرض عليه شيئاً لقوة النهي في تركه.
          قوله: (فلا يقدر الشيطان على شيء) لا بد من ذكر الله كما جاء في الحديث(2) / وببركة اسمه تندفع المفاسد ويحصل تمام المقاصد.
          4- حديث أبي إسحاق واسمه: عمرو بن عبد الله السبيعي قال: سمعت البراء قال: قدم النبي صلعم وأبو بكر معه، الحديث وهو بعض حديث الهجرة.
          والكثبة من اللبن قدر حلبة، قاله الجوهري قال: وقال أبو زيد: هو ملء القدح، وعبارة ابن فارس: هو القطعة من اللبن والتمر سميت بذلك؛ لاجتماعها وجمعها كثب.
          وقوله: (فجلبت كثبة) كذا هنا، وفي رواية أخرى: أمرت الراعي فحلب.
          وهذا جائز أن ينسب إلى نفسه فعلاً أمر غيره بفعله.
          5- حديث أبي الزناد واسمه عبد الله بن ذكوان، عن عبد الرحمن عن أبي هريرة أن رسول الله صلعم قال: ((نعم الصدقة، اللقحة)) الحديث وسلف في العارية.
          والصفي الناقة الغزيرة اللبن أو الشاة وعبارة ابن التين: الكثيرة اللبن ويدل على كثرة لبنها قوله: ((تغدو بإناء وتروح بآخر)).
          واللقحة بكسر اللام، كذا ذكره أهل اللغة، وذكر الهروي عن غير الأزهري الفتح أيضاً وهي التي نتجت حديثاً، والمعروف أنها ذات اللبن.
          6- حديث ابن عباس أنه ◙ شرب لبناً فمضمض. سلف في الطهارة.
          وشيخه فيه أبو عاصم عن الأوزاعي، واسم أبي عاصم الضحاك بن مخلد النبيل، والأوزاعي عبد الرحمن بن عمرو أبو عمرو، وقال إبراهيم بن طهمان: عن شعبة، عن قتادة، عن أنس قال: قال رسول الله صلعم: ((رفعت إلي السدرة)) الحديث.
          وقال هشام وسعيد وهمام، عن قتادة، عن أنس بن مالك، عن مالك بن صعصعة، عن النبي صلعم مثله في الأنهار، تعليق إبراهيم وصله الإسماعيلي فثنا أبو حاتم مكي بن عبد الله بسنده ثنا إبراهيم به.
          قوله: وقال هشام.. إلى آخره. يريد: بحديث هشام ما أسلفه مسنداً في باب بدء الخلق.
          وكذا حديث همام، وحديث سعيد عنده تقدم مسنداً عن قريب.
          والفرث في الآية المبدأ بها: الكرش، وقال في ((المنتهى)): هو السرجين ما دام في الكرش، والجمع: فروث، وقال القزاز: هو ما ألقي من الكرش وكل شيء أخرجته من وعاء فنثرته فقد فرثته، والفراثة: ما أخرج من الكرش، وقد أفرثت الكرش إفراثاً إذا ألقيت فرثها.
          وشرب اللبن حلال بكتاب الله، وليس قول من قال إنه يسكر الكثير منه بشيء؛ لأن كل ما أباح الله تعالى أكله وشربه فوقع منه لشاربه أو آكله سكر فهو غير مأثوم، إلا أن يتعمد شربه لذهاب عقله دون منفعة يقصدها فهو لقصده إلى ذهاب عقله، وإنما يكون السكر منه بصناعة تدخله وإن وجد أحد يسكر منه فهي آفة في خلقته، وهذا في الشاذ والنادر فلذلك لم يحكم فيه بحكم عام، وهذا هو تفسير الترجمة المذكورة.
          والنهران الباطنان في الجنة إذا أبدلت الأرض ظهراً إن شاء الله، قاله ابن بطال.
          وأما أخذه اللبن وما قيل له: هديت الفطرة، فهو من باب الفأل؛ لأن اللبن أول ما يفتح إليه الرضيع فمه، فلذلك سمي فطرة لأنه فطر جوفه أي: شقه أول شيء، والفطور: الشقوق.
          قوله: ولو أخذت الخمر غوت أمتك.
          فيه دليل على أن الخمر كلها قليلها وكثيرها مقرون بها الغي فيجب أن تكون حراماً كلها، وإنما أتي بثلاثة أقداح وقيل له: خذ أيها أحببت؛ ليريه الله فضل تيسيره له، ولو أتي بقدح واحد لخفي موضع التيسير عليه.
          فصل
          في أبي داود من حديث جابر مرفوعاً: ((غطوا الإناء وأوكوا السقاء فإن في السنة ليلة ينزل فيها وباء لا يمر بإناء ليس عليه غطاء إلا نزل فيه)).
          قال الليث بن سعد راوي الحديث: الأعاجم يتقون ذلك في كانون الأول. وأخرجه كما تقدم ويأتي فيه أيضاً، وسلف في بدء الخلق ويأتي في الاستئذان.
          وفي (م) عن أبي حميد فذكر حديث إتيانه بقدح من لبن، وفي آخره قال أبو حميد: إنما أمر بالأسقية أن توكأ ليلاً، وبالأبواب أن تغلق ليلاً. ولابن أبي عاصم وبوب له من قال: تخمر نهاراً من حديث جابر أيضاً؛ أنه ◙ أتي بإناء لبن نهاراً فقال: هلا خمرتموه أو عرضتم عليه عوداً.
          وفي حديث أبي هريرة: أمرنا رسول الله بتغطية الوضوء وإيكاء السقاء والإناء.
          وفي حديث ابن عباس يرفعه: ((إذا شرب أحدكم لبناً فليقل: اللهم بارك لنا فيه / وزدنا منه)) فليس شيء يجزي من الطعام والشراب إلا اللبن.
          قال الداودي: قوله: عن أم الفضل، ومرة يقول: أرسلت إليه أم الفضل، فقد تقول ذلك أم الفضل عن نفسها فتذكر ما قالت، وربما ذكر معناه.
          قال والدي ⌂:
          (باب الباذق) بالموحدة وفتح المعجمة وبالقاف معرب قول العجم باده بإهمال الدال.
          و(أبو عبيدة) هو ابن الجراح، و(معاذ) هو: ابن جبل، و(الطلاء) بكسر الطاء وتخفيف اللام وبالمد، هو أن يطبخ العصير حتى يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه ويصير ثخيناً مثل طلاء الإبل ويسمى بالمثلث، ويقال له بالفارسية سيكي(3).
          وفيه قول آخر وهو أن يذهب نصفه بالطبخ قالوا وهذا مما يؤمن غائلته، وقال بعضهم: الطلاء ما طبخ من عصير العنب حتى ذهب ثلثاه، ويسميه العجم الميبختج بفتح الميم وتسكين التحتانية وضم الموحدة وإسكان المعجمة وفتح الفوقانية وبالجيم وبعض العرب تسمي الخمر الطلاء.
          و(البراء) بتخفيف الراء وبالمد، و(أبو جحيفة) مصغر الجحفة بالجيم والمهملة والفاء الصحابيان المشهوران، و(عبيد الله) مصغراً قيل: هو ابن عمر، و(أنا سائل) أي: أنا أسأله عن الشراب الذي وجد ريحه منه فإن كان مما يسكر جنسه جلدته.
          وفيه أنه لم يقصد جلده بمجرد الريح بل توقف حتى يسأله، فإن اعترف بما يوجبه يجلده.
          واختلف في جواز الحد بمجرد وجدان الرائحة، والأصح لا، وتقدم في كتاب فضائل القرآن أن ابن مسعود ضرب الحد بالريح، واختلفوا في السكران فقيل: من اختلط كلامه المنظوم وانكشف سره المكتوم، وقيل: هو من لا يعرف السماء من الأرض ولا الطول من العرض.
          قوله: (محمد بن كثير) ضد القليل، و(أبو الجويرية) مصغر الجارية بالجيم والتحتانية حطان بكسر المهملة الأولى وشدة الثانية وبالنون، ابن خفاف بضم المعجمة وخفة الفاء الأولى (الجرمي) بالجيم والراء.
          قوله: (سبق محمد صلعم) أي: سبق حكم محمد بتحريمه حيث قال: كل ما أسكر فهو حرام ثم قال أبو الجويرية: (الباذق وهو الشراب الطيب الحلال) لأنه عصير العنب الحلال الطيب مثلاً فقال ابن عباس كان شراباً حلالاً طيباً لكن صار بعد ذلك خبيثاً حراماً حيث تغير عن حاله.
          قال ابن بطال: أي سبق محمد صلعم بالتحريم للخمر قبل تسميتهم لها بالباذق، وهو من شراب العسل، وليس تسميتهم لها بغير اسمها بنافع إذا أسكرت، ورأى ابن عباس ☻ أن سائله أراد استحلال الشراب المحرم بهذا الاسم فمنعه بقوله: ما أسكر فهو حرام، وأما معنى ليس بعد الحلال الطيب إلا الحرام الخبيث، فهو أن المشبهات تقع في حيز الحرام وهي الخبائث.
          قوله: (عبد الله بن محمد بن أبي شيبة) بفتح المعجمة وإسكان التحتانية.
          فإن قلت: ما وجه مناسبة الحديث للباب؟ قلت: بيان أن العصير المطبوخ إذا لم يكن مسكراً فهو حلال كما أن الحلواء تطبخ حتى تنعقد، والعسل يمزج بالماء فيشرب في ساعته ولا شك في طيبه وحله.
          قوله: (مسلم) بفاعل الإسلام ابن إبراهيم الأزدي، و(هشام) أي: الدستوائي، و(أبو دجانة) بضم المهملة وخفة الجيم وبالنون، سماك بكسر المهملة وتخفيف الميم وبالكاف الشجاع الأنصاري الساعدي استشهد يوم اليمامة، و(سهيل) مصغر سهل ابن البيضاء مؤنث الأبيض القرشي.
          فإن قلت: سبق آنفاً أنه قال أسقي أبا عبيدة وأبي بن كعب؟ قلت: ذكرهما ثمة لا يقتضي عدم الغير.
          وفيه إشعار بأن الفضيخ هو المأخوذ من الزهو والتمر كليهما.
          قوله: (عمرو بن الحارث) المؤدب الأنصاري المصري، و(عن الزبيب) يعني: عن / الجمع بين الزبيب والتمر في الانتباذ والجمع بين البسر والرطب وليس المراد به النهي عن كل من الأربعة على الانفراد ولا النهي عن الجمع بين الأربعة أو الثلاثة ولا النهي عن الجمع بين الأولين بخصوصهما أو الأخيرين بخصوصهما، بل المقصود الجمع بين اثنين من كل ما شأنه أن ينتبذ به وبهذا تحصل المطابقة بين الترجمة والحديث.
          ولهذا ورد الاختلاف فيه في الأحاديث قالوا: والحكمة فيه أن الإسكار يسرع إليه بسبب الخلط قبل أن يتغير طعمه فيظن الشارب أنه ليس بمسكر.
          أقول: ويحتمل أن يكون ذلك لما فيه من الإسراف، إذ المقصود حاصل بواحد منهما، ولهذا عطف (خ) في الترجمة وأن لا يجعل إدامين في إدام واحد هذا.
          ومذهب الجمهور أن النهي لكراهة التنزيه ما لم يصر مسكراً، وقال بعض المالكية: هو حرام، وقال أبو حنيفة: لا كراهة فيه، وقال: كل ما لو طبخ منفرداً وحل فكذلك إذا طبخ مع غيره بلا كراهة، فقال ابن بطال: هذا رأي مخالف للسنة ومن خالفها فهو محجوج بها قال وهذا منقوض بنكاح المرأة وأختها قال: وقول (خ) من رأى أن لا يخلط البسر والتمر إذا كان مسكراً خطأ، إذ ما قصد أنهما مما يسكران في الحال، وإنما أراد أنهما مما يؤول أمرهما إلى السكر، أقول ليس خطأ غايته أنه أطلق مجازاً مشهوراً.
          قوله: (يحيى ابن أبي كثير) ضد القليل، و(أبو قتادة) بفتح القاف وتخفيف الفوقانية وبالمهملة اسمه الحارث الأنصاري، و(على حدة) بكسر المهملة وخفة المهملة؛ أي: على انفراده وثني الضمير في منهما ولم يقل منها باعتبار أن الجمع بين الاثنين لا بين الثلاثة أو الأربعة.
          قوله: (ليلة) بالتنوين وعدمه، و(الحميدي) مصغر الحمد، و(أبو النضر) بسكون المعجمة، و(عمير) مصغر عمر مولى أم الفضل بإعجام الضاد زوجة العباس بن عبد المطلب، ويقال له مولى عبد الله بن عباس مر الحديث في الحج والصوم.
          و(يوقف) بلفظ معروف ماضي الوقوف وبمجهول التوقيف.
          قوله: (قتيبة) بضم القاف، و(جرير) بفتح الجيم، و(أبو صالح) ذكوان، و(أبو سفيان) طلحة ابن نافع القرشي، و(أبو حميد) بالتصغير عبد الرحمن وقيل: المنذر بن سعد الساعدي، و(النقيع) بفتح النون وكسر القاف وبالمهملة موضع بوادي العقيق وهو الذي حماه رسول الله صلعم وقيل: إنه غير المحمي وقيل: إنه بالموحدة، و(ألا خمرته):أي هلا غطيته، و(لو أن تعرض) بضم الراء أي: تمده عليه عرضاً لا طولاً.
          ومن فوائده صيانته من الشيطان فإنه لا يكشف غطاء(4) ومن الوباء الذي ينزل من السماء في ليلة من السنة، ومن النجاسة والمقذرات ومن الهامة والحشرات ونحوها.
          و(عمر بن حفص) بالمهملتين، و(أراه) بالضم أظنه، و(النضر) بفتح النون وتسكين المعجمة هو ابن شميل بضم المعجمة، و(أبو إسحاق) هو عمرو السبيعي، و(البراء) هو ابن عازب، و(الكثبة) بضم الكاف وإسكان المثلثة وبالموحدة قدر حلبة وقيل: ملأ القدح، و(حتى رضيت) أي: حتى علمت أنه شرب حاجته وكفايته.
          فإن قلت: كيف شرب من مال الغير قلت: إما أن صاحبه كان رجلاً حربيًّا لا أمان له، أو كان صديق رسول الله صلعم أو أبي بكر ☺ يحب شربهما(5) أو كان في عرفهم التسامح بمثله أو كان صاحب الغنم أجاز للراعي مثل ذلك أو كانا مضطرين.
          قوله: (شراقة) بضم المهملة وخفة الراء وبالقاف ابن مالك (بن جعشم) بضم الجيم والمعجمة وإسكان المهملة بينهما الكناني بالنونين المدلجي أسلم آخراً وحسن إسلامه مر في أواخر كتاب المناقب.
          قوله: (اللقحة) بكسر اللام الحلوب من الناقة، و(المنحة) بكسر الميم العطية وهي كالناقة التي تعطيها غيرك ليحتلبها ثم يردها عليك ومنحة هي منصوب على التمييز نحو:
          فنعم الزاد زاد أبيك زادا
          فإن قلت: لم [ما] دخل على الصفي التاء؟ قلت: لأنها إما فعيل وفعيل يستوي فيه المذكر والمؤنث ومعناه / المختارة وقيل: غزيرة اللبن مر في آخر كتاب الهبة.
          قوله: (الأوزاعي) بفتح الهمزة وتسكين الواو وبالزاي وبالمهملة عبد الرحمن، و(إبراهيم بن طهمان) بفتح المهملة وإسكان الهاء، و(رفعت) بالراء وفي بعضها بالدال، و(السدرة) هي سدرة المنتهى وسميت بها؛ لأن علم الملائكة ينتهي إليها، و(النيل) نهر مصر، و(الفرات) نهر بغداد وهو بالتاء الممدودة في الخط حالتي الوقف والوصل، و(الباطنان) قيل هما السلسبيل والكوثر.
          فإن قلت: تقدم آنفاً وماضياً أنه قد حان؟ قلت: مفهوم العدد لا اعتبار له مع احتمال أن القدحين كانا قبل رفعه إلى سدرة المنتهى والثلاثة كانت بعده.
          و(الفطرة) أي علامة الإسلام والاستقامة.
          فإن قلت: كيف يقدر العامل هاهنا إذ لا يصح أن يقال أصبت أمتك؟ قلت: يقدر على وجه ينصب إلى صحة المعنى كما يقال في قوله تعالى: {اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} [البقرة:35] أن تقديره وليسكن زوجك [الجنة].
          (وهشام) أي: الدستوائي، و(سعيد) أي: ابن أبي عروبة، و(همام) أي: ابن يحيى الأزدي، و(مالك ابن صعصعة) بفتح الصادين المهملتين وسكون العين المهملة الأولى المدني.
          الزركشي:
          (سبق محمد الباذق) أي: سبق محمد بالتحريم للخمر قبل تسميتهم لها الباذق، وليس تسميتهم لها بغير اسمها بمانع لهم إذا أسكرت، وليس الاعتبار بالأسماء إنما هو بالسكر، وقال أبو ذر: يعني الاسم حدث بعد الإسلام.
          و(الزهو) بفتح الزاي وإسكان الهاء، والزهو بالضم: البسر الملون الذي بدا فيه حمرة أو صفرة وإرطاب.
          (باب شرب اللبن وقول الله تعالى: {مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ}) التلاوة: {نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ} [النحل:66].
          (جاء أبو حميد بقدح من لبن من النقيع) هو هنا بالنون موضع معروف بقرب المدينة تعمل فيه الآنية كان يستنقع فيه الماء؛ أي يجتمع، حماه عمر لنعم الفيء، ومن قرأ بالباء فقد صحف؛ لأن بقيع الغرقد مقبرة المدينة.
          (ولو أن تعرض عليه عودا) بفتح التاء وضم الراء في رواية الجمهور، ورواه أبو عبيد بكسر الراء، ومعناه: نصبه عليه بالعرض كأنه جعله بعرضه ومده هناك إذا لم يجد ما يغمره ويعم تغطيته منه، حديث الكثبة من اللبن سبق في حديث الهجرة، انتهى كلام الزركشي.
          أقول:
          قوله: (سبق محمد الباذق) أي: لم يكن لي ومنه أو سبق قوله فيه وفي غيره من جنسه.


[1] ((ابن سعد)): مكررة في المخطوط.
[2] في هامش المخطوط: ((أقول: فإن قلت: ما الفائدة في عرض العود؛ لأنه ليس بمانع من المحذور وهو دخول حيوان يرد فيه أو ولوغه فيه قلت: المانع ليس عرض العود وحده بل مع ذكر الله)).
[3] في هامش المخطوط: ((أقول: معناه واحد من ثلاثة)).
[4] في هامش المخطوط: ((أقول: الأواني غالباً هي مستديرة فلا عرض لها ولا طول، ومعنى يعرض يضع على الإناء)).
[5] في هامش المخطوط: ((أقول: أو كان شربهما من الذي هو يخص بالراعي وآثره لهما وقد سلف)).