مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب شوب اللبن بالماء

          ░14▒ باب شرب اللبن بالماء
          فيه حديث أنس أنه رأى ◙ شرب لبناً.. الحديث.
          وقد سلف، وشيخه فيه عبدان وهو عبد الله بن عثمان، وسلف قريباً.
          وحديث جابر بن عبد الله أنه ◙ دخل على رجل من الأنصار ومعه صاحب له.
          وفيه: فسكب في قدح، ثم حلب عليه وفي إسناده أبو عامر وهو العقدي عبد الله بن عمرو.
          ومعنى (وإلا كرعنا) يقال: كرع في الماء تكرع كرعاً وكروعاً: إذا تناوله بفيه من غير أن يشرب بكفه ولا بإناء كما تشرب البهائم؛ لأنها تدخل فيه بأكارعها يقال: أكرع في هذا الإناء نفساً أو نفسين.
          وشرب اللبن بالماء هو أصل في نفسه وليس من باب الخليطين في شيء، والحكمة كما قال المهلب في شرب الماء البارد ما فعله الشارع من الجرع لاستلذاذ برودته، وكان ذلك في يوم حر، ألا ترى قوله في باب الكرع وهي ساعة حارة؛ ولذلك صب له اللبن على الماء ليقوي برده لاجتماع برد اللبن مع برد الماء البائت(1).
          وفيه أنه لا بأس بطلب الماء البارد في سموم الحر، وقصد الرجل الفاضل بنفسه فيه حيث يعرف موضعه عند إخوانه.
          وقد روى أبو هريرة عن النبي صلعم: ((إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة أن يقال له: ألم أصح جسمك وأروك من الماء البارد)).
          وقوله: (وإلا كرعنا) يريد: إن لم يكن عندك ماء بارد ولا عذب كان الأولى في شربه الكرع لئلا يعذب نفسه لكراهته في كثرة الجرعات، والكرع: شرب الرجل بفيه، وكرع أيضاً في الإناء إذا مال بعنقه فشرب منه.
          قال الجوهري: وفيه لغة أخرى: كرع بالكسر، يكرع كرعاً.
          وذكر أبو عبد الملك قولاً شاذًّا في معنى كرع: شرب بيده، وأهل اللغة على خلافه.
          وخلط اللبن بالماء إنما يجوز عند الشرب لطلب اللذة، وأما عند البيع؛ فإنه لا يجوز لأنه غش، ذكره ابن بطال.
          ومعنى (فشيب لرسول الله صلعم من البئر) أي: خلط.
          قوله: (وعن يساره أبو بكر وعن يمينه أعرابي) هو خالد بن الوليد كما سلف، وفيه البداءة باليمين.
          قيل: وفيه هبة المجهول؛ لأنه ◙ وهب لكل واحد من جلسائه قدرته ولا نعلم مبلغه وهو مشهور مذهب مالك خلافاً للشافعي.
          وفيه جواز هبة المتاع خلافاً لأبي حنيفة.
          وفيه: هبة الواحد للجماعة.
          قيل: وفيه أن من قدم إليه بطعام لا يلزمه أن يسأل من أين صار إليه ولعله علم طيب كسبه.
          وفيه مواساة الجلساء من الهدية واشتراكهم فيها وقد سلف مرفوعاً: ((جلساؤكم شركاؤكم في الهدية)) ولا يصح، وإن صح فعلى الندب إلى التحاب وبر الجلساء / .
          وفيه مجالسة أهل البدو؛ لأن العرب جيل من الناس ينسب إليهم عربي وهم سكان الأنصار وأهلها، والأعراب منهم سكان البادية والنسبة إلى الأعراب أعرابي؛ لأنه لا واحد له، وليس الأعراب جمعاً لعربي كالأنباط جمع للنبط وإنما العرب اسم جنس.
          والشنة بفتح الشين: القربة الخلقة والشن أيضاً وكأنها صغيرة.
          وقال الداودي: هي التي زال شعرها من القدم.
          قوله: (فانطلق إلى العريش): هي خيمة من خشب وثمام وهو نبت ضعيف له خوص.
          وقال الداودي: العريش شيء يجعل من الجريد كالقبة، والجمع: عرش مثل قليب وقلب، ومنه قيل لبيوت مكة: العريش؛ لأنها عيدان تنصب(2) ويظلل عليها.
          قوله: (فسكب في قدح) أي: صب فيه.


[1] في هامش المخطوط: ((أقول: ينافي هذا التوجيه؛ لأن فيه فسلب في قدح ثم حلب عليه فيكون اللبن حاراً ببرد بالماء، وليس كما قال لاجتماع برد اللبن فليس اللبن بارداً في هذه القضية لا بالفعل ولا بالطبع ففيما قاله نظر فتأمله)).
[2] في المخطوط: ((سقيت)) ولعل الصواب ما أثبتناه.