مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب: هل يستأذن الرجل من عن يمينه في الشرب ليعطى الأكبر؟

          ░19▒ باب هل يستأذن الرجل من عن يمينه في الشرب ليعطي الأكبر؟
          فيه حديث سهل بن سعد ☺ أن رسول الله صلعم أتي بشراب فشرب منه، الحديث وسلف في المظالم أن الغلام هو: عبد الله بن عباس(1).
          ومعنى (تله): ألقاه ووضعه في يده. قال الخطابي: بعنف، وأنكره بعض أهل اللغة، ومعنى وتله للجبين أي: صرعه.
          والأشياخ: خالد بن الوليد، / نقل من طرق، وأخرجه الحميدي، وعن سفيان بسنده عن ابن عباس قال: دخلت مع رسول الله على خالتي ميمونة ومعي خالد بن الوليد فقدمت إلينا ضباباً مشوية، فلما رآها رسول الله صلعم تفل ثلاث مرات ولم يأكل منها وأمرنا أن نأكل، ثم أتي رسول الله صلعم بإناء فيه لبن وأنا عن يمينه وخالد عن يساره فقال لي رسول الله صلعم: ((الشربة لك يا غلام، وإن شئت آثرت بها خالداً))، فقال: ما كنت لأؤثر بسؤر رسول الله صلعم أحداً، ثم قال رسول الله: ((من أطعمه الله طعاماً فليقل: اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه، فإني لا أعلم شيئاً يجري من الطعام والشراب غيره)).
          وفيه أن من وجب له حق لا يؤخذ منه إلا بإذنه، فلذلك قال الغلام: ما قال المهلب: واستئذانه صاحب اليمين من باب الإيثار بالسنن فإن أذن آثر على نفسه وإلا فله فضل ما شح عليه من تشريف المكان.
          وقال إمام الحرمين: لا تجوز التبرعات، وتجوز في المهج والنفوس ويخدشه ما نحن فيه، وكذا جذب واحد من الصف مع استحباب مباعدته.
          وفي هذا دليل أن من سبق إلى مجالسة الإمام والعالم أن لا يقام لمن هو أحق منه؛ لأنه ◙ لما لم يقم ذلك الأعرابي لأبي بكر ولا الغلام للشيخ علم أن من سبق إلى موضع من العالم أو المسجد أو غيره ما حقوق التيامن فيه مساوية أنه أحق به.
          قال غيره: وقوله: (كبر كبر) في غير هذا الحديث، إنما ذلك إذا استوت حال القوم في شيء واحد؛ فحينئذ يبتدأ بالأكبر.
          وأما إذا كان لبعضهم فضل على بعض في شيء فصاحب الفضل أولى بالتقدمة، وسيأتي في باب المياه، شيء من هذا الكلام.


[1] في هامش المخطوط: ((أقول: فإن قلت: كيف لم يستأذن من الصديق في حديث الأعرابي واستأذن الغلام؟ قلت: والله أعلم اعتماداً على الصديق أنه راض بكل ما يفعله بخلاف الغلام فإنه خاف أن....)).