مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب استعذاب الماء

          ░13▒ باب استعذاب الماء
          فيه حديث أنس في قصة بيرحاء السالفة في الزكاة، وموضع الحاجة منه قوله: (ويشرب من ماء فيها طيب).
          وقال فيه: (بخ ذلك مال رابح أو رايح) شك عبد الله وحديث ابن عباس السالف أنه ◙ قال لامرأة أبي الهيثم: أين أبو الهيثم؟ الحديث.
          وروى ابن أبي عاصم من حديث أبي هريرة مثله مرفوعاً، ولا شك أن التماس الماء العذب لا ينافي الزهد، ولا يدخل في الترفه المكروه بخلاف تطييب الماء بالمسك، وشبهه الذي يكرهه مالك؛ لأنه نص على كراهة الماء المطيب بالكافور للمحرم والحلال قال: لأنه نوع من السرف.
          وشرب الماء وطلبه مباح للصالحين والفضلاء وليس شرب الماء الزعاق أفضل من شرب العذب؛ لأنه ◙ كان يشرب العذب ويؤثره.
          وفيه القدوة والأسوة الحسنة ومحال أن يترك الأفضل في شيء من أفعاله.
          وفيه دلالة على استعذاب الأطعمة وجميع المآكل جائز لذوي الفضل وأن ذلك من أفعال الصالحين.
          ولو أراد الله أن لا يؤكل لذيذ المطاعم لم يخلقها لعباده ولا امتن بها عليهم بل أراد الله منهم أكلها ومقابلتها من الشكر الجزيل عليها والحمد بما من به منها بما ينبغي لكرم وجهه وعز سلطانه، وإن كانت نعمة لا تكافئ شكراً كلها إلا بتجاوزه عن / تقصيرنا، وقد قال أهل التأويل في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللّهُ لَكُمْ} [المائدة:87] أنها نزلت فيمن حرم على نفسه لذيذ المطاعم.
          بيرحاء: فيها لغات سلفت، قال بعض العلماء: هذا الحديث أصل في الشرب من ماء الجباب بغير ثمن.
          وبخ: كلمة تقال عند المدح والرضى بالشيء وتكرر للمبالغة فيقال: بخ بخ، فإن وصلت خفضت ونونت وربما شددت كالاسم.
          ومعنى رابح بالباء: أي ربح، وقيل: وصفه صاحبه موضع الربح وهو من حسن كلامهم، تقال: مال رابح ومتجر رابح ولا تقول: مربح.
          ومعنى رايح بالمثناة تحت من راح؛ أي: يروح أجره إلى يوم القيامة، وقيل: يروح عليه في الآخرة بالأجر العظيم.
          قوله: (فجعلها في أقاربه وبني عمه) يريد: وهم بنو عمه، ولم يختلف أنه [إذا] أوصى بشيء لقرابته أن قرابته من قبل أبيه يدخلون.
          واختلف هل يدخل قرابته من أمه، فقال ابن القاسم: لا، وقال ابن الماجشون: نعم ويدخل بنو البنات.