نجاح القاري لصحيح البخاري

حديث: كنا عند أبي هريرة وعليه ثوبان ممشقان من كتان فتمخط

          7324- (حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ) الواشحيُّ، قال: (حَدَّثَنَا حَمَّادٌ) هو: ابن زيدٍ (عَنْ أَيُّوبَ) السَّختياني (عَنْ مُحَمَّدٍ) هو: ابن سيرين، أنَّه (قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أَبِي هُرَيْرَةَ) ☺ (وَعَلَيْهِ ثَوْبَانِ مُمَشَّقَانِ) بضم الميم الأولى، وفتح الثانية والشين المعجمة المشددة وبالقاف؛ أي: مصبوغان بالمشْق _بكسر الميم وفتحها وسكون الشين_ وهو الطِّين الأحمر (مِنْ كَتَّانٍ) والواو في قوله: ((وعليه)) للحال (فَتَمَخَّطَ) أي: استنثر (فَقَالَ: بَخٍّ بَخٍّ) بموحدة مفتوحة فيهما وتشديد الخاء المعجمة وبتخفيفها، وهي كلمةٌ تُقال عند المدح والرِّضى بالشَّيء والإعجاب، وقد تكون للمبالغة (أَبُو هُرَيْرَةَ يَتَمَخَّطُ فِي الْكَتَّانِ، لَقَدْ رَأَيْتُنِي) / أي: لقد رأيتُ نفسي، وهذا من خصائصِ أفعال القلوب.
          (وَإِنِّي لأَخِرُّ) أي: أسقط (فِيمَا بَيْنَ مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صلعم إِلَى حُجْرَةِ عَائِشَةَ) ♦ حال كوني (مَغْشِيًّا) بفتح الميم وسكون الغين المعجمة؛ أي: مغمىً (عَلَيَّ) بتشديد الياء، من الجوع، وفي رواية الحمويي والمستملي: <عليه> بالهاء.
          (فَيَجِيءُ الْجَائِي فَيَضَعُ رِجْلَهُ فِي عُنُقِي) وفي رواية الحمويي والمستملي: <على عنقي> (وَيُرَى) بضم التحتية؛ أي: يظنُّ (أَنِّي مَجْنُونٌ وَمَا بِي جُنُونٌ) أي: والحال أنَّه ما بي جنونٌ (مَا بِي إِلاَّ الْجُوعُ).
          ومطابقة الحديث للتَّرجمة في قوله: ((وإنِّي لَأخِرُّ ما بين المنبر والحُجرة)) وهي مكانُ القبر الشَّريف.
          وقال ابن بطَّالٍ عن المُهلَّب: وجه دخولهِ في التَّرجمة: الإشارة إلى أنَّه لمَّا صبرَ على الشِّدة الَّتي أشار إليها من أجل ملازمة النَّبي صلعم في طلبِ العلم جُوزِي بما انفردَ به من كثرة محفوظه ومنقولهِ من الأحكام وغيرها، وذلك ببركةِ صبره على المدينة.
          والحديث أخرجه التِّرمذي في «الزهد».