نجاح القاري لصحيح البخاري

باب مَن شبه أصلًا معلومًا بأصل مبين قد بين الله حكمهما

          ░12▒ (باب مَنْ شَبَّهَ أَصْلاً مَعْلُوماً بِأَصْلٍ مُبَيَّنٍ) بفتح التحتية (قَدْ بَيَّنَ اللهُ) وفي رواية أبي ذرٍّ عن الكُشميهني: <بين رسول الله> (حُكْمَهُمَا) بلفظ التثنية، وفي رواية أبي الوقت: <حكمها>. وفي رواية غير الكُشميهني والجُرْجاني: <من شبَّه أصلاً معلوماً بأصلٍ مبيَّن، وقد بيَّن النَّبي صلعم حكمهما> بإثبات الواو في قوله: ((وقد بيَّن)). وفي رواية النَّسفي: <من شبَّه أصلاً معلوماً بأصلٍ مُبهمٍ قد بيَّن الله حكمهما>.
          (لِيُفْهِمَ السَّائِلَ) المرادَ منه؛ يعني: أنَّ المراد تشبيه أصل بأصلٍ، والمشبَّه أخفى عند السَّائل من المشبَّه به، وفائدة التَّشبيه: التَّقريبُ لفهم السَّائل. وقال الكرمانيُّ: لو قال: من شبَّه أمراً معلوماً لوافق اصطلاح أهل القياس، وضَعَ المصنِّفُ هذا الباب للدَّلالة على صحَّة القياس، وأنَّه ليس مذموماً.
          فإن قيل: الباب المتقدِّم مشعرٌ بالذَّمِّ والكراهة. فالجواب: أنَّ القياسَ على نوعين: صحيحٌ مشتملٌ على جميع شرائطه المذكورة في فنِّ الأصول، وفاسدٌ بخلاف ذلك، فالمذموم هو الفاسد، وأمَّا الصَّحيح فلا مذمَّة فيه بل هو مأمورٌ به كما مرَّ.