نجاح القاري لصحيح البخاري

باب قول النبي: لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق يقاتلون

          ░10▒ (باب قَوْلِ النَّبِيِّ صلعم : لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ يُقاتِلُونَ) وروى مسلم هذه التَّرجمة عن ثوبان قال: حدَّثنا حمَّاد هو: ابن زيدٍ، عن أيُّوب، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء، عن ثوبان قال: قال رسول الله صلعم : ((لا تزال طائفةٌ من أمَّتي ظاهرين على الحقِّ لا يضرُّهم من خذلهم، حتَّى يأتيَ أمرُ الله وهم كذلك)). وله من حديث جابر ☺ مثله، لكن قال: ((يقاتلون على الحقِّ ظاهرين إلى يوم القيامة)).
          قال البخاريُّ: (وَهُمْ أَهْلُ الْعِلْمِ) وفي رواية أبي ذرٍّ: <وهم من أهلِ العلم>، وسقط في روايته: «يقاتلون»، وروى البخاري عن عليٍّ بن المديني: هم أصحاب الحديث. ذكره الترمذيُّ قال: سمعتُ محمد بن إسماعيل يقول: سمعتُ علي بن المديني يقول: هم أصحاب الحديث.
          وذكر في كتاب «خلق أفعال العباد» عقِب حديث أبي سعيدٍ في قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً} [البقرة:143]، هم الطَّائفة المذكورة في حديث: ((لا تزال طائفةٌ من أمَّتي)). ثمَّ ساقه وقال: وجاء نحوه عن أبي هريرة ومعاويةَ وجابر وسلمة بن نُفيلٍ، وقرَّة بن إياسٍ. انتهى.
          وأخرج الحاكم في «علوم الحديث» بسندٍ صحيحٍ عن أحمد: إن لم يكونوا أهل الحديث، فلا أدري مَن هم. ومن طريق يزيد بن هارون مثله. / وزعم بعض الشُّرَّاح: أنَّه استفاد ذلك من حديث معاوية؛ لأنَّ فيه: ((من يُرِدِ الله به خيراً يفقِّهه في الدِّين)) [خ¦71] وهو في غاية البُعد.
          وقال الكرمانيُّ: يُؤخذ من الاستقامة المذكورة في الحديث الثَّاني [خ¦7312]، أنَّ من جملة الاستقامة: أن يكون التَّفقُّه لأنَّه الأصل، وبهذا ترتبط الأخبار المذكورة في حديث معاوية؛ لأنَّ الإنفاق لا بدَّ منه؛ أي: المشار إليه بقوله: ((وإنَّما أنا قاسم ويعطي الله ╡)) [خ¦7312].