إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: رضاها صمتها

          5137- وبه قال: (حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ طَارِقٍ) بفتح العين وسكون الميم، الهلاليُّ المصريُّ قال(1): (أَخْبَرَنَا) ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي: ”حدَّثنا“ (اللَّيْثُ) بنُ سعدٍ الإمام (عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ) عبد الله (عَنْ أَبِي عَمْرٍو) بفتح العين، ذَكوان (مَوْلَى عَائِشَةَ، عَنْ عَائِشَةَ) ♦ (أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ البِكْرَ تَسْتَحِي) أن تفصِح به، ولأبي ذرٍّ: ”تَستحيِي“ بياءين (قَالَ) ╕ : (رِضَاهَا صَمْتُهَا) أي: سكوتها‼. وظاهر الحديث أنَّه ليس للوليِّ تزويج مولِّيته من غير استئذانٍ ومراجعةٍ، واطِّلاعٍ على أنَّها راضيةٌ، بصريح الإذن أو سكوتٍ من البكر، وللعلماء في هذا المقام تفصيلٌ واختلافٌ، فاتَّفقوا(2) على أنَّه لا يجوز تزويجُ الثَّيِّب البالغة العاقلة إلَّا بإذنها، والبكرُ الصَّغيرةُ يزوِّجها أبوها اتِّفاقًا أيضًا. وأمَّا الثَّيِّب غير البالغ فاختلف فيها؛ فقال مالكٌ وأبو حنيفة: يزوِّجها أبوها كما يزوِّج البكر، وقال إمامنا الشَّافعيُّ وأبو يوسف ومحمد: لا يزوِّجها إذا زالَت البكارة بالوطء لا بغيره لأنَّ إزالة البكارة تُزيل الحياء الَّذي في البكرِ. وأما البكرُ البالغُ فيزوِّجها أبوها، وكذا غيره(3) من الأولياء. واختُلف في استئمارها، والحديث يدلُّ على أنَّه لا إجبار عليها للأبِ إذا امتنعتْ، وهو مذهب الحنفيَّة. وقال مالكٌ والشَّافعيُّ وأحمد: يزوِّجها. واحتجَّ بمفهوم حديث الباب لأنَّه جعل الثَّيِّب أحقَّ بنفسها من وليِّها، فدلَّ على أنَّ وليَّ البكر أحقُّ بها منها، وألحق الشَّافعيُّ الجدَّ بالأب. وقال(4) أبو حنيفة في الثَّيِّب الصَّغيرة: يزوِّجها كلُّ وليٍّ، فإذا بلغت ثبتَ لها الخيار. وعن مالكٍ يلتحق بالأب في ذلك وصيُّ الأب دون بقيَّة الأولياء لأنَّه / أقامه مُقامه، وقال الحنابلةُ: وللأب إجبارُ بناته الأبكار مطلقًا، وثيِّبٍ لها دون تسع سنين، لا مَن لها تسعٌ وأكثر(5).


[1] «قال»: ليست في (م) و(د).
[2] في (د): «واتفقوا».
[3] في (م): «غيرها».
[4] في (د): «وقد قال».
[5] في (ب) و(س): «فأكثر».