إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: لا تنكح الأيم حتى تستأمر ولا تنكح البكر حتى تستأذن

          5136- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُعَاذُ(1) بْنُ فَضَالَةَ) بفتح الفاء وتخفيف المعجمة، قال: (حَدَّثَنَا هِشَامٌ) الدَّستوائيُّ (عَنْ يَحْيَى) بنِ أبي كثيرٍ (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ) بنِ عبدِ الرَّحمن بنِ عوفٍ (أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ) ☺ (حَدَّثَهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صلعم قَالَ: لَا تُنْكَحُ الأَيِّمُ) بضم الفوقية وفتح الكاف، مبنيًّا للمفعول، ورفع الحاء على أنَّ «لا» نافية، خبرٌ بمعنى النَّهي، وبالجزم وكسرها لالتقاءِ السَّاكنين على أنَّها ناهيةٌ، والأول(2) أبلغُ، والأيِّمُ بتشديد التحتية المكسورة في الأصلِ الَّتي لا زوجَ لها بكرًا كانت أو ثيِّبًا، مطلَّقة أو متوفَّى عنها، والمراد بها هنا: الَّتي زالت بكارتها بأيِّ وجهٍ كان، سواءٌ زالت بنكاحٍ صحيحٍ، أو شبهةٍ، أو فاسدٍ، أو زنا، أو بوثبةٍ، أو بأصبعٍ، أو غير ذلك؛ لأنَّها جعلت مقابلةً للبكر (حَتَّى تُسْتَأْمَرَ) بضم الفوقية وفتح الميم، أي: يطلبُ أمرها (وَلَا تُنْكَحُ البِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ) أي: يطلبُ إذنها، وفرق بينهما بأن(3) الأمر لا بدَّ فيه من لفظ، والإذن يكون بلفظ وغيره (قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَكَيْفَ إِذْنُهَا؟) أي: البكرِ (قَالَ: أَنْ تَسْكُتَ) لأنَّها قد تستحي أن تُفصِح، واختلف فيما إذا سكتَتْ وظهرتْ منها قرينةُ السُّخط كالبكاءِ، أو الرِّضا كالتَّبسُّم؛ فعند المالكيَّة: إن ظهرتْ منها قرينةُ الكراهة لم تزوَّج، وعند الشَّافعيَّة: لا يؤثِّر ذلك إلَّا إن وقعَ مع البُكاء صياحٌ ونحوه.
          وهذا الحديث أخرجهُ أيضًا في «ترك الحيل» [خ¦6970]، ومسلم في «النِّكاح» وكذا النَّسائي(4).


[1] في (د) و(م): «محمد».
[2] في (ص): «الأولى».
[3] في (ص): «لأن».
[4] قوله: «وكذا النسائي» ليس في (م).