إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: إن الله كره لكم ثلاثًا قيل وقال

          1477- وبه قال: (حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ) / الدَّورقيُّ قال: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ) هو إسماعيل بن(1) إبراهيم، وعُلَيَّة _بضمِّ العين وفتح اللَّام وتشديد المُثنَّاة التَّحتيَّة_: اسم أمِّه، قال: (حَدَّثَنَا خَالِدٌ الحَذَّاءُ) بفتح الحاء المهملة وتشديد الذَّال المعجمة، ممدودٌ(2)، البصريُّ (عَنِ ابْنِ أَشْوَعَ) بفتح الهمزة وسكون الشِّين المعجمة وفتح الواو، آخره عينٌ مهملةٌ غير منصرفٍ، واسمه: سعيد بن عمرو بن أَشْوَعَ، الهَمْدانيُّ قاضي الكوفة(3)، ونُسِبَ(4) لجدِّه، وثَّقه ابن معينٍ والنَّسائيُّ والعجليُّ وإسحاق بن رَاهُوْيَه، ورماه الجوزجانيُّ(5) بالتَّشيُّع، لكن احتجَّ به الشَّيخان والتِّرمذيُّ، له عنده حديثان؛ أحدهما متابعةٌ [خ¦52/28-4190] ولأبي ذرٍّ عن الكُشْمِيْهَنِيِّ: ”ابن الأشوع“ (عَنِ الشَّعْبِيِّ) بفتح المعجمة، عامر بن شراحيل (قال: حَدَّثَنِي) بالإفراد (كَاتِبُ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ) ومولاه وَرَّادٍ؛ بفتح الواو وتشديد الرَّاء وبالدَّال المهملة آخرُه (قَالَ: كَتَبَ مُعَاوِيَةُ) بن أبي سفيان ☻ (إِلَى المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ) ☺ (أَنِ اكْتُبْ إِلَيَّ بِشَيْءٍ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ) ولأبي ذرٍّ وابن عساكر: ”من النَّبيِّ“ ( صلعم ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلعم يَقُولُ: إِنَّ اللهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلَاثًا: قِيلَ وَقَالَ) يجوز أن يكونا ماضيين، وأن يكونا مصدرين(6)، وكُتِبا بغير ألفٍ على لغة ربيعة، والمراد المقاولة بلا ضرورةٍ وقصد ثوابٍ، فإنَّها تقسِّي القلوب، أو المراد ذكر الأقوال الواقعة في الدِّين؛ كأن يقول: قال الحكماء كذا، وقال أهل السُّنَّة كذا، من غير بيان ما هو الأقوى، ويقلِّد من سمعه من غير أن يحتاط، وقال في «المُحكَم»: القول: في الخير، والقيل والقال: في الشَّرِّ خاصَّةً، وقال في «المصابيح»: «قيل وقال» وما بعدها(7) بدلٌ من «ثلاثًا». فإن قلت: «كَرِهَ» لا يتسلَّط على «قيل وقال» ضرورة أنَّ كلًّا منهما فعلٌ ماضٍ، فلا يصحُّ وقوعه مفعولًا به، فكيف صحَّ البدل بالنِّسبة إليهما؟ قلت: لا نسلِّم أنَّ واحدًا منهما فعلٌ، بل كلُّ واحدٍ منهما اسمٌ مسمَّاه الفعل الذي هو: «قيل» أو «قال»، وإنَّما فُتِحَ آخره على الحكاية، وذلك مثل قولك: ضرب: فعلٌ ماضٍ، ولهذا أخبر عنه، والإخبار عنه باعتبار مُسمَّاه، وهو «ضربَ» الذي يدلُّ على الحدث والزَّمان، وغاية الأمر أنَّ هذا لفظٌ مُسمَّاه لفظٌ، ولا نكير‼ فيه، كأسماء السُّور وأسماء حروف المعجم، قال: وقول ابن مالكٍ: إنَّ الإسناد اللَّفظيَّ يكون في الكَلِم الثَّلاث، والذي يختصُّ به الاسم هو الإسناد المعنويُّ ضعيفٌ. انتهى. (وَ) كره الله لكم (إِضَاعَةَ المَالِ) بإنفاقه في المعاصي والإسراف فيه، كدفعه لغير رشيدٍ، أو تركه من غير حافظٍ له، أو يتركه حتَّى يفسد، أو يموِّه أوانيه بالذَّهب، أو يُذهِّب سقف بيته، أو غير ذلك، وللحَمُّويي والمُستملي: ”وإضاعة الأموال“ (وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ) للنَّاس في أخذ أموالهم صدقةً، وهذا موضع التَّرجمة، ويحتمل أن يكون المراد السُّؤال عن المشكلات التي تعبَّدنا بظاهرها، أو عمَّا لا حاجة للسَّائل به(8)؛ لكنَّ حملَه على المعنى الأعمِّ أَوْلى.


[1] في (د): «ابن»، وليس بصحيحٍ.
[2] في (س): «ممدودًا».
[3] في غير (د) و(س): «الكوفيِّ»، وهو تحريفٌ.
[4] في (م): «نسبه».
[5] في (د): «الجرجانيُّ»، وهو تحريفٌ.
[6] في (د): «ماضيين أو مصدرين».
[7] «وما بعدها»: ليس في (م) و(ج)، وفي (د): «وما بعدهما».
[8] في (ص): «إليه».