إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: ليس المسكين الذي ترده الأكلة والأكلتان

          1476- وبالسَّند قال: (حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ) بكسر الميم، السُّلَمِيُّ البصريُّ الأنماطيُّ قال: (حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) بن الحجَّاج (قال: أَخْبَرَنِي) بالإفراد (مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ ☺ عَنِ النَّبِيِّ صلعم قَالَ: لَيْسَ المَـِسْكِينُ) بكسر الميم وقد تُفتَح، أي: الكامل في المسكنة (الَّذِي تَرُدُّهُ الأُكْلَةُ وَالأُكْلَتَانِ) عند طوافه على النَّاس للسُّؤال؛ لأنَّه قادرٌ على تحصيل قُوتِه، وربَّما يقع له زيادةٌ عليه، وليس المراد نفي المسكنة عن الطَّوَّاف، بل نفي كمالها؛ لأنَّهم أجمعوا على أنَّ السَّائل الطَّوَّاف المحتاج مسكينٌ، وهمزة «الأُكلة» و«الأُكلتان» مضمومةٌ، أي: اللُّقمة واللُّقمتان، كما صرَّح به في الرِّواية الأخرى [خ¦1479] تقول: ”أكلت أكلةً واحدة“ أي: لقمةً، وأمَّا بالفتح، فالأكل(1) مرَّة واحدةً حتَّى يشبع (وَلَكِنَِّ المِسْكِينَُ) الكامل، بتخفيف نون «لكنْ»، فـ «المسكينُ» مرفوعٌ وبتشديدها، فـ «المسكينَ» منصوبٌ، والأخيرة لأبي ذرٍّ(2) (الَّذِي لَيْسَ لَهُ غِنًى) بكسر الغين، مقصورًا، أي: يسارٌ، وزاد الأعرج [خ¦1479]: «يغنيه»، وهي صفةٌ له، وهو قدرٌ زائدٌ على اليسار، إذ لا يلزم من حصول اليسار للمرء أن يغنى به بحيث(3) لا يحتاج إلى شيءٍ آخر، واللَّفظ محتملٌ لأن يكون المراد نفي أصل اليسار، ولأن يكون المراد نفي اليسار المُقيَّد بأنه(4) يغنيه مع وجود أصل اليسار، وعلى الاحتمال الثَّاني‼ ففيه: أنَّ المسكين هو الذي يقدر على مالٍ أو كسبٍ يقع موقعًا من حاجته، ولا يكفيه كثمانيةٍ من عشرةٍ، وهو حينئذٍ أحسن حالًا من الفقير، فإنَّه الذي لا مال له أصلًا، أو يملك ما لا يقع موقعًا(5) من كفايته كثلاثةٍ من عشرةٍ، واحتجُّوا له بقوله تعالى: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ}[الكهف:79] فسمَّاهم مساكين(6) مع أنَّ لهم سفينةً، لكنَّها لا تقوم بجميع حاجتهم (وَيَسْتَحْيِي) بياءين أو بياءٍ واحدةٍ، زاد همَّامٌ: «أن يسأل النَّاس»، وزاد الأعرج [خ¦1479]: «ولا يُفطَن له» (أَوْ لَا يَسْأَلُ النَّاسَ إِلْحَافًا) نُصِبَ على الحال، أي: ملحفًا(7)، أو صفةُ مصدرٍ محذوفٍ، أي: سؤال الإلحاف(8)، أو عامله محذوفٌ، أي: ولا يلحف إلحافًا.


[1] في (د): «فالأكلة».
[2] «والأخيرة لأبي ذَرٍّ»: ليس في (م).
[3] في (د): «حيث».
[4] في (د): «لأنَّه».
[5] «موقعًا»: ليس في (د).
[6] «مساكين»: ليس في (د).
[7] في (د): «ملحفين».
[8] في (د): «إلحاف».