إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب المنان بما أعطى

          ░19▒ (باب) ذمِّ (المَنَّانِ بِمَا أَعْطَى) من الصَّدقة على من(1) أعطاه (لِقَوْلِهِ) تعالى: ({الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُواُ}) من الصَّدقات ({مَنًّا}) على من أعطَوه، بذكر الإعطاء له، وتعدُّد نعمه عليه ({وَلاَ أَذًى}[البقرة:262]) بأن يتطاول عليه بسبب ما أنعم عليه، فيحبط به ما أسلف من الإحسان، فحظر الله تعالى المنَّ بالصَّنيعة واختصَّ به صفةً لنفسه؛ إذ هو من العباد تكديرٌ، ومن الله تعالى إفضالٌ وتذكيرٌ لهم بنعمه (الآيَةَ) إلى آخرها، أي: إلى قوله: {لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ} أي: ثوابهم على الله لا على أحدٍ سواه {وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ} فيما يستقبلونه من أهوال القيامة {وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} على ما فاتهم، والآية نزلت في عبد الرَّحمن بن عوفٍ، فإنَّه أتى النَّبيَّ صلعم بأربعة آلاف درهمٍ، وعثمان فإنَّه جهَّز جيش العسرة بألف بعيرٍ بأقتابها وأحلاسها، وسقط في رواية غير أبي ذَرٍّ قوله: «{مَنًّا وَلاَ أَذًى}» واقتصر المؤلِّف على الآية، ولم يذكر حديثًا؛ لكونه لم يجد في ذلك ما هو على شرطه، وفي «مسلمٍ» من حديث أبي ذرٍّ ☺ : «ثلاثةٌ لا يكلِّمهم الله يوم القيامة: الذي لا يُعطي شيئًا إلَّا مَنَّهُ، والمنفق سلعته بالحلف، والمسبل إزاره»، وهذه التَّرجمة ثبتت في رواية الكُشْمِيْهَنِيِّ كما قاله(2) في «الفتح»، وأشار(3) في «اليونينيَّة» إلى سقوطها في رواية أبي ذرٍّ، والله الموفِّق والمعين.


[1] في (م): «ما».
[2] في (د): «قال».
[3] زيد في (ص): «إليه».