التلقيح لفهم قارئ الصحيح

حديث: من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم فالجنة عليه حرام

          4326- 4327- قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وأنَّ لقب محمَّد بُنْدَار، وتَقَدَّم ما معنى (البُنْدَار) [خ¦69]، و(غُنْدُرٌ) بعدَه: تَقَدَّم ضبطه مرارًا، وأنَّه محمَّد بن جعفر، وأنَّ معنى (غُنْدُرٌ) المُشَغِّب [خ¦87]، و(عَاصِمٌ): هو ابن سليمان الأحول، تَقَدَّم، و(أَبُو عُثْمَانَ): عبد الرَّحمن بن مَلٍّ، تَقَدَّم مِرارًا، وتَقَدَّمت اللغات في (مَلٍّ)، وتَقَدَّم بعض ترجمته [خ¦526]، و(سَعْدٌ) بعده: هو ابن مالك أبي وقَّاص، أحد العشرة، مشهور، ♥.
          قوله: (وَهوَ أَوَّلُ مَنْ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللهِ): إن قيل: في أيِّ سريَّة أو غزاة رمى به؟ فالجواب: أنَّه في بَعثِ عُبيدة بن الحارث بن المطَّلب بن عبد مناف، بعثَه في ستِّين _أو ثمانين_ راكبًا مِن المهاجرين، ليس فيهم مِن الأنصار أحد، وكان ذلك في ربيع الأوَّل على رأس ثلاثة عشر شهرًا / من مَقْدَمه المدينة، فسار حتَّى بلغ ماءً بالحجاز بأسفل ثنيَّة المرَّة، فلقي بها جمعًا عظيمًا مِن قريش، فلم يكن بينهم قتالٌ، إلَّا أنَّ سعد بن أبي وقَّاص قد رمى بسهم، فكان أوَّلَ من رمى به في الإسلام، والقصَّة معروفة، وقد قدَّمتُ ذلك في (مناقب سعد)، وقدَّمتُ أيضًا أنَّه أوَّل مَن أراق دمًا في الإسلام، ويقال: أوَّل مَن أراق دمًا في الإسلام طُليب بن عُمير [خ¦3728].
          قوله: (وَأَبَا بَكْرَةَ، وَكَانَ تَسَوَّرَ حِصْنَ الطَّائِفِ فِي أُنَاسٍ): (أبو بَكْرَة): نفيع بن الحارث، وقيل: نفيع بن مسروح، خرج إلى عسكر المسلمين من الطائف في بضعة عشر رجلًا، كذا قال أهل المغازي، وسيجيء في هذا «الصحيح» قريبًا جدًّا: (أنَّه نزل إلى النَّبيِّ صلعم ثالث ثلاثة وعشرين من الطائف)، والجمع ممكن.
          فائدةٌ: لم يعيِّن هنا غير أبي بَكْرَة، غير أنَّه قال: (في أُناس)، وسيأتي قريبًا: (وَأَمَّا الآخَرُ _يعني: أبا بَكْرة_؛ فَنَزَلَ إِلَى النَّبِيِّ صلعم ثَالِثَ ثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ مِنَ الطَّائِفِ)، انتهى، وقد قال موسى بن عقبة: يقال: (لم يخرج مِن الطائف غير أبي بكرة، فأعتقه ◙)، وتبعه الحاكم والبَيهَقيُّ وغيرهما، وينبغي أن يؤوَّل على أنَّه خرج وحده أوَّلًا، وهو مبيَّن كذلك في بعض الكتب، ثُمَّ خرج بعده جماعة، وعن الزُّهريِّ: (لم يخرج إليه غيره وغير(1) زياد)، انتهى؛ يعني بزياد: ابن سُميَّة، وفي صحبته نظر، وليست له صحبة ولا رواية وإن كان وُلد عام الهجرة، وقيل: يوم بدر، وقيل: قبل الهجرة، قال ابن عبد البرِّ: (وليست له صحبة ولا رواية)، انتهى، وقد عدَّه الذهبيُّ فيهم في «تجريده»، وقد قدَّمتُ ترجمة زياد فيما مضى [خ¦1700].
          وكان فيمن نزل: الأزرق، وكان عبدًا للحارث بن كَلَدَة المتطبِّب، وهو زوج سميَّة أمِّ زياد ابن أبيه، ومنهم: المُنْبَعث، وكان اسمه المُضطجع، فغيَّره ◙، وكان عبدًا لعثمان بن عامر، ومنهم: يُحَنس النَّبَّال، وكان عبدًا لبعض آل يسار، ومنهم: وَرْدَان جدُّ الفرات بن زيد بن وردان، وكان عبدًا لعبد الله بن ربيعة بن خَرَشَة، وإبراهيم بن جابر، وكان أيضًا لخَرَشَة، كلُّ هذا ذكره ابن إسحاق في غير رواية ابن هشام، وذكر أبو عمر فيهم: نافع بن مسروح أخو نفيع أبي بكرة، وذكر ابن سلَّام فيهم: نافعًا مولى غيلان بن سلمة الثقفيِّ، وذكر أنَّ ولاءه رجع إلى غيلان حين أسلم، وأحسبه وَهمًا من ابن سلَّام أو ممَّن رواه عنه، وإنَّما المعروف: نافع بن غيلان، ويحتمل أن يكون له عبد اسمه نافع؛ كاسم ابنه نافع بن غيلان، والله أعلم، هذا ملخَّص من كلام السهيليِّ ☼ ما أكثر فوائده! والله أعلم.
          تنبيهٌ: استُشهد بالطائف اثنا عشر رجلًا من الصَّحابة؛ منهم أربعة من الأنصار.
          قوله: (فَالْجَنَّةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ): هذا إن اعتقد حلّ ذلك، وإلَّا؛ فمؤوَّل، والله أعلم.
          قوله: (وَقَالَ هِشَامٌ...) إلى آخره: هذا تعليق مجزوم به، وهذا هو هشام بن يوسف، أبو عبد الرَّحمن، قاضي صنعاء، شيخ مشايخ البُخاريِّ، تَقَدَّم مترجمًا [خ¦885]، ولم أر تعليقه في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا هنا، و(مَعْمَرٌ) بعده: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بميمين مفتوحتين، بينهما عين مهملة، وأنَّه ابن راشد، و(عَاصِمٌ) بعده: تَقَدَّم أعلاه أنَّه ابن سليمان الأحول، و(أَبُو الْعَالِيَةِ): هو زياد بن فيروز، وقيل في اسمه: كلثوم، تَقَدَّم أنَّه بَرَّاءٌ بصريٌّ، يروي عن ابن عبَّاس وأبي بَرْزَة، وعنه: أيوب وابن أبي عَروبة، ثِقةٌ، تُوُفِّيَ سنة ░90هـ▒، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، والنَّسائيُّ، وقوله: (أَوْ أَبِي عُثْمَانَ): شكٌّ، و(أبو عثمان): تَقَدَّم أعلاه أنَّه عبد الرَّحمن بن مَلٍّ.
          قوله: (قَالَ عَاصِمٌ): تَقَدَّم أعلاه أنَّه ابن سليمان الأحول، وقوله: (لَقَدْ شَهِدَ عِنْدَكَ رَجُلَانِ): يقوله لأحد شيخيه المشكوك فيه؛ هل أبو عثمان أو أبو العالية؟ والله أعلم.


[1] كذا في (أ)، وفي التوضيح ░21/489▒ ذكر أنَّ مكان الكلمة طمس، لكن في النسخة التي بخط البرهان ░3ق218/أ) كالمثبت، وفي الكلام المذكور هنا نظر كما سيذكر المصنف، فـ«زياد ابن سمية» كان صغيرًا كما قال الحافظ ابن حجر في «الفتح» ░7/642▒، وكذا كتب التراجم التي لم تعتبر لـ «زياد» هذا صحبة، والله تعالى أعلم.