التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب قول الله تعالى: {وضرب الله مثلًا للذين آمنوا امرأة فرعون}

          ░32▒ بَابُ: قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَضَرَبَ اللهُ مَثَلًا} [التحريم:11] إِلَى قَوْلِهِ: {وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ} [التحريم:12]
          3411- ثمَّ ساق حديث أبي موسى ☺: (كَمَلَ مَنَ الرِّجَالِ كثِيرٌ، وَلَمْ يَكْمُلْ مِنْ النِّسَاءِ إِلَّا آسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ وَمَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَإِنَّ فَضْلَ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ).
          الشَّرح: هذا الحديث يأتي قريبًا [خ¦3432]، وأخرجه أيضًا في فضل عائشة ♦ في موضعين [خ¦3769] [خ¦3770]، وفي الأطعمة [خ¦5418]، وأخرجه مسلمٌ والتِّرْمِذيُّ والنَّسائيُّ وابن ماجَهْ.
          وقوله: {وَضَرَبَ اللهُ مَثَلًا} أي: وصف المؤمنين بما وصف به امرأة فرعون، وذلك أنَّها اختارت القتل على ذهاب دِينها ورفضت المُلكَ، وكانت لها فِراسةٌ حين قالت: {قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ} [القصص:9].
          و(آسِيَةُ): هي ابنة مزاحمٍ ابنةُ عمَّة فرعون، وقيل: إنَّها مِنَ العَماليق، وقيل: مِنْ بني إسرائيل مِنْ سِبْطِ موسى، قال السُّهَيليُّ: وقيل هي عمَّةُ موسى.
          وأمَّا (مَرْيَمُ): فكلُّ مولودٍ يطعَنُ الشَّيطانُ في جنبِه إلَّا هي وابنَها، لقولها:{وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [آل عمران:36]، وقوله: {فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا} [التحريم:12] قال قَتادة: نفخنا في جَيبها، قال الفرَّاء: كلُّ خَرْقٍ في دِرعٍ أو غيرِه فهو فرجٌ، ورُدَّ بأنَّ العرب إنَّما تقول: أحصنت فَرْجَها مِنَ الفَرْجِ بعينِه، ومعنى: {فَنَفَخْنَا فِيهِ} جعلنا فيه الرُّوح الَّتي لنا، على أنَّ أبا صالحٍ قال: جاءها الملَك فنفخ في جيبِها فدخل الفرجَ فحملت بعيسى.
          وما ذُكر في عائشة ♦ يحْتَمل أن يريد نساء عصرِها أو سائرَهنَّ أو أمَّهاتِ المؤمنين، وقال صلعم: ((خيرُ نسائها مريمُ وخيرُ نسائها خديجةُ)) والعرب تَعُمُّ الخصوص وتَخُصُّ العموم، والله أعلمُ أيَّ ذلك أراد أنهنَّ أفضلُ.