التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب: {وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرةً}

          ░30▒ باب☺: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} الآية [البقرة:67]
          قَالَ أَبُو العَالِيَةَ: العَوَانُ: النَّصَفُ بَيْنَ البِكْرِ وَالْهَرِمَةِ {فَاقِعٌ} [البقرة:69] صَافٍ {لَا ذَلُولٌ} [البقرة:71] لَمْ يُذِلَّهَا الْعَمَلُ، {تُثِيرُ الْأَرْضَ} [البقرة:71] لَيْسَتْ بِذَلُولٍ تُثِيرُ الأَرْضَ، وَلَا تَعْمَلُ فِي الْحَرْثِ {مُسَلَّمَةٌ} [البقرة:71] مِنَ العُيُوبِ، {شِيَةَ} [البقرة:71] بَيَاضٌ، {صَفْرَاءُ} [البقرة:69] إِنْ شِئْتَ سَوْدَاءُ، وَيُقَالُ: صَفْرَاءُ، كَقَولِهِ: {جِمَالَاتٌ صُفْرٌ} [المرسلات:71] {فَادَّارَأتُمْ} [البقرة:72] اختَلَفْتُمْ.
          الشَّرح: تفسير أبي العالية رواه الطَّبَريُّ عن سَلَمَة، عن أبي إسحاقَ عن الزُّهْريِّ عنه، وقاله ابن عباسٍ أيضًا، لأنَّ الفَارض: البكرة، والبِكْرٌ: الصَّغيرة، وقال مجاهدٌ: الْعَوَان الَّتي قد وَلدت بطنًا أو بطنين، قيل: وهو المعروف عند العرب، وما ذكره في ({فَاقِعٌ}) قاله قَتادة، وقال الكسائيُّ: فَقَعَ يَفْقَعُ إذا خَلُصَت صُفْرَتُه.
          وقوله: ({تُثِيرُ الأَرْضَ}) قال مجاهدٌ: لم تُذلَّل بالعمل فتثيرَ الأرضَ، وقيل: المعنى ليست ذلولًا وهي تثيرُ الأرض، فجعل تثيرُ مستأنَفًا، ورُجِّح الأوَّل لأنَّ قوله: {وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ} لا بدَّ أن يكون معطوفًا على نفيٍ، والمعنى: لا تثير ولا تسقي، وما ذكره في ({مُسَلَّمَةٌ}) هو قول قَتادة، وقال غيره: مِنَ العمل، وقال مجاهدٌ: مِنَ الشِّيَةِ لا بياضَ فيها ولا سواد، وقيل: في ({لَا شِيَةَ}) لا لونَ فيها مخالفٌ لِلَونِها، وما ذكره في ({صَفْرَاءُ}) أنكره بعضُ أهل النَّظر، وقال: لأنَّه لا يجوزُ سوداءُ فاقعٌ، إنَّما يُقال: أصفرُ فاقعٌ وأسودُ حالكٌ وأحمرُ قانئٌ ونحوُ ذلك، وقال سعيد بن جُبيرٍ: صفراءُ القَرنِ والظِّلْفِ.
          وقوله: {فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} [البقرة:71] قال محمَّد بن كعبٍ: لغَلاء ثمنِها، وقال وهبُ بن منبِّهٍ: لخوف الفَضيحة في القاتِل، قال أبو عُبيدة: اشترَوها بملءِ جِلدِها دنانيرَ، وقال عِكرِمة: ما كان ثمنُها إلَّا ثلاثةَ دنانير.
          وقال قَتادة: ذُكر لنا أنَّ نبيَّ الله صلعم كان يقول: ((إنَّما أُمِرَ القومُ بأدنى بقرةٍ ولكنْ لمَّا شدَّدوا على أنفسهم شُدِّد عليهم، والَّذي نفسي بيده لو لم يستثنوا ما بُيِّنتْ لهم)).
          وقوله: ({جِمَالَاتٌ صُفْرٌ}) جِمالةٌ: جمعُ جَمَلٍ، وجمعُ الجمعِ جِمَالاتٌ، و({صُفْرٌ}): عند مجاهدٍ سودٌ، وقيل: إنَّما قيل للجَمَلِ الأسوَدِ أصفرُ لأنَّه لا يوجد جملٌ أسودُ إلَّا وهو مَشُوبٌ بصُفْرَةٍ.