التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب قول الله تعالى: {وإلى ثمود أخاهم صالحًا}

          ░17▒ باب: قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا} [الأعراف:73]
          {كَذَّبَ أَصْحَابُ الحِجْرِ} [الحجر:80] مَوْضِعُ ثَمُودَ، وَأَمَّا {حَرْثٌ حِجْرٌ} [الأنعام:138] حَرَامٌ، وَكُلُّ مَمْنُوعٍ فَهُوَ حِجْرٌ مَحْجُورٌ، وَالْحِجْرُ: كُلُّ بِنَاءٍ بَنَيْتَهُ، وَمَا حَجَرْتَ عَلَيْهِ مِنَ الأَرْضِ فَهُوَ حِجْرٌ مَحْجُور، وَمِنْهُ سُمِّيَ حَطِيمُ الْبَيْتِ حِجْرًا، كَأَنَّهُ مَشْتَقٌّ مِنْ مَحْطُومٍ، مِثْلُ: قَتِيلٍ مِنْ مَقتولٍ، وَيُقَالُ لِلأُنْثَى مِنَ الخَيْلِ: حِجْرٌ، وَيُقَالُ لِلْعَقْلِ: حِجْرُ وَحِجًا، وَأَمَّا حَجْرُ اليَمَامَةِ فَهُوَ مَنْزِلٌ.
          الشَّرح: قال قَتادة: {الحِجْرِ} الوادي، يذهب إلى أنَّهُ اسمٌ له، وقال بعض المفسِّرين: الحِجْرُ على ستَّة أوجهٍ: حِجْرٌ حرامٌ، قال تعالى: {وَحَرْثٌ حِجْرٌ} [الأنعام:138]، وديار ثمود، والعقل، وحِجْرُ الكعبة، والأنثى مِنَ الخيل، وقد ذكر البخاريُّ ذلك.
          وحَجْرُ القميص وحِجْرُه والفتح أفصحُ، زاد ابن فارس: حِجْرُ الإنسان قال: وفيه لغتان، وزاد: الحِجْرُ القَرَابة، وضُبط (حُجْرُ اليَمَامَةِ) بالضَّمِّ عند أبي الحسن، وبالفتح عند أبي ذرٍّ، قيل: وهو الصَّوَاب، وهو كذلك في ضبط كتاب ابن فارس قال: حَجرٌ نُصب باليمامة.
          فائدة: صالح: هو ابن عبيد بن حاثر بن ثَمُودَ بن عُوصِ بن / إِرَمَ بن سامِ بن نوحٍ، وفي «غرر التِّبيان» إسقاط حاثر.
          قال: ابن عبيد بن عوص بن عَادِ بنِ إِرَمَ، عاش مئتين وثمانين سنةً، وبينه وبين هودٍ مئةُ سنةٍ، قال وهبٌ: أرسله الله إلى قومه حين راهقَ الحُلُم، وكان رجلًا أحمرَ إلى البياض، سَبْطَ الشَّعر، يمشي حافيًا كما كان يمشي المسيحُ، ولا يتَّخذ مَسكنًا ولا بيتًا، ولمَّا سأله قومُه آيةً أتى بهم هضبةً، فلمَّا رأته تمخَّضت كما تمخَّضُ الحامل، وانشقَّت عن النَّاقة، ولمَّا عَقَرَ قُدَارُ بن سَالِفٍ ومِصْدَعُ بْنُ مِهْرَجٍ _ويُقال ابنُ دَهْرٍ ويُقال ابن جهمٍ_ النَّاقةَ يوم الأربعاء صَعِدَ فصيلُها جبلًا ورَغَا، فأتاهم العذاب يوم السَّبت، وذَكر السُّهيليُّ أنَّ قُدارًا كان ولدَ زنًا، وهو أحمرُ ثمودَ الَّذي يُضرب به المثلُ في الشُّؤم، وكان أحمرَ أشقرَ أزرقَ سِناطًا قصيرًا، وأمَّا الَّذين تمالؤوا معه فهم فيما ذُكر في «الوشاح» لابن دُريد: مِصْدَعُ بْنُ مِهْرَجٍ، وهُوَيْلُ بن عَتر، وعُرام بن رُبَّى، ومهرب بن زهيرٍ، وعرس بن بحد، ودعم بن غنمٍ، وكان الَّذي تولَّى عقرها قُدارٌ والَّذي رماها مِصْدَعٌ، فلمَّا هلكوا قال صالحٌ لِمَنْ معه: يا قوم إنَّ هذه الدَّارَ مسخوطٌ على أهلها فالحقوا بحرم الله، فأهَلُّوا مِنْ ساعتِهم بالحجِّ، فلم يزالوا بها حتَّى ماتوا، وقال قَتادة فيما حكاه الطَّبَريُّ: لم يعقرها حتَّى تابعهم صغيرُهم وكبيرُهم على عَقْرها.