شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب قول النبي: يستجاب لنا في اليهود ولا يستجاب لهم فينا

          ░62▒ بابُ قَوْلِ النَّبيِّ صلعم: (يُسْتَجَابُ لَنَا فِي الْيَهُودِ، وَلا يُسْتَجَابُ لَهُمْ فِينَا).
          فيه: عَائِشَةُ: (أَنَّ الْيَهُودَ أَتَوُا النَّبيَّ صلعم فَقَالُوا: السَّامُ عَلَيْكَ، فقَالَ(1): وَعَلَيْكُمْ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: السَّامُ عَلَيْكُمْ، وَلَعَنَكُمُ اللهُ، وَغَضِبَ عَلَيْكُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم: مَهْلًا يَا عَائِشَةُ، عَلَيْكِ بِالرِّفْقِ، وَإِيَّاكِ وَالْعُنْفَ، أَوِ الْفُحْشَ، قَالَتْ: أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا؟ قَالَ: أَوَلَمْ تَسْمَعِي مَا قُلْتُ، رَدَدْتُ عَلَيْهِمْ، فَيُسْتَجَابُ لِي فِيهِمْ، وَلا يُسْتَجَابُ لَهُمْ فيَّ). [خ¦6401]
          قال المؤلِّف: معنى هذا الحديث، والله أعلم، أنَّه صلعم إنَّما يُستجاب له في اليهود لأنَّهم على غير طريق الحقِّ وضالِّين عن الهدى، ومعاندين في التَّمادي على كفرِهم بعد ما تبيَّن لهم الحقُّ بالآيات الباهرات، فلذلك يستجاب له فيهم، ولهذا المعنى لم يُستجب لهم في النَّبيِّ صلعم لأنَّهم ظالمون في دعائِهم عليه، قال الله تعالى(2): {وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلاَلٍ}[الرعد:14]، وهذا أصل في دعاء الظَّالم أنَّه لا يستجاب فيمَن(3) دعا عليه، وإنَّما يرتفع إلى الله تعالى مِن الدُّعاء ما وافق الحقَّ وسبيل الصِّدق.


[1] في (ت): ((قال)).
[2] في (ت): ((قال تعالى)).
[3] في (ت): ((فيما)).