شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب الصلاة على النبي

          ░32▒ بابُ الصَّلاة على النَّبي صلعم.
          فيه: كَعْبُ بنُ عُجْرَةَ: (خَرَجَ عَلَيْنَا النَّبي صلعم فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، قَدْ عَلِمْنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْكَ، فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ قَالَ: قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ(1) إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ على آلِ(2) إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ). [خ¦6357]
          وفيه(3): عَن أَبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ نحوَه. [خ¦6358]
          اختلف العلماء في الصَّلاة على النَّبيِّ صلعم هل هي فرض أم لا؟ فذهب جمهور العلماء إلى أنَّها ليست بفرض في الصَّلاة، وحكى(4) ابن القصَّار عن ابن الموَّاز أنَّها واجبة، قال: والمشهور عن أصحابنا أنَّها واجبة في الجملة على الإنسان أن يأتي بالشهادتين مرَّةً في دهرِه مع القدرة عليه، وشذَّ الشَّافعيُّ فزعم أنَّ ذلك فرض في الصَّلاة، واحتجَّ بحديث كعب بن عُجْرة، رواه عن إبراهيم بن محمَّد عن سعيد بن إسحاق بن كعب بن عُجْرة، وفي حديثه: ((وَذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ)).
          قال الطَّحاوي: وكان مِن حجَّة مَن خالفَه عليه أنَّ إبراهيم بن محمَّد ليس ممَّن يُحتجُّ بحديثِه، ولو ثبت حديثُه هذا(5) لم يكن فيه دليل أنَّ ذلك فرض لأنَّا قد وجدنا مثل ذلك عن النَّبيِّ صلعم مِن آي القرآن ومِن الأمر مِنه أن يجعل ذلك(6) في الصَّلاة، فلم يكن مرادُه بذلك(7) الفرض، وهو حديث عقبة بن عامر عن النَّبيِّ صلعم أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَ: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ}[الواقعة:74]، قال: ((اجْعَلُوهَا فِي رُكُوعِكُمْ)) وَلَمَّا نَزَلَتْ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعلى}[الأعلى:1]قال: ((اجْعَلُوهَا فِي سُجُودِكُمْ)) وكانَ مَنْ ترك التَّسبيح في الرُّكوع والسُّجود غير مفسد صلاتَه، وكذلك روي عن النَّبيِّ صلعم أنَّه علَّمَهم التَّشَهُّد في الصَّلاة، وليس منه الصَّلاة على النَّبيِّ صلعم وقد تقدَّم ذلك في كتاب الصَّلاة فانتفى أن يكون على المصلِّي فرض غير ما علَّمَه النَّبيُّ صلعم ودلَّ ذلك على(8) أنَّ قولَه: {يَا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}[الأحزاب:56]على النَّدب لا على الفرض، ونحو هذا ذكر الطَّبري، وقال: الصَّلاة على النَّبيِّ صلعم ندب وفضل في كل حال، و على هذا تأوَّل(9) هذه الآية.


[1] قوله: ((آل)) ليس في (ت) و(ص).
[2] قوله: ((آل)) ليس في (ت) و(ص).
[3] في (ت) و(ص): ((فيه)).
[4] في (ص): ((وذكر)).
[5] في (ت): ((بهذا)).
[6] قوله: ((ذلك)) ليس في (ت) و(ص).
[7] في (ت) و(ص): ((من ذلك)).
[8] قوله: ((على)) ليس في (ت) و(ص).
[9] في (ت) و(ص): ((تأويل)).