شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب التكبير والتسبيح عند المنام

          ░11▒ بابُ التَّكْبِيرِ وَالتَّسْبِيحِ عِنْدَ الْمَنَامِ.
          فيه: عَلِيٌّ: (أَنَّ(1) فَاطِمَةَ اشَتكَتْ مَا تَلْقَى فِي يَدِهَا مِنَ(2) الرَّحَى، فَأَتَتِ النَّبيَّ صلعم تَسْأَلُهُ خَادِمًا، فَلَمْ تَجِدْهُ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِعَائِشَةَ، فَلَمَّا جَاءَ أَخْبَرَتْهُ، قَالَ(3): فَجَاءَنَا وَقَدْ أَخَذْنَا مَضَاجِعَنَا، فَذَهَبْتُ أَقُومُ، فَقَالَ: مَكَانَكِ فَجَلَسَ بَيْنَنَا حتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ على صَدْرِي، فَقَالَ: أَلَا أَدُلُّكُمَا عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ؟ إِذَا أَوَيْتُمَا إِلَى فِرَاشِكُمَا، أَوْ أَخَذْتُمَا / مَضَاجِعَكُمَا، فَكَبِّرَا ثَلاثًا وَثَلاثِينَ، وَسَبِّحَا ثَلاثًا وَثَلاثِينَ، وَاحْمَدَا ثَلاثًا وَثَلاثِينَ، فَهَذَا خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ). وَقَالَ ابْنِ سِيرِينَ: التَّسْبِيحُ أَرْبَعٌ وَثَلاثُونَ(4). [خ¦6318]
          هذا(5) نوع مِن الذِّكر عند النَّوم غير ما جاء في حديث البراء وحديث حذيفة والأحاديث الأُخر، وقد يمكن أن يكون النَّبيُّ صلعم يجمع ذلك كلَّه عند نومِه، وقد يمكن أن يقتصر(6) على بعضِها إعلامًا منه لأُمَّتِه أنَّ ذلك معناه الحضُّ والنَّدب لا الوجوب والفرض، وفي هذا الحديث حجَّة لمَن فضَّل الفقر على الغنى لأنَّه صلعم قال: (أَلَا أَدُلُّكُمَا عَلَى مَا هُوَ خَيرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ) فعلَّمَهما الذِّكر، ولو كان الغنى أفضل مِن الفقر لأعطاهما الخادم وعلَّمَهما الذِّكر، فلمَّا منعَهما الخادم وقصرَهما على الذِّكر خاصةً عُلم أنَّه صلعم إنَّما اختار لهما الأفضل عند الله، والله الموفِّق.


[1] قوله: ((علي أن)) ليس في (ت) و(ص).
[2] في (ت) و(ص): ((عند)).
[3] في (ص): ((قالت)).
[4] في (ص): ((أربعاً وثلاثين)) وقوله: ((فَهَذَا خَيْرٌ لَكُمَا...أَرْبَعٌ وَثَلاثُونَ)) ليس في (ت).
[5] في (ت) و(ص): ((وهذا)).
[6] زاد في (ت) و(ص): ((منها)).