شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب الدعاء عند الوضوء

          ░49▒ بَابُ الْوُضُوءِ عِنْدَ الدُّعَاءِ.
          فيه: أَبُو مُوسَى، قَالَ: (دَعَا النَّبيُّ صلعم بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ، وقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعُبَيْدٍ أَبِي عَامِرٍ، وَرَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ، وقَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَوْقَ كَثِيرٍ مِنْ خَلْقِكَ مِنَ النَّاس). [خ¦6383]
          قال المؤلِّف: فيه استعمال الوضوء عند الدُّعاء، وعند ذكر الله ╡، وذلك مِن كمال أحوال الدَّاعي والذَّاكر، وممَّا يرجى له به الإجابة لتعظيمِه لله ╡ وتنزيهِه له حين لم يذكرْه إلَّا على طهارة، ولهذا المعنى تيمَّم النَّبيُّ صلعم بالجدار عند بئر جمل حين سلَّم عليه الرَّجل، وكذلك ردَّ السَّلام عليه(1) على حال تيمُّم، ولم يكن له سبيل إلى الوضوء بالماء، وعلى هذا مضى صلعم ومضى سلف الأمة، كانوا لا يفارقون حال الطَّهارة ما قدروا لكثرة ذكرِهم لله ╡ وكثرة تنفُّلهم، وقد روي عن ابن عبَّاس أنَّ النَّبي صلعم كان يبول ويتيمم، فأقول: ((إِنَّ المَاءَ قَرِيبٌ، فَيَقُولُ(2): لَعَلِّيَ لَا أَبْلُغُهُ)).
          وفيه حجَّة لمَن استحبَّ رفع اليدين في الدُّعاء، / وقد تقدَّم في ذلك قبل هذا(3).


[1] زاد في (ت): ((السلام)).
[2] في (ت): ((ويقول)).
[3] قوله: ((وقد تقدم في ذلك قبل هذا)) ليس في (ت) و(ص).