شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب قول الله تعالى: {وصل عليهم}

          ░19▒ بابُ قَوْلِ اللهِ ╡: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ}[التوبة:103]وَمَنْ خَصَّ أَخَاهُ بِالدُّعَاءِ دُونَ نَفْسِهِ.
          وَقَالَ أَبُو مُوسَى: (قَالَ النَّبيُّ صلعم: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعُبَيْدٍ أَبِي عَامِرٍ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعَبْدِ اللهِ بنِ قَيْسٍ ذَنْبَهُ).
          فيه(1): سَلَمَةُ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبيِّ صلعم إِلَى خَيْبَرَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: أَيْ عَامِرُ، لَوْ أَسْمَعْتَنَا مِنْ هُنَيَّاتِكَ، فَنَزَلَ يَحْدُو بِهِمْ(2):
تَاللهِ لَوْلَا اللهُ مَا اهْتَدَيْنَا
          قَالَ النَّبيُّ صلعم: (مَنْ هَذَا السَّائِقُ؟) قَالُوا: عَامِرُ بْنُ الأكْوَعِ، قَالَ: (يَرْحَمُهُ اللهُ). [خ¦6331]
          وفيه: ابنُ أَبِي أَوْفَى: (قَالَ: كَانَ النَّبيُّ صلعم إِذَا أَتَاهُ رَجُلٌ بِصَدَقَتِهِ، قَالَ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيه، فَلَمَّا أَتَاهُ أَبِي بِصَدَقَتِهِ قَالَ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى). [خ¦6332]
          وفيه: / جَرِيرٌ: (قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي لَا أَثْبُتُ على الْخَيْلِ، فَصَكَّ فِي صَدْرِي، وقَالَ: اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ، وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيَّاً). [خ¦6333]
          وفيه: أَنَسٌ: (قَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ لِلنَّبِيِّ صلعم: أَنَسٌ خَادِمُكَ، قَالَ: اللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ، وَبَارِكْ لَهُ فِيمَا أَعْطَيْتَهُ). [خ¦6334]
          وفيه: عَائِشَةُ: (سَمِعَ النَّبيُّ صلعم رَجُلًا فِي الْمَسْجِدِ يَقْرَأُ(3)، فَقَالَ: ☼، لَقَدْ أَذْكَرَنِي كَذَا وَكَذَا آيَةً أَسْقَطْتُهَنَّ). [خ¦6335]
          وفيه: عَبْدِ اللهِ: (قَسَمَ النَّبي صلعم قَسْمًا، فَقَالَ رَجُلٌ: مَا أُرِيدَ بِهَا وَجْهُ اللهِ، فَأَخْبَرْتُ النَّبي صلعم فَغَضِبَ، وَقَالَ: يَرْحَمُ(4) اللهُ مُوسَى،(5) أُوذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا، فَصَبَرَ). [خ¦6336]
          قال المؤلِّف: في هذه الأحاديث كلَّها مِن الفقه دعاء المسلم لأخيه دون نفسِه كما ترجم، وقد جاء عن النَّبيِّ صلعم أنَّ دعاء المرء لأخيه مجاب. روى(6) الطَّبري قال: حدَّثنا أبو هشام الرِّفاعي(7) حدَّثنا ابن فُضَيل حدَّثنا أبي عن طلحة بن عُبيد الله(8) بن كَرِيز عن أمِّ الدَّرداء عن أبي الدَّرداء قال: قال رسول الله صلعم: ((مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو لِأَخِيهِ(9) بِظَهْرِ الغَيْبِ إِلَّا قَالَ لَهُ المَلَكُ: وَلَكَ مِثْلُ ذَلِكَ)) وروى سعيد بن جبير عن ابن عبَّاس عن النَّبيِّ صلعم قال: ((خَمْسُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٍ: دَعْوَةُ المَظْلُومِ حَتَّى يَنْتَصِرَ، وَدَعْوَةُ الحَاجِّ حَتَّى يُصْدِرَ، وَدَعْوَةُ المُجَاهِدِ حَتَّى يَقْفُلَ، وَدَعْوَةُ المَرِيضِ حَتَّى يَبْرَأَ، وَدَعْوَةُ الأَخِ لِأَخِيهِ)).
          وقد(10) رُوي عن بعض السَّلف: أنَّه قال(11): إذا دعا المرء لأخيه فليبدأ بنفسِه. قال سعيد بن يَسَار: ذكرت رجلًا عند ابن عُمر فتراحمت(12) عليه، فلهز في صدري وقال لي: ابدأ بنفسك، وقال إبراهيم: كان يقال: إذا دعوت فابدأ بنفسك، فإنَّك لا تدري في(13) أيِّ دعاء يُستجاب لك.


[1] في (ت) و(ص): ((وفيه)).
[2] في (ت) و(ص): ((لهم)).
[3] في (ص): ((رجلاً يقرأ في المسجد))، وقوله: ((يقرأ)) ليس في (ت).
[4] في (ت) و(ص): ((رحم)).
[5] زاد في (ت): ((لقد)).
[6] في (ت) و(ص): ((دعا)).
[7] زاد في (ت) و(ص): ((قال)).
[8] في نسخنا والمطبوع: ((عبد الله)) والصواب المثبت.
[9] قوله: ((لأخيه)) ليس في (ص).
[10] قوله: ((روي)) ليس في (ص).
[11] قوله: ((قال)) زيادة من (ص).
[12] في (ت): ((فترحمت)).
[13] قوله: ((في)) ليس في (ص).