نجاح القاري لصحيح البخاري

حديث: أن أبا أسيد أعرس فدعا النبي لعرسه

          6685- (حَدَّثَنِي) بالإفراد، وفي رواية أبي ذرٍّ: <حدَّثنا> (عَلِيٌّ) هو: ابنُ عبد الله المديني، أنَّه (سَمِعَ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ أَبِي حَازِمٍ) بالحاء المهملة والزاي، يقول: (أَخْبَرَنِي) بالإفراد (أَبِي) أبو حازم سلمة بن دينار الأعرج (عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ) بسكون الهاء والعين فيهما، السَّاعدي الأنصاري، وكان اسمه: حزنًا، فسمَّاه النَّبي صلعم سهلًا.
          (أَنَّ أَبَا أُسَيْدٍ) بضم الهمزة وفتح السين مصغَّرًا، مالك بن ربيعة السَّاعدي البدري (صَاحِبَ النَّبِيِّ صلعم ) ذكر لفظ «صاحب» إمَّا استلذاذًا وإمَّا افتخارًا، وإمَّا تعظيمًا له، وإمَّا تفهيمًا لمن لا يعرفه (أَعْرَسَ) بفتح الهمزة وسكون المهملة وبعد الراء سين مهملة أيضًا؛ أي: لمَّا اتخذ عروسًا، وفي رواية أبي ذرٍّ عن الكُشميهني: <عرَّس> بتشديد الراء من غير همز.
          (فَدَعَا النَّبِيَّ صلعم ) أي: وأصحابه (لِعُرْسِهِ، فَكَانَتِ الْعَرُوسُ) على وزن فعول يستوي فيه الذَّكر والأنثى، والمراد به هنا: الزَّوجة (خَادِمَهُم) بالتَّذكير بغير مثناة فوقية، يُطلق على الذكر والأنثى، والعروس هي أمُّ أسيد بنت وهب بن سلامة (فَقَالَ سَهْلٌ) السَّاعدي (لِلْقَوْمِ) الَّذين حدَّثهم (هَلْ تَدْرُونَ مَا سَقَتْهُ) صلعم ، وفي رواية أبي ذرٍّ عن الكُشميهني: <ماذا سقته>.
          (قَالَ: أَنْقَعَتْ لَهُ تَمْرًا فِي تَوْرٍ) بفتح المثناة الفوقية وسكون الواو وبالراء، هو إناءٌ من صفر، أو حجرٌ كالإِجانة، وقد يتوضَّأ منه (مِنَ اللَّيْلِ، حَتَّى أَصْبَحَ عَلَيْهِ، فَسَقَتْهُ) صلعم (إِيَّاهُ) أي: نقيع التَّمر. قال الكرماني: مناسبة الحديث للباب مفهوم نبيذٍ إذ المتبادر إلى الذِّهن منه أنَّ / العروس المذكورة فيه سقت المتَّخذ من التَّمر، ففيه الرَّدُّ على بعض النَّاس.
          وقال صاحب «التوضيح»: وجه تعلُّق البخاري من حديث سهل في الرَّدِّ على أبي حنيفة هو أنَّ سهلًا إنَّما عرف أصحابه أنَّه لم يسق الشَّارع إلَّا نبيذًا قريب العهد بالانتباذ ممَّا يحلُّ شربه. ألا ترى إلى قوله: «أنقعت له تمرًا في تورٍ من اللَّيل حتَّى أصبح عليه، فسقته إيَّاه» وهكذا ينبذ له صلعم ليلًا، ويشربه غدوةً، وينبذ له غدوةً ويشربه عشيَّةً. انتهى.
          كذلك روي عن عائشة ♦ وقد تقدَّم في «الأشربة» [خ¦5595].
          وقال العيني: ليس في حديث سهل ردٌّ قط على أبي حنيفة ☼ ؛ لأنَّه لم ينف اسم النَّبيذ عن المتَّخذ من التَّمر، وإنَّما قال: الطِّلاء والسُّكر والعصير ليست بأنبذةٍ على تقدير صحَّة النقل عنه بذلك؛ لأنَّ كلًّا منها سمِّي باسمٍ خاصٍّ كما مرَّ.
          وقد مضى الحديث في كتاب «الأشربة»، في باب «الانتباذ في الأوعية» [خ¦5591].