نجاح القاري لصحيح البخاري

حديث عائشة: لعن الله الواصلة والمستوصلة

          5934- (حَدَّثَنَا آدَمُ) هو: ابنُ أبي إياس، قال: (حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) أي: ابن الحجَّاج (عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ) بفتح العين، الجملي _بفتح الجيم والميم_ أحد الأعلام أنَّه (قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ مُسْلِمِ بْنِ يَنَّاقٍ) بفتح التحتانية وتشديد النون وآخره قاف، كأنَّه اسم أعجميٌّ. وقال الحافظ العسقلانيُّ: ويحتمل أن يكون اسم فعال من الأنيق، وهو الشَّيء الحسنُ المعجب، فسهل همزته ياء. وتعقَّبه العيني: بأنَّه تصرُّفُ من ليس له يد في علم الصَّرف، والحسن المذكور تابعيٌّ صغير من أهل مكة، ثقةٌ عندهم، وكان كثيرَ الرِّواية عن طاوس، ومات قبله، ويعرف بالسَّفير الكوفي.
          (يُحَدِّثُ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ) أي: ابن عثمان القرشي الحجبي (عَنْ عَائِشَةَ ♦ أَنَّ جَارِيَةً مِنَ الأَنْصَارِ تَزَوَّجَتْ) قال الحافظ العسقلانيُّ في «المقدمة»: لم أعرف اسمها (وَأَنَّهَا مَرِضَتْ فَتَمَعَّطَ شَعَرُهَا) بفتح الفوقية والميم والعين المهملة المشددة والطاء المهملة؛ أي: تناثر وتساقطَ شعرها من داء ونحوه. /
          وقال الحافظ العسقلانيُّ: أي: خرج من أصله، وأصل المعط: المد، كأنَّه مُدَّ إلى أن تَقطَّعَ، ويُطلقُ على من سقط شعره.
          (فَأَرَادُوا أَنْ يَصِلُوهَا) أي: يصلوا شعرها بشعر آخر (فَسَأَلُوا النَّبِيَّ صلعم ) عن ذلك (فَقَالَ: لَعَنَ اللَّهُ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ) ومطابقة الحديث للترجمة ظاهرة.
          (تَابَعَهُ) أي: تابع شعبة (ابْنُ إِسْحَاقَ) هو: محمدُ بن إسحاق (عَنْ أَبَانَ بْنِ صَالِحٍ) بفتح الهمزة وتخفيف الموحدة وبالنون، هو: ابنُ صالح بن عُمير القرشي (عَنِ الْحَسَنِ) أي: ابن مسلم بن يَنَّاق (عَنْ صَفِيَّةَ) بنت شيبة (عَنْ عَائِشَةَ) ♦. قال الحافظ العسقلانيُّ: وهذه المتابعة رويناها موصولة في «أمالي المحاملي» من رواية الأصبهانيين عنه، ثم من طريق إبراهيم بن سعد عن ابن إسحاق حدثني أبان بن صالح، فذكره وصرَّح بالتَّحديث في جميع السند.
          وأوَّل الحديث عنده: أنَّ امرأة سألت عائشة ♦ _وهي عندها_ عن وصل المرأة رأسها بالشَّعر... فذكر الحديث، وقال فيه: «فتمرق» بالراء والقاف، وقال فيه: «أفأضع على رأسها شيئاً» والباقي مثله. وفائدة هذه المتابعة أن يُعلم أنَّ الحديث عند صفيَّة بنت شيبة، عن عائشة، وعن أسماء بنت أبي بكر جميعاً، ولأبان بن صالح في هذا المعنى حديثٌ آخر، أخرجه أبو داود من رواية أسامة بن زيد عنه، عن مجاهد، عن ابن عبَّاس ☻ ، فذكر الحديث المرفوع دون القصَّة، وزاد فيه: ((النَّامصة والمتنمِّصة)) وقال في آخره: ((والمستوشمة من غير داءٍ)) وسنده حسنٌ.
          ويُستفاد منه أنَّ من صنعت الوشم عن غير قصدٍ له، بل تداوت مثلاً فنشأَ عنه الوشم أن لا يدخلَ في الزَّجر.