الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: بيداؤكم هذه التي تكذبون على رسول الله

          1288- التَّاسع والأربعون: عن موسى بن عُقبةَ عن سالم عن أبيه قال: «بَيداؤكم(1) هذه الَّتي تكذِبون على رسول الله صلعم فيها، ما أهلَّ رسولُ الله صلعم إلَّا من عند المسجد» يعني مسجدَ ذي الحليفةِ.
          وعند البخاريِّ فيه: «ما أهلَّ رسول الله صلعم إلَّا من عندِ المسجِد».
          ولم يذكر ما قبله. [خ¦1541]
          وفي حديث قُتيبةَ عن حاتمِ بن إسماعيلَ عن موسى: «ما أهلَّ رسولُ الله صلعم إلَّا من عندِ الشَّجرةِ حين قام به بعيرُه».
          وفي حديث محمَّد بن عَبَّاد عن حاتمٍ عن موسى بن عُقبةَ عن سالم ونافعٍ وحمزةَ بنِ عبد الله ابن عمرَ عن ابن عمرَ: «أنَّ رسولَ الله صلعم كان إذا استوَت به راحلتُه قائمةً عند مسجد ذي الحُليفةِ أهلَّ، فقال: لبَّيكَ(2) اللهمَّ لبَّيك، لبيكَ لا / شريكَ لك لبَّيكَ، إنَّ الحمدَ والنِّعمةَ لك والملكَ، لا شريكَ لك.
          قالوا: وكان عبد الله يقول: تلبيةُ رسولِ الله صلعم».
          وقال نافع: كان عبد الله يزيد مع هذا: لبَّيك لبَّيك وسَعدَيك(3)، والخيرُ بيديك لبَّيك، والرُّغْبَى(4) إليك والعملُ. [خ¦1247]
          وعندهما من حديث عُبيد الله بن عمرَ عن نافعٍ عن ابن عمرَ قال: «كان رسول الله صلعم إذا وضع رِجله في الغَرز واستوت به راحلته قائمةً، أهلَّ من عند مسجدِ ذي الحُليفة». [خ¦2865]
          ورواه مسلمٌ من حديث ابن شهابٍ عن سالم أنَّ عبدَ الله بن عمرَ قال: «رأيت رسولَ الله صلعم يركب راحلته بذي الحُلَيفة، ثمَّ يُهِلُّ حين تستوي به قائمةً». [خ¦1514]
          ولم أرهُ لأبي مسعود في ترجمة الزُّهريِّ عن سالم.
          وأخرجاه من حديث صالح بن كَيسانَ عن نافع عن ابن عمرَ: «أنَّ النَّبيَّ صلعم أَهلَّ حين استوت به راحلَته قائمةً». [خ¦1552]
          وأخرجا جميعاً من حديث مالك عن سعيد المَقْبُريِّ عن عُبيد بن جُرَيجٍ حديثاً _وفيه فصلٌ في هذا المعنى_ أنَّه قال لعبد الله بن عمرَ: رأيتُك تصنع أربعاً لم أَرَ أحداً من أصحابك يصنعُها، قال: ما هي يا ابنَ جُرَيجٍ؟ /
          قال: رأيتك لا تَمَسُّ من الأركان إلَّا اليمانيَين، ورأيتك تلبَس النِّعال السِّبتيَّة(5)، ورأيتك تصبُغ بالصُّفرة، ورأيتك إذا كنت بمكَّة أهلَّ النَّاس إذا رأَوُا الهلالَ ولم تُهْلِلْ أنت حتَّى يكونَ يومُ التَّروية!
          فقال عبد الله بن عمرَ: «أمَّا الأركانُ فإنِّي لم أَرَ رسول الله صلعم يمَسُّ إلَّا اليمانِيَين، وأمَّا النِّعال السِّبتيَّة فإنِّي رأيتُ رسول الله صلعم يلبَس النِّعال الَّتي ليس فيها شَعر، ويتوضَّأ فيها، فأنا أُحبُّ أن ألبَسَها، وأمَّا الصُّفرة فإنِّي رأيت رسول الله صلعم يصبُغ بها، فأنا أُحبُّ أن أصبغ بها، وأمَّا الإهلال فإنِّي لم أَرَ رسول الله صلعم يُهِلُّ حتَّى تنبعِثَ به راحلته». [خ¦166]
          وليس لعُبيد بن جُرَيج(6) في «الصَّحيح» عن ابن عمرَ غيرُ هذا الحديث الواحد.


[1] في (ابن الصلاح): (بيداكم).وما أثبتناه موافق لنسختنا من رواية مسلم.
[2] التَّلبِيةُ: الإجابة، والتَّثنِيةُ في لبَّيك بمعنى إجابة بعد إجابة، وقيل: تأويلُه أنا مقيمٌ على طاعتك، وقيل: معناه أنا مواجهك بما تحب، من قولهم: داري تَلُبُّ دارَك؛ أي: تواجهُها.
[3] ومعنى سَعدَيك: أي؛ ساعَدَتُ طاعتَك مساعدةً بعد مساعدةٍ.
[4] والرُّغبى والرَّغباء: إذا فتحت الراء عند ابن السِّكِّيت مُدَّت هذه الكلمة، وإذا رفعت الرَّاء قصِرت، وعند غيره الرَّغبى بالفتح مقصورٌ كالشَّكْوى.
[5] النِّعالُ السِّبتيَّة: منسوبة إلى السِّبت، والسِّبت جلود البقر المدبوغة بالقَرظ، تُتَّخَذ منها النعال، وحديث ابن عمرَ يدل على أن السِّبت ما لا شعر فيه من الجلود؛ لأنه لما قيل له تلبَس النعال السِّبتية! قال: «رأيت النبي صلعم يلبَس النعال التي ليس فيها شعر فأنا أحب أن ألبسها»، فكأنها سمِّيت سِبتية؛ لأن شعرها قد سُبِت عنها، أي: حلق وأزيل، يقال سبَت رأسَه يَسبِته إذا حلقه، ويقال: سمِّيت سبتية؛ لأنها أُسبِتت بالدِّباغ أي: لانت، يقال: رُطَبة مُسْبَتة؛ أي ليِّنة.
[6] في (ابن الصلاح): (عُبيد الله بن جريج).