الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: بينما أنا نائم أطوف بالبيت

          1267- الثَّامن والعشرون: عن ابن شهابٍ عن سالمٍ عن ابن عمرَ أنَّه قال: لا والله ما قال النَّبيُّ صلعم لِعيسى: أحمرُ، ولكن قال: «بينما أنا نائمٌ أطوفُ بالبيت، فإذا رجلٌ آدَمُ(1) سَبْطُ الشَّعرِ(2)، يُهادى بين رجلَين(3)، ينطِفُ رأسُه ماءً(4) _أو يُهراقُ رأسه ماءً_ فقلت: من هذا؟ قالوا: ابنُ مريمَ، فذهبتُ ألتفتُ، فإذا رجلٌ أحمرُ، جسيمٌ، جعدُ الرَّأس(5)، أعورُ عينِه اليمنى، كأنَّ عينَه عِنَبَةٌ / طافيةٌ(6)، قلت: من هذا؟ قالوا: هذا الدَّجَّال، وأقربُ النَّاس به شَبَهاً ابنُ قَطَن».
          قال الزُّهريُّ: رجلٌ من خُزاعةَ هلَك في الجاهليَّة.
          وليس عندَ مسلمٍ فيه قولُ الزُّهريِّ. [خ¦3441]
          وأخرجاه من حديث موسى بن عُقبةَ عن نافع _وروايةُ البخاريِّ أتمُّ_ قال: قال عبدُ الله بن عمرَ: «ذكر رسول الله صلعم يوماً بين ظَهرانَي(7) النَّاس المسيحَ الدَّجَّالَ.
          فقال: إنَّ الله تبارك وتعالى ليس بأعورَ، أَلَا إنَّ المسيحَ الدَّجَّال أعورُ عينِ اليمنى، كأنَّ عينَه عِنَبَةٌ طافيةٌ». [خ¦3439]
          قال: وقال رسول الله صلعم: «أُراني اللَّيلةَ في المنامِ عند الكعبة، فإذا رجلٌ آدمُ كأحسن ما تَرى من أُدْمِ الرِّجال، تضرِب لِـمَّتُه(8) بين منكبَيه، رَجِلُ الشَّعَـْرِ، يقطُر رأسُه ماءً، واضعاً يدَيه على منكبَي رجلين، وهو بينهما يطوف بالبيت، فقلت: من هذا؟ فقالوا: المسيحُ ابن مريمَ، ورأيتُ وراءَه رجلاً جَعْداً قطَطاً، أعورُ عينِ اليمنى، كأشبه مَن رأيتَ من النَّاس بابن قَطَن، واضعاً يديه على منكبَي رجلين يطوف بالبيت، فقلت: من هذا؟ فقالوا: هذا المسيحُ الدَّجَّالُ». / [خ¦3440]
          وأخرجاه من حديث مالكٍ عن نافعٍ عن ابن عمرَ: أنَّ رسولَ الله صلعم قال: «أُراني اللَّيلةَ عند الكعبةِ، فرأيت رجلاً آدمَ كأحسنِ ما أنت راءٍ من أُدْمِ الرِّجال...». ثمَّ ذكَر نحوَ حديثِ موسى ابن عُقبةَ إلى آخرِ هذه الرؤيا. [خ¦5902]
          وقد أخرَجا من حديث أيُّوبَ السِّختيانيِّ عن نافعٍ عن ابن عمرَ في صفة الدَّجَّالِ خاصَّةً، أنَّ النَّبيَّ صلعم ذكر الدَّجَّالَ فقال: «إنَّه أعورُ عينِ اليمنى، كأنَّها عِنَبةٌ طافيةٌ». [خ¦7123]
          وأخرَج البُخاريُّ من حديث مجاهدٍ عن ابن عمرَ قال: قال النَّبيُّ صلعم: «رأيت عيسى وموسى وإبراهيمَ ‰، فأمَّا عيسى فأحمرُ جعدٌ عريضُ الصَّدر، وأمَّا موسى فآدمُ جسيمٌ سبِطٌ، كأنَّه من رجال الزُّطِّ».
          قال أبو مسعود: كذا قال البُخاريُّ في سائر النُّسخ عن مجاهدٍ عن ابن عمرَ، وإنَّما رواه النَّاس عن محمَّد بن كثيرٍ فقالوا: مجاهدٌ عن ابن عبَّاسٍ، وعلى روايتهم اعتمَد أبو بكرٍ البَرقانيُّ، فأخرَجه في مسندِ ابن عبَّاسٍ لا ههنا.
          وأخرج البُخاريُّ أيضاً من حديث جُويريَةَ بن أسماءَ عن نافعٍ عن ابن عمرَ طرفاً من حديث موسى بن عقبةَ: «أنَّ المسيح ذُكر بين ظَهرانَي النَّاس، فقال النَّبيُّ صلعم: إنَّ الله ليس بأعورَ، أَلَا إنَّ المسيحَ الدَّجَّال أعورُ عينِ اليمنى، كأنَّها عنبةٌ طافيةٌ». [خ¦7407]
          وأخرَجه مسلمٌ من حديث عُبيد الله عن نافعٍ عن ابن عمرَ: «أنَّ النَّبيَّ صلعم ذكر الدَّجَّالَ بين ظهرانَي النَّاسِ فقال: إنَّ الله تبارك وتعالى ليس بأعورَ، / إلَّا إنَّ المسيحَ الدَّجَّالَ أعورُ العين اليمنى، كأنَّ عينَه عنبةٌ طافيةٌ».
          ومن حديث حنظلةَ بن أبي سفيانَ عن سالمٍ عن ابن عمرَ: أنَّ رسول الله صلعم قال: «رأيتُ عند الكعبةِ رجلاً آدمَ، سبِطَ الرَّأس، واضعاً يدَيه على رجُلَين، يَسكُب رأسُه _أو يقطُر رأسه_ فسألت: من هذا؟ فقال: عيسى ابن مريمَ _، أوِ المسيحُ ابن مريم لا يدري أيَّ ذلك قال_ ورأيت وراءَه رجلاً أحمر، جعْدَ الرَّأس، أعورَ العين اليمنى، أشبه من رأيت به ابنُ قَطَن، فسألت: من هذا؟ فقالوا: المسيحُ الدَّجَّال».


[1] ينطِـُف رأسُه ماءً: أي يقطر من شعر رأسه الماءُ.
[2] سَبْطُ الشَّعر: منبسِط ممتدٌّ سهل، ليس بجعدٍ متكسِّرٍ، يقال: سبِطٌ وسَبَطٌ بكسر الباء وفتحها، كذا في «المجمل».
[3] يقال: جاء فلان يُهادَى بين رجلين؛ إذا جاء يمشي بينهما معتمِداً عليهما.
[4] ينطِـُف رأسُه ماءً: أي يقطر من شعر رأسه الماءُ.
[5] الشَّعر الجعد: المتثنِّي المتكسِّرُ، فإذا زادت جعودَته فهو قطَط.
[6] طفا الشَّيءُ: علا فوق ما هو فيه من ماءٍ وغيره، يطفوا طَفواً، وقال أبو العباس: الطَّافية من العِنب الحبَّةُ التي خرَجت عن حدِّ نبتة أخواتها، وتناءَت وظهرَت وعلَت، ومنه الطَّافي من السَّمك؛ لأنَّه علا وظهَر على رأس الماء.
[7] يقال: هو بين ظَهرَانَيهم وبين ظَهرَيهِم، أي: بينهم وفي جماعتهم، ولايقال: بين ظهرانِيهم بكسر النُّون، وإنما هو بفتح النُّون لا غير.
[8] اللِّمّة: بكسر اللام شعرُ الرَّأس إذا جاوَز شحمَة الأذنين وحاذاها، كأنه لَـمَّا ألَـمَّ بها سمِّي بإلمامه لِـمَّةً، فإذا بلغَت اللِّمَّة المنكبَين فهي جُمَّة، وشحمَةُ الأذن معلَّق القُرط.