الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: لا تبيعوا الثمر حتى يبدو صلاحه

          1274- الخامس والثَّلاثون: عن الزُّهريِّ عن سالمٍ عن ابن عمرَ: أنَّ رسولَ الله صلعم قال: «لا تبيعوا الثَّمرَ حتَّى يبدُوَ صلاحُه، ولا تبيعوا الثمر بالتَّمرِ».
          قال سالم: وأخبرَني عبدُ الله بن زيدِ بن ثابتٍ: «أنَّ رسولَ الله صلعم رخَّص بعد ذلك في بَيعِ العَريَّة(1) بالرُّطَبِ أو بالتَّمر، ولم يرخِّص في غَيرِه». / [خ¦2183]
          وأخرجاه من حديثِ مالكٍ عن نافعٍ عن ابن عمرَ: «أنَّ رسولَ الله صلعم نهى عن بيعِ الثِّمار حتَّى يبدوَ صلاحُها، نهى البائعَ والمبتاعَ». [خ¦2194]
          ومن حديثِ شُعبةَ عن عبد الله بن دينارٍ عن ابن عمرَ: «نهى النَّبيُّ صلعم عن بيعِ الثَّمَرةِ حتَّى يبدوَ صلاحُها، وكان إذا سُئِلَ عن صلاحِها قال: حتَّى تذهبَ عاهتُه». [خ¦1486]
          وأخرَجه البُخاريُّ تعليقاً، فقال: وقال اللَّيثُ عن يونسَ عن ابن شهابٍ قال: لو أنَّ رجلاً ابتاعَ ثمراً قبل أن يبدوَ صلاحُه ثمَّ أصابَتْه عاهَةٌ، كان ما أصابَه على ربِّه.
          أخبرني سالمٌ عن ابن عمرَ: أنَّ رسولَ الله صلعم قال: «لا تَبايَعُوا(2) الثَّمَر / حتَّى يبدوَ صلاحُه، ولا تَبيعوا الثَّمَر(3) بالتَّمْر». [خ¦2199]
          وأخرَجه مسلمٌ من حديث عُبيد الله عن نافعٍ نحوَ حديثِ مالكٍ.
          ومن حديث أيُّوبَ عن نافعٍ عن ابن عمرَ: «أنَّ النَّبيَّ صلعم نهى عن بيعِ النَّخلِ حتَّى يزهوَ، وعنِ السُّنبُلِ حتَّى يَبْيَضَّ ويأمَنَ العاهةَ، نهى البائعَ والمشتريَ».
          ومن حديثِ يحيى بن سعيدٍ عن نافعٍ عن ابن عمرَ قال: قال رسول الله صلعم: «لا تَبتاعُوا الثَّمَرةَ حتَّى يبدوَ صلاحُها وتذهبَ عنه الآفةُ».
          قال: يبدو صلاحُه: حُمرتُه وصُفرتُه.
          ومن حديث موسى بن عُقبةَ عن نافعٍ بمثل حديثِ مالكٍ وعُبيد الله عن نافع.
          ومن حديث الضَّحَّاكِ بن عُثمانَ عن نافعٍ، وفيه: [«حتَّى يبدوَ صلاحُها»]. لم يزد.
          ومن حديث إسماعيلَ بنِ جعفرٍ عن عبد الله بن دينارٍ عن ابن عمرَ: أنَّه صلعم قال: «لا تَبيعوا الثَّمَرَ حتَّى يبدُوَ صلاحُه». فقيل لابن عمرَ: ما صلاحُه؟ قال: تذهبَ عاهتُه (4).
          ومن حديث سفيانَ الثَّوريِّ عن عبد الله بن دينارٍ عن ابن عمرَ قال: [«نهى رسولُ صلعم عن بيعِ الثَّمَرِ حتَّى يبدوَ صلاحُه».] /


[1] العريَّة ذكر أصحابُ الغريبِ فيها أقوالاً منها:
أن العريَّة النَّخلة يُعريها صاحبها رجلاً محتاجاً فيجعَل له ثمرَ عامِها، فرخّص لصاحب النَّخل أن يشتريَ ثمرَ هذه النَّخلة من المُعرَى بثمنٍ معجَّلٍ يكون عِوضاً عن مقدار ما خُرِصت به لما في ذلك من المَرفَق، وتأوَّل من قال هذا ما جاء من الرُّخصة في الحديث على هذا.
وقيل: العريَّة النَّخلة المستثناة من النَّخل عند بيع ثمرها، كأنَّها عُرِيَت؛ أي: عزِلت عن المساومة، والجمع العرايا.
وقيل: هي النخلة تكون في وسط نخلٍ كثيرٍ لرجلٍ آخرَ، فيتأذى صاحبُ النَّخل الكثيرِ بدخول صاحب هذه النخلة الواحدة في نخله، فرُخَّص له أن يشتريَ ثمرة هذه النخلة بتمرٍ.
والقول الأول اختيارُ أبي عُبيدٍ؛ لقول الشاعر: [من الطويل]
~................................ولكنْ عرايا في السِّنين الجَوائحِ
وإنما عوَّل أبو عُبيد على تصحيح التَّسمية؛ لأنها إذا كانت مِلكاً له لم يصحَّ أن تسمى عريَّة، وإلا فهما يستويان في دفع الضرر واتِّفاق المنفعة لهما أو لأحدهما.
وقيل في تفسير الرخصة في العرايا: «إن النبي صلعم نهى عن المزابنة»، وهي بيع الثمر في رؤوس النخل بالتمر، ورخَّص من جملة المزابنة في العرايا، وهو أن من لا نخل له من ذوي القرابة أو الحاجة، يفضُل له من قوته التمر ويدرك الرطَب، ولا نقدَ بيده يشتري به الرطَب لعياله، ولا نخلَ له فيعطيه ذلك الفضلَ من التمرِ بثمر تلك النخلات ليصيب من رطبها مع الناس، فرخَّص من جملة ما حرَّم من المزابنة في ما دونَ خمسة أوسق، كذا قال بعض أصحاب الغريب، ولم يراع لفظة العرايا؛ لأنَّ العريّة بمعنى الهبة، ولا هبةَ في شيء مما مثَّله هذا القائل، والله أعلم بالمراد، وواحدةُ العرايا، عريّةٌ فعيلةٌ بمعنى مفعولة، ويحتمل أن تكون من عَرِيَ يَعرى، كأنها عُرِّيَت من جملة التحريم فعَرِيَت، أي: خرجت فهي على هذا فعيلة بمعنى فاعلة، يقال: هو عِروٌ من هذا الأمر، أي: خِلوٌ منه، وبهذا يصحُّ التمثيل الذي مُثِّلَ في آخر الأقوال، إن لم يوجدْ ما يعارضه.
[2] أشار في (ق) إلى أن في نسخة (تبتاعوا)، وفي نسختنا من رواية البخاري «تَتَبَايَعُوا».
[3] كتب فوقها في (ابن الصلاح): (صح).
[4] خلط هنا بين رواية إسماعيل وشعبة عن عبد الله بن دينار، فقوله: «فقيل لابن عمر..» في رواية شعبة فقط!.