الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: إنما هذه لباس من لا خلاق له

          1264- الخامس والعشرون: عن ابن شهابٍ عن سالمٍ عن أبيه قال: «وجَد عمرُ حُلَّةً من إستبرقٍ(1) تُباع بالسُّوق، فأخَذها فأتى بها رسولَ الله صلعم، فقال: يا رسولَ الله؛ ابتع هذه فتجمَّل بها للعيد والوَفد، فقال رسول الله صلعم: إنَّما هذه لِباسُ مَن لا خلاقَ له.
          قال: فلبِثَ عمرُ ما شاء الله، ثمَّ أرسَل إليه بجُبَّةِ ديباجٍ، فأقبَل بها عمرُ حتَّى أتى بها رسولَ الله صلعم، فقال: يا رسولَ الله؛ أقُلتَ ما قلت: ثمَّ أرسلتَ إليَّ بهذه! فقال له رسول الله صلعم: تبيعُها وتُصيبُ بها حاجَتَك». [خ¦948]
          وأخرَجاه من حديثِ أبي بكرٍ عبد الله بن حفصِ بن عمرَ بن سعدِ بن أبي وقَّاصٍ، عن سالمٍ عن ابنِ عمرَ: «أنَّ عمرَ رأى على رجلٍ من آلِ عُطاردٍ قَباءً من ديباجٍ أو حريرٍ، فقال لرسول الله صلعم: لوِ اشتريتَه، فقال: إنَّما يلبَسُ هذا مَن لا خَلاقَ له. فأُهدِيَ إلى رسولِ الله صلعم حُلَّةٌ سِيَراءُ(2)، فأرسَل بها إليَّ، قال: قلتُ: أرسَلتَ بها إليَّ وقد سمِعتُك قلتَ فيها ما قلت؟! قال: إنَّما بَعثتُ بها إليكَ لِتستَمْتعَ بها».
          كذا هو عندَ مسلمٍ بطولِه، وهو عند البخاريِّ مختصرٌ: «أنَّ النَّبيَّ صلعم / أرسلَ إلى عمرَ بحلَّةِ حريرٍ أو سِيَرَاءَ، فرآها عليه، فقال: إنِّي لم أرسل بها إليك لتلبَسَها، إنَّما يلبَسُها مَن لا خلاقَ له، إنَّما بعثْتُ بها إليك لتستمتعَ بها». يعني تبيعها. [خ¦2104]
          وأخرَجاه من حديث يَحيى بن أبي إسحاقَ الحضرميِّ قال: قال لي سالمٌ في الإستبرقِ، قال: قلت: ما غلُظَ من الدِّيباجِ وخشُنَ منهُ! فقال: سمعتُ عبد الله بنَ عمرَ قال: «رأى عمرُ على رجلٍ حُلَّةً من إستبرقٍ، فأتى بها النَّبيَّ صلعم...»، فذَكر نحوَ ذلك. [خ¦6081]
          وفي حديث ابنِ المثنَّى فقال: «إنَّما بعثتُ بها إليكَ لتُصيبَ بها مالاً».
          وأخرَجاه من حديثِ مالكٍ عن نافعٍ عن ابنِ عمرَ: «أنَّ عمرَ رأى حُلَّةً سِيَرَاءَ عند بابِ المسجِدِ، فقال: يا رسولَ الله؛ لوِ اشتريتَ هذه فلبِستَها يومَ الجُمعةِ وللوفدِ، فقال: إنَّما يلبَسُ هذه مَنْ لا خلاقَ له في الآخرةِ. ثمَّ جاءت رسولَ الله صلعم منها حُلَلٌ فأعطى عمرَ منها حُلَّةً»، ثمَّ ذكرَ قولَ عمرَ له، وأنَّ رسولَ الله صلعم قال: «إنِّي لم أَكسُكَها لتلبَسَها فكساها عمرُ أخاً له مُشرِكاً بمكَّةَ». [خ¦886]
          وأخرَجه البُخاريُّ من حديثِ سليمانَ بنِ بلالٍ عن عبدِ الله بن دينارٍ عن ابن عمرَ قال: «رأى عمرُ حُلَّةً تُباع، فقال لرسول الله صلعم: ابتعْ هذه الحُلَّةَ تلبَسْها / يومَ الجُمعةِ وإذا جاءك الوفدُ...». ثمَّ ذكَر نحوَ ذلك. [خ¦2619]
          وأخرَجه أيضاً من حديثِ عبدِ العزيزِ بنِ مسلمٍ عن عبد الله بن دينارٍ عن ابنِ عمرَ، بنحوِه. [خ¦5981]
          وأخرَجه مسلمٌ من حديثِ عُبيد الله بن عمرَ وموسى بن عُقبةَ عن نافعٍ عن ابنِ عمرَ بنحوِ حديثِ مالك.
          ومن حديثِ جَريرِ بنِ حازمٍ عن نافعٍ عن ابنِ عمرَ قال: «رأى عمرُ عُطارِداً التَّميميَّ يُقيمُ بالسُّوقِ حُلَّةً سِيَرَاءَ _وكان رجلاً يغشى الملوكَ ويُصيبُ منهم_ فقال عمرُ: يا رسولَ الله؛ إنِّي رأيتُ عُطارداً يقيمُ بالسُّوقِ حُلَّةً سِيَرَاءَ، فلوِ اشترَيتَها فلبِستَها لوفودِ العرَبِ إذا قدِموا عليك _، وأظنُّهُ قال: ولبسْتَها يومَ الجُمعةِ_ فقال له رسولُ الله صلعم: إنَّما يلبَسُ الحريرَ في الدُّنيا مَنْ لا خَلاقَ لهُ في الآخرةِ.
          فلمَّا كان بعد ذلك أُتِيَ رسولُ الله صلعم بِحُلَلٍ سِيَرَاءَ، فبعَث إلى عمرَ بحلَّةٍ، وبعث إلى أسامةَ بنِ زيدٍ بحلَّةٍ، وأعطى عليَّ بنَ أبي طالبٍ حلَّةً، وقال: شَقِّقها خُمُراً(3) بين نسائِك.
          قال: فجاء عمرُ بحُلَّته يحمِلُها، فقال: يا رسول الله؛ بعثتَ إليَّ بهذه وقد قلت بالأمسِ في حُلَّةِ عُطارِدٍ ما قلت؟! فقال: إنِّي لم أبعثْ بها إليك لتَلْبَسَها، / ولكن بعَثت بها إليك لتُصيبَ بها.
          وأمَّا أسامةُ فراحَ في حُلَّته، فنَظرَ إليه رسول الله صلعم نظراً عرَف أنَّ رسولَ الله صلعم قد أنكَر ما صنَع، فقال: يا رسول الله صلعم؛ ما تنظر إليَّ؟! فأنت بعثْتَ إليَّ بها! فقال: إنِّي لم أبعثْ إليك بها لتَلْبَسَها، ولكن بعَثْت بها لتشقِّقَها خُمُراً بين نسائك».
          وحكى البَرقانيُّ أنَّ البُخاريَّ أخرَج من حديثِ جُويريَةَ عن نافعٍ عن ابنِ عمرَ: «أنَّ عمرَ رأى حُلَّةً سِيَرَاءَ من حريرٍ، فقال: يا رسولَ الله؛ لوِ ابتعْتَ هذه، وأنَّ رسولَ الله صلعم بعثَ إلى عمرَ بحُلَّةٍ سِيَرَاءَ كساها إيَّاه». [خ¦5841]


[1] الإسْتَبرقُ: الغليظُ من الدِّيباج، وقد جاء في الخبر تفسيرُه، وقال: هو ما غلُظ من الديباج وخشُن منه.
[2] حُلَّةٌ سِيَراءُ: أي؛ فيها خطوط مختلفة، يقال: بُرْدٌ مسيَّر؛ أي: مخطَّط، ولم تحرَّم من أجل الخطوط، ولكنها كانت من حرير.
[3] الخُمُر: جمع خِمار، وهو ما تُخمِّر المرأة به رأسَها؛ أي: تسترُه وتغطِّيه، كالمِقنَعة أو ما جرى مَجراها، والخُمرَة في قوله «كان يسجد على الخُمرة»: سجّادة صغيرة، وهي مِقدارُ ما يضَع الرَّجل عليه حُرَّ وجهه في سُجوده، وقد يكون نسيجُه من خُوص أو غيره.