إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث جابر: كنت مع رسول الله في غزوة فلما قفلنا

          5245- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ) هو ابنُ مسرهد (عَنْ هُشَيْمٍ) بضم الهاء وفتح الشين المعجمة، ابن بشير الواسطيِّ البلخيِّ الأصل (عَنْ سَيَّارٍ) بفتح السين المهملة وتشديد التحتية وبعد الألف راء، ابن وردان أبي الحكم العنزيِّ الواسطيِّ (عَنِ الشَّعْبِيِّ) عامرِ بن شراحيل (عَنْ جَابِرٍ) ☺ أنَّه (قَالَ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلعم فِي غَزْوَةٍ) هي غزوة تبوك (فَلَمَّا قَفَلْنَا) رجعنا (تَعَجَّلْتُ عَلَى بَعِيرٍ) لي (قَطُوفٍ) أي: بطيءٍ (فَلَحِقَنِي رَاكِبٌ مِنْ خَلْفِي) زاد في الباب اللَّاحق [خ¦5247]: «فنخسَ بعيري بعنزةٍ كانت معه، فسارَ بعيري كأحسن ما أنت راءٍ من الإبل» (فَالتَفَتُّ فَإِذَا أَنَا بِرَسُولِ اللهِ صلعم قَالَ) لي: (مَا يُعْجِلُكَ؟) أي: ما سبب إسراعكَ؟ (قُلْتُ: إِنِّي حَدِيثُ عَهْدٍ بِعُرْسٍ) أي: قريب بناء بامرأةٍ (قَالَ) ╕ : (فَبِكْرًا تَزَوَّجْتَ) بنصب: «فبكرًا» بـ «تزوجت» (أَمْ) تزوجتَ (ثَيِّبًا؟ قُلْتُ: بَلْ) تزوَّجت (ثَيِّبًا) وفي بعض الأصول: ”قلت: لا بل ثيِّبًا“ بزيادة: «لا»، وعليه شرح في «المصابيح» ثمَّ قال: فإن قلت: قول جابر: لا بل ثيِّبًا. ما وجهه ولم يتقدَّم له شيء يُضْرَبُ عنه؟ وأجاب بأنَّ معناه: لِم لا تزوَّجت بكرًا؟ وأضرب عنه وزاد «لا» توكيدًا لتقرير ما قبلها من النَّفي، فقال: لا بل ثيِّبًا. انتهى.
          (قَالَ) ╕ : (فَهَلَّا) تزوَّجت (جَارِيَةً) بكرًا (تُلَاعِبُهَا وَتُلَاعِبُكَ. قَالَ) جابر: (فَلَمَّا قَدِمْنَا ذَهَبْنَا لِنَدْخُلَ) المدينة (فَقَالَ) ╕ : (أَمْهِلُوا حَتَّى تَدْخُلُوا لَيْلًا _أَيْ: عِشَاءً(1)_) وهذا محمولٌ على بلوغِ خبرهم بالوصول فاستعدوا ليجمع(2) بينه وبين النَّهي عن الطُّروق ليلًا. (لِكَيْ تَمْتَشِطَ الشَّعِثَةُ) بالمثلثة: المنتشرةِ الشَّعر المغبَّرة الرَّأس (وَتَسْتَحِدَّ المُغِيبَةُ) بضم(3) الميم وكسر المعجمة، أي: تستعملُ الحديدة _وهي الموسى_ في إزالةِ الشَّعر المشروعِ إزالته من غاب عنها زوجها.
          (قَالَ) أي: هُشيم، كما قاله الإسماعيليُّ: (وَحَدَّثَنِي) بالإفراد (الثِّقَةُ) قال الكِرمانيُّ: لم يصرِّح باسمه لأنَّه لعلَّه نسيه، وليس الجهلُ باسمه قادحًا لتصريحه بكونه ثقة (أَنَّهُ قَالَ فِي هَذَا الحَدِيثِ: الكَيْسَ الكَيْسَ) بالتكرار مرَّتين، والنَّصبُ على الإغراءِ، أي: فعليك بالجماع، أو التَّحذير، أي: إيَّاكَ والعجزَ عن الجماع (يَا جَابِرُ) قال البخاريُّ: (يَعْنِي) صلعم بقوله: الكيس (الوَلَدَ) فالمراد الحثُّ على ابتغاء الولد، يقال: أكيس الرَّجل إذا ولد‼ له أولاد أكياسٌ. وقال ابن الأعرابيِّ: الكيسُ العقلُ،كأنَّه جعل طلبَ الولدِ عقلًا. وفي رواية محمَّد بن إسحاق عندَ ابن خُزيمة في «صحيحه»: «فإذا قدمتَ فاعملْ عملًا كيِّسًا» وفيه / : «قال جابرٌ: فدخلنَا حين أمسينَا فقلتُ للمرأة: إنَّ رسول الله صلعم أمرَني أن أعملَ عملًا كيسًا. قالت: سمعًا وطاعة، فدونَك، قال: فبتُّ معها حتى أصبحتُ».


[1] في (م): «عشيًّا».
[2] في (ص): «ليجمعوا».
[3] في (م): «بفتح».