إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث عمر: دخل على حفصة فقال: يا بنية لا يغرنك هذه

          5218- وبه قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ) العامريُّ الأويسيُّ قال: (حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ) بن بلالٍ (عَنْ يَحْيَى) بنِ سعيدٍ الأنصاريِّ (عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ) بضم العين والحاء المهملتين فيهما مصغَّرين، مولى زيد بن الخطَّاب أنَّه (سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ) يحدِّث (عَنْ عُمَرَ ♥ ) أنَّه: (دَخَلَ عَلَى حَفْصَةَ) ابنته، لمَّا قال له جارُه الأنصاريُّ: إنَّ رسول الله صلعم طلَّق نساءه (فَقَالَ) لها: (يَا بُنَيَّةِ) بكسر التاء في الفرع كأصله (لَا يَغُرَّنَّكِ) بتشديد الراء والنون(1) (هَذِهِ الَّتِي أَعْجَبَهَا حُسْنُهَا حُبُّ رَسُولِ اللهِ صلعم إِيَّاهَا _يُرِيدُ عَائِشَةَ_) ولمسلمٍ من رواية سليمان بن بلالٍ: وحبُّ. بواو‼ العطف، وللطَّيالسيِّ: لا تغترِّي بحسن عائشةَ وحبِّ رسول الله صلعم إيَّاها. وحينئذٍ فـ «حبُّ» هنا رفعُ عطفٍ على سابقه، وحذف حرف العطف، لكن قال السُّهيليُّ بعد أن حكى ذلك عن بعضهم: وليس كما قال، بل هو مرفوعٌ على البدل من الفاعل الَّذي في أوَّلِ الكلامِ؛ وهو: هذه، من قول عمر: لا يغرَّنَّكِ هذه. فهذه فاعلٌ، والَّتي: نعت، وحبُّ: بدل اشتمال، كما تقول: أعجبني يوم الجمعة صومٌ فيه، وسرَّني زيدٌ حبُّ النَّاس له. انتهى.
          قال الكِرمانيُّ: حبُّ بدون الواو إمَّا بدل أو عطف بتقدير حرف العطف، عند من جوَّز تقديره. قال العينيُّ: هذا بدل الغلطِ، ولا يقع هذا في القرآن ولا في الحديث الصَّحيح الفصيح، والصَّواب أنَّ «حب» رفع فاعل «أعجب»، وحسنها: منصوبٌ على التَّعليل، والتَّقدير أعجبها حبُّ رسول الله لأجل حسنها(2).
          قال الحافظُ ابن حجرٍ: وثبوت الواو يرد على ردِّه، وقال عياضٌ: يجوز في «حُبّ» الرَّفع على أنَّه عطف بيانٍ أو بدل اشتمالٍ، أو على حذف حرف العطف. قال: وضبطه بعضُهم بالنَّصب على نزعِ الخافض، وقال السَّفاقِسيُّ: «حبُّ» فاعل، و«حسنها» نصب مفعولٍ من أجله، والتَّقدير: أعجبها حبُّ رسول الله إيَّاها من أجل حُسنِها. قال: والضَّمير الَّذي يلي أعجبها منصوب، فلا يصحُّ إبدال(3) الحُسن منه ولا الحبِّ. قال عمر: (فَقَصَصْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلعم ) القصَّة (فَتَبَسَّمَ...) الحديثَ.
          وسبق بتمامه في «باب موعظة الرَّجل ابنته» [خ¦5191].


[1] قوله: «بتشديد الراء والنون» ليس في (د).
[2] قوله: «قال الكِرماني... رسول الله لأجل حسنها».
[3] في (ص): «بدل».