إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: لا ولكن آليت منهن شهرًا

          5203- وبه قال: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ) المدينيُّ قال: (حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ) الفزاريُّ بالفاء والزاي قال: (حَدَّثَنَا أَبُو يَعْفُورٍ) بفتح التحتية وسكون العين المهملة وضم الفاء وبعد الواو راء، عبد الرَّحمنِ بنُ عبيد الكوفيُّ الثِّقة (قَالَ: تَذَاكَرْنَا) أي: الشَّهر، فقال بعضُنا: ثلاثينَ، وقال بعضُنا: تسعًا وعشرين، كما في النَّسائيِّ (عِنْدَ أَبِي الضُّحَى)‼ مسلم بنُ صبيح (فَقَالَ) أبو الضُّحى: (حَدَّثَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ) ☻ (قَالَ: أَصْبَحْنَا يَوْمًا وَنِسَاءُ النَّبِيِّ صلعم يَبْكِينَ، عِنْدَ كُلِّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ أَهْلُهَا، فَخَرَجْتُ إِلَى المَسْجِدِ فَإِذَا هُوَ مَلآنُ مِنَ النَّاسِ) بالنون في «ملآن»، وعند القابسيِّ: ”ملأى“ بلا نون بالتأنيث، وكأنَّه أراد البقعةَ، وهذا ظاهره حضور ابن عبَّاس لذلك، وحديثهُ السَّابق [خ¦5191] مفهومه أنَّه إنَّما عرفها من عمر، ويحتملُ أنَّه كان يعرفها على سبيلِ الإجمالِ، ثمَّ عرفها من عمرَ على سبيلِ التَّفصيل لما سأله عن المتظاهرتين (فَجَاءَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ) ☺ (فَصَعِدَ إِلَى النَّبِيِّ صلعم وَهْوَ فِي غُرْفَةٍ لَهُ) زاد الإسماعيليُّ من طريق عبدِ الرَّحمن(1) بنِ سليمانَ، عن أبي يعفورٍ: «ليسَ عندَه فيها إلَّا بلال» (فَسَلَّمَ) عليه(2) (فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ، ثُمَّ سَلَّمَ فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَد، ثُمَّ سَلَّمَ فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ) بالتَّكرار ثلاثًا (فَنَادَاهُ فَدَخَلَ) بإسقاط الفاعل، ولأبي نُعيمٍ: «فنادَاه بلالٌ فدخلَ» (عَلَى النَّبِيِّ صلعم ). واستشكل بأنَّ في رواية مسلمٍ أنَّ(3) اسم الغلام الَّذي استأذن له: رَباحٌ. وقال هنا: ليس عنده إلَّا بلال. وأُجيب بأنَّ حصر العنديَّة في داخل الغرفةِ، ورَباح كان على أسكفةِ البابِ، وعند الإذن(4) ناداه بلالٌ وبلَّغه رباح (فَقَالَ): يا رسول الله (أَطَلَّقْتَ نِسَاءَكَ؟ قَالَ(5): لَا، وَلَكِنْ آلَيْتُ) أي: حلفتُ (مِنْهُنَّ) أن(6) لا أدخل عليهنَّ (شَهْرًا. فَمَكَثَ) ╕ (تِسْعًا وَعِشْرِينَ) يومًا من يوم حلفه (ثُمَّ دَخَلَ عَلَى نِسَائِهِ).
          وفيه: مشروعيَّة هجر الرَّجلِ امرأتهُ إذا وقع منها ما يقتضي ذلك كالنُّشوز، كما قال تعالى: {وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ} أي: إن نشزن {وَاضْرِبُوهُنَّ}[النساء:34] أي: إن أصررنَ على النُّشوز، وأفهم قوله: {فِي الْمَضَاجِعِ} أنَّه(7) لا يهجُرُها في الكلامِ، وهو صحيحٌ فيما إذا زادَ على ثلاثة أيَّام، ويجوز في الثَّلاثة، كما قاله في «الرَّوضة» للحديث الصَّحيح: «لا يحلُّ لمسلمٍ أن يهجرَ أخاه فوق ثلاثة أيام»(8) فإن رُجي بالهجرِ صلاحُ دينٍ للهاجرِ أو المهجورِ فلا يحرم، وعليه يحملُ هجره صلعم كعب بن مالك وصاحبيه ونهيه الصَّحابة عن كلامهم، وكذا ما جاءَ من هجرِ السَّلف بعضهم بعضًا.


[1] هكذا في كل الأصول، وفي الفتح: «عبد الرحيم».
[2] «عليه»: ليست في (ص) و(س).
[3] في (م): «أنه».
[4] في (م): «الأذان».
[5] في (س): «فقال».
[6] في (م): «على أن لا».
[7] في (د): «أن».
[8] في (س): «ثلاث».