إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث أنس: أولم ولو بشاة

          5167- وبه قال: (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ) هو ابنُ عبدِ الله المدينيُّ قال: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) بنُ عيينةَ (قَالَ: حَدَّثَنِي) بالإفراد (حُمَيْدٌ) الطَّويلُ (أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسًا ☺ قَالَ: سَأَلَ النَّبِيُّ صلعم عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ وَ) الحال أنَّه كان قد (تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ) هي بنتُ أبي الحَيْسر بنِ رافعِ بنِ امرئ القيسِ (كَمْ أَصْدَقْتَهَا؟ قَالَ): أصدقتها (وَزْنَُ نَوَاةٍ) ويجوز رفع «وزن» أي: الَّذي أصدقتها وزنُ نواة (مِنْ ذَهَبٍ، وَ) بالسَّند السَّابق (عَنْ حُمَيْدٍ سَمِعْتُ) ولأبي ذرٍّ عن الكُشمِيهنيِّ: ”سمع“ (أَنَسًا) ☺ أنَّه (قَالَ: لَمَّا قَدِمُوا) أي: النَّبيُّ صلعم وأصحابه (المَدِينَةَ نَزَلَ المُهَاجِرُونَ عَلَى الأَنْصَارِ، فَنَزَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ عَلَى سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ) الأنصاريِّ، وكان النَّبيُّ صلعم آخى بينهما (فَقَالَ) سعدٌ لعبد الرَّحمن: (أُقَاسِمُكَ مَالِي) فخذ شطرَه (وَأَنْزِلُ لَكَ عَنْ إِحْدَى امْرَأَتَيَّ) فأيتهما شئتَ طلَّقتُها لك، فإذا حلَّت تزوَّجها. قال في «الفتح»: ولم أقف على اسمِ امرأتي سعدِ بنِ الرَّبيع، إلَّا أنَّ ابن سعدٍ ذكر أنَّه كان له من الولد أم سعد(1) واسمها جميلةٌ، وأمُّها عمرةُ بنت حزمٍ، وتزوَّج زيدُ بنِ ثابتٍ أمَّ سعدٍ فولدت له ابنهُ خارجةَ. قال: فيؤخذُ من هذا تسميةُ إحدى امرأتي سعدٍ. قال: وأخرج الطَّبريُّ في «التفسير» قصَّة مجيءِ امرأةِ سعدِ بن الرَّبيعِ بابنتي سعدٍ لما استشهدَ، فقالت: إنَّ عمَّهما(2) أخذ ميراثهُما، فنزلتْ آيةُ المواريثِ، وسمَّاها إسماعيلُ القاضِي _في «أحكام القرآن» بسندٍ له مرسل_ عمرةَ بنت حزمٍ. انتهى.
          ورأيتُ في حاشية نسخة من «الفتح» عن شيخنا الحافظِ / أبي الخير السَّخاوي ما نصُّهُ: قد أبعدَ شيخنا في عزو ذلك للطَّبريِّ، مع أنَّه في أبي داودَ والتِّرمذيِّ وابن ماجه وصحَّحه الحاكمُ وغيره. قال: وقد وقفت على تسميةِ الزَّوجة الثَّانية في تفسيرِ مقاتل عند قوله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء}[النساء:34] وأنَّها حبيبةُ بنتُ زيدِ بن أبي زهيرٍ.
          (قَالَ) عبد الرحمن: لا حاجة لي في ذلك (بَارَكَ اللهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ. فَخَرَجَ إِلَى السُّوقِ) وهو سوقُ بني قينقاعَ (فَبَاعَ وَاشْتَرَى) اتَّجر‼ (فَأَصَابَ) أي: ربح (شَيْئًا مِنْ أَقِطٍ وَسَمْنٍ، فَتَزَوَّجَ) بنتَ أبي الحَيْسر، فلقيه النَّبيُّ صلعم في سكَّةٍ من سكك المدينةِ وعليه أثرُ صفرةٍ، فقال: مهيم؟ قال: تزوَّجتُ (فَقَالَ النَّبِيُّ صلعم : أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ) وهي أقلُّها للموسرِ، ولغيره ما قدر عليه، وقال النَّسائيُّ من الشَّافعيَّة: المراد بأقلِّ(3) الكمال شاةٌ لقول صاحب «التَّنبيه»: وبأيِّ شيءٍ أَوْلَمَ من الطَّعام جاز. وقال القاضي عِياض: أجمعوا على أنَّه لا حدَّ لأكثرها، وأما أقلُّها فكذلك، ومهما تيسَّر أجزأَ.


[1] قوله: «أم سعد» ليس في (ص).
[2] في (ص) و(م): «عمها».
[3] في (ب) و(س): «أقل».